خطوة واحدة تفصل المنتخب المحلي عن التأهل لكأس أمم إفريقيا للمحليين 2011 بالسودان، وذلك بعد التعادل المسجل بسوسة أمام المنتخب التونسي (11)، لكن هذه الخطوة في باطنها لا تبدو سهلة رغم حجم نتيجة الذهاب، حيث ما زال هناك شوطا آخر يقتضي التعامل معه بإحتراز كبير حتى لا نسقط في فخ مفاجأة غير سارة. لم يكتب للجمهور المغربي أن يتابع أداء المنتخب المحلي في الذهاب، أن يقف على ما قدمه اللاعبون من مستوى بطولي جعلهم يعودون بنتيجة التعادل الإيجابي، كنا نود أن نرصد الخرجة الأولى للمحليين في حلته الجديدة وحماسه الكبير، لكن الأصداء التي وصلتنا أكدت أن المنتخب المحلي قدم الإشارات الأولى أنه هذه المرة لا يريد أن يترك الفرصة تمر دون أن يؤكد المستوى الحقيقي للاعب المحلي، بلغتنا قتالية اللاعبين وحسن تركيزهم ومقارعتهم الجيدة للنسور، وبلغنا أيضا الأداء الرائع للحارس نادر لمياغري، علما أن المنتخب المحلي كان هو السباق للتسجيل، الصور التي أتتنا أكدت أن المنتخب المحلي عاد بتعادل أكثر من مستحق. أبى المدرب مصطفى الحداوي إلا أن يضع ثقته في نفس التركيبة البشرية التي اعتمدها في مباراة الذهاب، وهو ما يؤكد أنه راهن على الإستقرار والتركيز، وقوة لحمة الأسود وهي إحدى السمات التي يعول عليها مصطفى الحداوي أي ذاك الإنسجام الذي يجب أن يميز اللاعبين فيما بينهم، ولن يكون غريبا هذا الأمر على مصطفى الحداوي الذي يعرف ما الذي يجب أن يكون في عرين الأسود وهو الذي قضى أعواما كثيرة في حمل القميص الوطني ويدرك أن الأجواء التي بإمكانها أن تفتح الطريق للنجاح. الحفاظ على نفس التركيبة البشرية جاء أيضا قياسا بالنتيجة الإيجابية والمشجعة التي عاد بها المنتخب المحلي من سوسة وكذا العرض القوي الذي قدمه اللاعبون، لذلك لم يكن هناك مجال في رأي المدرب أن يدخل تغييرات بحكم الجاهزية المطلقة لجميع اللاعبين. كتب على المنتخب المحلي أن ينتظر طويلا ليدخل محكا حقيقيا هو الأول له، ذلك أن المعسكرات على قلتها عرفت منازلة المحليين بأندية وطنية، حيث استعصى على الطاقم التقني مواجهة إحدى المنتخبات لقياس درجة استعداد اللاعبين وكذا وضع اللاعبين وسط الإختبار الدولي الحقيقي، لذلك تزامنت أولى مبارياتهم مع منتخب أجنبي بمواجهة رسمية والأكيد أن اللاعبين وقفوا على الإختلاف والصعوبة والقوة التي تحفل بها المباريات الدولية، وبغض النظر إلى أن الخرجة الأولى كانت ناجحة فالأكيد أن مصطفى الحداوي ومعه محمد سهيل والوركة قد وقفوا على الإفرازات التقنية لمواجهة الذهاب، ودونوا كل على النقاط سواء السلبية أو الإيجابية، وكذا إمكانيات اللاعبين خاصة وكما أشرنا إليه أنها المباراة الأولى للمحليين منذ استعدادهم مع منتخب أجنبي. حتى وإن كنا نعرف جيدا الكرة التونسية بحكم القرب وكذا النزالات المتكررة مع أنديتها ومنتخباتها، فإن مواجهة الذهاب كانت خطوة أخرى لنقترب أكثر من هذا المنتخب الذي نعرف أيضا أكثر لاعبيه حتى أصبح بالنسبة لنا كتابا مفتوحا، يعرف بدوره جيدا كرتنا وكذا لاعبينا، كما أن طاقمهم بقيادة سامي الطرابلسي قد دون أيضا أهم النقاط، عامل من شأنه أن يجعل المباراة أكثر صعوبة على الطرفين. ناهيك أيضا عن التقارب الذي يميز أسلوب الكرة المغاربية التي تعتمد على المهارات الفنية والتقنيات العالية والتمريرات القصيرة وتجنب الإندفاعات القوية، ثم إن الحوارات المغربية/التونسية غالبا ما كانت تحفل بكل أنواع الندية والإثارة، ما ينذر أن الشوط الأخير من هذا النزال سيكون لا محالة مثيرا. كل شيء يبقى ممكنا، فالتأهل لم يهرب، وكل شيء ممكن في الإياب وبالإمكان التسجيل خارج قواعدنا، كلها عبارات لسامي الطرابلسي مدرب المنتخب التونسي تؤكد أن منتخبه لا زال لم يقل كلمته، وسيحل بالدارالبيضاء بزاد الحماس والعزيمة لانتزاع بطاقة التأهل إلى النهائيات. سامي الطرابلسي أعطى الأسباب التي جعلت فريقه يسقط في فخ التعادل ويسجل نتيجة غير مقنعة، فهو أكد أن النتيجة لا تعكس المستوى الجيد الذي ظهر به لاعبوه بعد أن ضيعوا عدة فرص فضلا عن سوء الإستعدادت أو الإنسجام. والأكيد أن المنتخب التونسي عاش نفس متاعب الإستعدادات التي لم تكن كافية في رأيه على أنه سيعول على عودة ونجومية بعض اللاعبين كأسامة الدراجي وزهير الدوادي اللذين غابا عن مباراة الذهاب. صحيح أن المنتخب المحلي عاد بتعادل ثمين من سوسة ورجح كفته للتأهل إلى النهائيات، لكن سيكون من الخطأ أن ننام في العسل ونعتقد أن التأهل بات في مرمى حجر، ما دام أن المنتخب المغربي قطع فقط نصف الطريق والنصف الثاني لا يعدو أن يكون سهلا من الأول، هو أشد قوة وإثارة وأشد مسؤولية في حملة الإستفادة من تعادل الذهاب. ولا نعتقد أن الطاقم التقني بخبرته وتجربته وإحترافيته سيسقط في فخ التساهل والمغالاة في ثقة نتيجة الذهاب، ولا يقبل أن نضع الأسلحة الكاملة لمجرد أن التعادل السلبي ومن دون أهداف سيرفعنا إلى السودان، لأننا لم نقطع إلا نصف الطريق ثم إن المنتخب التونسي لازال لم يقل كلمته ولا زالت جعبته تحمل الأسلحة لإخراج الأسود حتى وهو يلعب خارج قواعده. قلنا أن الآتي يبقى صعبا، وأن الإياب يبقى هو الشوط الحاسم في تحديد التأهل إلى النهائيات، وأن نتيجة التعادل لا تضمن مطامح الأسود، لذلك سيكون على مصطفى الحداوي وطاقمه أن يضع الأسلوب الناجح لتحقيق الأهم. المنتخب التونسي سيحضر إلى المغرب من أجل البحث عن كل السبل لتجاوز الأسود، وسيكون مطالبا بالتسجيل وهو معطى وسلاح ذو حدين، فبالقدر الذي سنواجه فيه منتخبا تونسيا شرسا ليس لديه ما يخسره وسيلعب الكل للكل، بالقدر الذي سيترك فيه هذا الإندفاع مساحات شاسعة لمحليينا يجب استغلالها من طرف مهاجمينا، خاصة أن من يسجل خارج الأرض بإمكانه أن يعيد نفس الكَرَّة داخل القلاع، ويبقى هذا المعطى الأهم، وذلك بعدم التفكير في نتيجة (00) برغم أنها تضمن التأهل، بل يجب البحث عن تسجيل الأهداف ما دام ذلك سيطمئننا وسنتفادى السقوط في مفاجآت غير سارة، علما أن المنتخب التونسي عودنا على إجراء مباريات في المستوى خارج قلاعه وغير مستعد للتنازل عن حظوظه، ولربما سيكون الضغط على المنتخب المغربي، ضغط الجمهور والأرض وأيضا ضغط النتيجة التي تلعب لصالح الأسود. هو نداء موجه للجمهور من أجل مساندة اللاعبين في حملة تأهلهم إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا بالسودان، حتى تتواصل ملحمة سوسة التي بدأت ناجحة، ونتمنى أن تنتهي أيضا ناجحة، ولأن دور الجمهور يكون حاسما في مثل هذه المباريات، فالمطلوب إنزال جماهيري كبير بملعب مركب محمد الخامس، ولا نعتقد أن جماهير الدارالبيضاء وغيرها من المدن القريبة ستضيع الفرصة لمتابعة المواجهة المغاربية القوية، وكذا تأكيد أنها دائما وراء الأسود، خاصة أن المحليين هم بحاجة إلى الدعم والمؤازرة وإلى كل أنواع التشجيع، بل إن الكرة المغربية هي على العموم بحاجة إلى متنفس يذوب الإخفاقات المتتالية التي عرفتها مؤخرا ويعيد هيبتها، فلنا إذن كل الثقة في محليينا لبلوغ النهائيات بالسودان.