مهند بنعبيشة وسنوات ضياع فيربيك منذ فترة طويلة وبعض الباحثين يحاولون التفتيش عن المكان الذي تستوطنه العفاريت في بناية الجامعة والذي تسبب لكرة هذا البلد في كثرة الإخفاقات وإدمان الهزائم. نفس الباحثون والفضوليون أجروا كل المعادلات الحسابية الممكنة، في محاولة يائسة لإيجاد الرقم المجهول المتسبب لمنتخباتنا الوطنية في بئس المصير الذي تنتهي إليه كلما دخلت مسابقة أو جربت حظها في تظاهرة ما.. إستبدل الرئيس علي الفاسي الفهري مرافقي الفريق الوطني، واستبدل منظمي المباريات وغير مفاتيح مستودعات الملابس، وكل هذا للإهتداء «للصكع» الذي تتبعه تابعة النحس ويلف الشؤم ناصية قدميه. الجامعة من حقها الآن أن تعقد جمعها العام وهي مرتاحة بعد الأسبرين الجديد الذي ستتم إذابته في كأس الجمهور، ليبلع مرارة الهزات السابقة والتي بلغت أرقاما غير مسبوقة في السنوات الأربعة المنقضية. الفتح المبين الذي حققه فريق حسن بنعبيشة في بلاد الأناضول والإنجاز الكبير الذي تأتى للأشبال وهو في حضرة العثمانيين، سيفتح شهية أكثر من شخص ليتبناه وأكثر من مسؤول ليخرج من جحره ليقول أنا الذي أضأت شمعة هذا الفريق في سرداب المعسكرات، وأنا الذي أمليت على حسن باستدعاء الخلوة والنفاتي، وأنا الذي أشرت على بنعبيشة بالخطة وغيرها من الهرطقات التي يخرج أصحابها حين يصعد منتخب من المنتخبات منصة البوديوم.. لا هذا ولا ذاك.. وإذا كان المتعوس فيربيك قد وضع يده في كل المنتخبات الوطنية والفئات العمرية ولم نجن من وراء بركته غير الإخفاقات والهزائم، فإنه يحسب لبنعبيشة أنه حصن منتخبه هذا من نحس الهولندي وجنبه بالسبع المثاني والمعوذتين أن يتشارك معه في إخراجه من الرحم.. يد القابلة التي ظل يؤمن بها فيربيك داخل كل المنتخبات التي تسببت في إخراج أكثر من مولود أعوجا ومشوها، من المنتخب الأولمبي الذي ترك خلفه ضبابا كثيفا أكبر من الضباب الإعتيادي في لندن في رمضان السنة المنصرمة، لغاية منتخب أقل من 17 في كأس العرب وانتهاء بحكاية وصايته على منتخب نفس الفئة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالإمارات وكيف أنه زاحم الإدريسي. بنعبيشة الذي كان بارعا وقشاشا كبيرا في ملاعب الكرة وسقاء من الطراز العالي وهو ما يجهله فيربيك عن تاريخه، وبنعبيشة الذي ولد فنانا في قلعة الوداد وموزعا من العيار العالي الذي نفتقده هذه الأيام في الملاعب الوطنية، كان ذكيا وفطنا لذلك إنتبه مبكرا لمقالب فيربيك الذي يجيد أكل الغلة حين تستوي على نار يشعلها ويتحمل صهدها غيره.. ما لا يعرفه الكثيرون هو كون بنعبيشة تصدى مبكرا لغارة فيربيك ومنعه من أن يملي عليه فتاويه بخصوص الطاقم الذي سيرافقه على رأس هذا المنتخب، وجعل وصاياه خلف ظهره وقطع «الهبرة» منذ اليوم الأول وهو ما أدخل صديقنا الهولندي «جواه» في واحدة من المرات القليلة التي يحني من خلالها الرأس والسنطيحة.. الفريق الوحيد الذي لم يتابعه أو يتبعه فيربيك هو الذي توج بالذهب المتوسطي وهو الذي فاز بكل المباريات، لذلك لا يمكن لهذا العبقري الذي مارس هوايته في محو أميتنا الكروية كما ينبغي طوال السنوات التي قضاها بيننا، أن يتبنى ما ليس من باكورة إنتاجه.. الخلوة والنفاتي والسعيدي وبقية صناع القلادة المتوسطية من أبناء المهجر أو من لاعبي البطولة لا يد لفيربيك في صناعتهم.. وحده بنعبيشة من يعرف أدق التفاصيل عن إبداعاتهم ووحده بنعبيشة من تابع خطوهم وحبوهم حتى أصبحوا بشخصية الفريق البطل الذي ذكرنا بالذي كان قبل 30 سنة. أما رجال الجامعة فالجميع يعلم أن بنعبيشة ظل يلهث خلف إجراء مباريات ودية بالتقسيط المريح لهذا المنتخب لإعداده للدورة المتوسطية، وظل يكاتب الكاتب العام مرارا وتكرارا لضمان معسكر ببوسكورة أو في إحدى الغابات وحتى و لو اقتضى الأمر بمحاذاة شاطئ من الشواطئ.. المهم أن يستعد الأشبال للموعد الذهبي.. رجل واحد يعرفه بنعبيشة جيدا وهو يعرف نفسه أيضا من كانت له يد بيضاء على هذا المنتخب، بجانب بنعبيشة كان عضو جامعي يؤمن كثيرا بقدرة هذا الفريق على تطويق عنقه بالذهب، أما البقية فانشغلت بحلم تانزانيا ووهم غامبيا ومرافقة وفود الفيفا في مراكش.. شكرا بنعبيشة لأنك إنتظرت لغاية شعبان لتطرد الشيطان الذي ظل يمارس غوايته على المنتخبات الوطنية.. وشكرا لأنك لم تنتظر لغاية رمضان، حيث تصفد عادة الشياطين لتزف للمغاربة فرحة نسوا مذاقها ونكهتها من كثرة إدمان الفشل.. شكرا لملحمة أطلت من تركيا ومعها أطل أكثر من مهند ينتظره المنتخب الأول بعد سنوات ضياع كثيرة..