تخوض اسبانيا كأس القارات لكرة القدم التي تستضيفها البرازيل من 15 الى 30 يونيو كمقدمة لمونديال ,2014 وهي كما جرت العادة في رأس قائمة المنافسين على اللقب لاحراز رباعية تاريخية رغم السقطات السابقة. وتخوض اسبانيا البطولة هذه المرة ليس كما في جنوب افريقيا عام 2009 عندما شاركت بروح بطل اوروبا (2008), وانما بمعنويات بطل اوروبا مرتين (2008 و2012) والعالم ايضا (2010). وبات اليوم من الصعب على اي كان ان يتخيل ان اسبانيا تلقت اشد الانتقادات بسبب عجزها عن التألق في المنافسات الكبرى عل مدى اربعة عقود, قبل ان تسيطر سيطرة مطلقةودون منازع في السنوات الخمس الاخيرة توجها الاسبان بثلاثة القاب فصححوا التصويب, ونجح رجال فيسنتي دل بوسكي في كسب كل ما يمكن كسبه. لكن الخزائن الاسبانية وسجل الجيل الذهبي الحالي ما زالت تفتقر الى كأس القارات, وقد اخفق المنتخب في محاولته الاولى في جنوب افريقيا 2009. وكانت اسبانيا قبل 4 سنوات مرشحة فوق العادة وبشكل مطلق لاحراز اللقب, لكن سلسلة نجاحاتها في 35 مباراة لم تذق فيها طعم الهزيمة توقف بشكل مفاجىء في نصف النهائي على يد الولاياتالمتحدة حين خسرت صفر-,2 ومرة جديدة يصل الاسبان الى البرازيل كأكبر المرشحين للتتويج دون ان يدري ماذا ينتظرهم هناك. ومنذ ان بدأ الاشراف على المنتخب بعد فوزه بكأس اوروبا 2008 مع "العجوز" لويس اراغونيس, لم يجر دل بوسكي كثيرا من التغييرات وانما حافظ على العمود الفقري للتشكيلة التي اعتمدها سلفه خصوصا الاسماء الكبيرة مثل الحارس ايكر كاسياس وصانع الالعاب تشافي هرنانديز والمهاجم دافيد فيا الذين بلغوا او جاوزوا الثلاثين من العمر, وهو العارف تماما ان عليه ان يتحول نحو المستقبل. واصبح تركيز دل بوسكي على خط الوسط الذي كان موضع تساؤل في الفترة الاخيرة مع وجود في هذا الخط سباعي موهوب جدا بعدد نجوم الثريا يقدم اسلوبا نوعيا يعتمد على التمريرات السريعة والقصيرة وقدرة استثنائية على الاحتفاظ بالكرة, لكن هذا الاسلوب بات اقل فعالية من السابق. وتوضح تصفيات مونديال 2014 رغم احتلال اسبانيا لصدارة المجموعة التاسعة برصيد 14 نقطة هذا التحول: فوز كبير واحد (على بيلاروسيا) وتعادلات على ارضها (مع فنلندا وفرنسا) وانتصارات هزيلة خارج قواعدها (على جورجيا وفرنسا). ولا يوجد اي سبب يدعو الى القلق, لكن لا يمكن ان تقارن هذه المحصلة مع النتائج في تصفيات مونديال 2010 حيث حقق منتخب اسبانيا 10 انتصارات متتالية سجل خلالها 28 هدفا. ويستطيع دل بوسكي الاستفادة من كأس القارات في تجربة خيارات عدة مختلفة رغم علمه المسبق بان انصار المنتخب يريدون باي ثمن ان يعود الجيل الذهبي من البرازيل بالكأس الوحيدة التي لم يعانقوها من قبل. نجوم من المنتخب يعتبر جميع لاعبي المنتخب الاسباني نجوما الا ان بعضا منهم يتميز عن الاخر وفي طليعتهم حارس ريال مدريد ايكر كاسياس ولاعبا وسط برشلونة تشافي هرنانديز واندريس انييستا. كاسياس يتميز كاسياس بحركته وخفته وردات فعله الصحيحة والسريعة ورباطة جأش لا جدال فيها ما يساعده على حرمان المنافسين من تسجيل الاهداف واستحق ان يكون قائدا للمنتخب بعد رحيل "الرمز" راوول غونزاليز, لكن مركزه اساسيا في كأس القارات ليس مضمونا بعد ابعاده عن التشكيلة في الاشهر الاخيرة من قبل مدرب ريال مدريد السابق البرتغالي جوزيه مورينيو. خاض كاسياس اكثر من 140 مباراة دولية وكان له شرف ان يرفع الكؤوس الثلاث التي احرزها المنتخب (اوروبا 2008 و2012 ومونديال 2010). ورغم انه انزل الى الصف الثاني مع ريال مدريد بقرار من المدرب البرتغالي الراحل عن الفريق, وغيابه عن Bخر مباراتين في التصفيات المؤهلة الى نهائيات مونديال 2014 في البرازيل بسبب كسر في احد اصابعه, يبقى كاسياس قائدا لمنتخب اسبانيا وينوي قيادته الى احراز الكأس التي لم يحققها هذا الجيل الذهبي. تشافي يعتبر تشافي قائد الاوركسترا الاسبانية الحقيقي في وسط الملعب, ويتميز بموهبة التمرير الدقيق ما يجعل منه حجز الزاوية في التشكيلة سواء على صعيد المنتخب او على صعيد فريقه الكاتالوني. ويشكل التعاون بين تشافي وانييستا شرطا اساسيا لنجاح المنتخب, ويستطيع الاول اثارة الاعجاب بقوة ركلاته في التسديدات البعيدة او تنفيذ الكرات الثابتة. انييستا اصبح انييستا بطلا لامة باكملها بعدما سجل الهدف الوحيد في مرمى هولندا بعد التمديد في نهائي مونديال 2010 في جنوب افريقيا, وهو يجيد الاختراقات وفتح الثغرات خصوصا في المناطق الدفاعية للخصم من خلال موهبته في ترويض الكرة والتلاعب بالمدافعين ثم التمرير الحاسم في معظم الاحيان. وتجعل موهبة انييستا وطيبته من هذا اللاعب مثالا يرغب كل مهاجم بالاعتماد عليه, ويبدو ذلك واضحا في برشلونة وتحديدا مع النجم الارجنتيني ليونيل ميسي. المدرب انتخب فيسنتي دل بوسكي مدرب العام 2012 من قبل الاتحاد الدولي (فيفا) بعد فوزه بكأس اوروبا التي نظمتها بولندا واوكرانيا, ويبدو الرجل مصمما على احراز الكأس القارية واضافتها الى رصيد المنتخب الذهبي. ويعتبر دل بوسكي وفيا لشهرته كأفضل قائد للرجال والتي سمحت له بتحقيق انجازات جمة مع ريال مدريد, واستطاع بالتالي ان يبقي المنتخب الاسباني الموهوب في القمة خلال 5 سنوات وكذلك في صدارة التصنيف العالمي من خلال زيادة الاحترافية والتجديد في التشكيلة دون المس بجوهر فلسفته التي تعتمد على التمريرات القصيرة والالعاب المشتركة حتى الوصول الى منطقة الخصم وهز شباكه.