رغم أنه أكبر لاعبي الفريق الوطني سنا، إلا أنه ما يزال يحافظ على كامل الرشاقة والخفة، ويؤدي أدواره بالكثير من التوهج والسخاء، ويتفوق في السرعة واللياقة على من يصغرونه بعقد ونيف. امبارك بوصوفة الذي أكمل 12 سنة من المسار الدولي مع الأسود، خرج للتو من الرحلة الإكتشافية للأجواء العالمية، حيث تقمص دور البطولة في وسط الميدان ليصاقر نجوم العالم بكل إتقان، ويؤكد للمغاربة أنه كلما يشيخ كلما يزداد كرما وعطاء. إبن مدينة كلميم يروي ل «المنتخب» بعد نهاية المونديال كيف عاش القصة، وماذا إستفاد منها والألم الذي تذوقه فيها، إلى جانب عدة مواضيع تخصه وتخصه غيره. - المنتخب: بداية ما شعورك وأنت تغادر المونديال من مرحلة مبكرة؟ بوصوفة: حزين وسعيد في نفس الوقت، حزين لأن مقامنا كان قصيرا بالبطولة وخروجنا لم يكن مستحقا، وسعيد بعدما قدمنا أداء رائعا وأمتعنا العالم وتم إقصاؤنا برأس مرفوع، كانت هناك الكثير من المشاعر والأحاسيس المتباينة قبل وأثناء وبعد المونديال، وعموما فالشعور بالفخر والإعتزاز هو المهمين على بقية المشاعر السلبية والحزينة. - المنتخب: هل يعتز ويفتخر الناس بالإقصاء؟ بوصوفة: نعم، إن كان الإقصاء إضطراريا وفوق الطاقة وبعوامل خارجية فهو يلبس ثوب الفخر والأنفة والكبرياء، وهذا ما حدث لنا في روسيا، إذ تم إقصاؤنا من طرف التحكيم لأنهم أرادوا خروجنا، ولم يرغبوا في تحقيقنا للمفاجأة في المجموعة الثانية التي كانت تضم إسبانيا المرشحة للتتويج بالكأس والبرتغال بنجمها كريستيانو رونالدو، فرغم أننا كنا الأفضل والأحسن بين المنتخبات الأربعة بشهادة وإعتراف الخصوم بأنفسهم، إلا أن الأجود والأمتع لم يتجاوز الدور الأول وتذيل المجموعة بنقطة واحدة. - المنتخب: من تقصد بأولئك الذين أرادوا خروجكم؟ بوصوفة: لا مجال للدخول في الإتهامات المباشرة وصب الزيت على النار، لقد كانت هناك نوايا لمساعدة البرتغال وإسبانيا على الخصوص ليتأهلا للدور الثاني، وبالتالي فمن يحاول مضايقتهما وإسقاطهما لن ينجح بفضل التحكيم الذي يقف إلى جانبهما، فلو كان العدل والإنصاف لربحنا 6 نقاط ضد هذين المنتخبين، ولكُنا حاليا نناقش حظوظنا في ثمن النهاية. - المنتخب: التحكيم سبب الإقصاء؟ بوصوفة: بلا أدنى شك، فما معنى أن يتغاضى الحكم عن ضربتي جزاء ضد البرتغال ويحتسب هدفا بعد حركة لا رياضية ضد أحد لاعبينا، وكيف يحرم حكم آخر الفريق الوطني من ضربة جزاء أمام إسبانيا وينرفز الكل بالإنذارات والإستفزازات، ثم في الوقت بدل الضائع يحتسب هدفا مثيرا عبر تقنية الفيديو ليحرمنا من الإنتصار، الأمور كانت واضحة والأسود لعبوا ضد الخصوم والحكام والنتيجة مستحيل أن تكون إيجابية في ظل ميل الحكم لجهة على حساب جهة أخرى.» - المنتخب: الفيفا دافعت عن التحكيم وقالت أن قرارات الحكام كانت صائبة وإحترافية، كما نوهت بالحكم الأمريكي غيغير ونفت أن يكون قد طلب قميص رونالدو كما زعم زميلكم نور الدين أمرابط.. بوصوفة: الفيفا لن تكون إلى جانبنا ولا يمكنها أن تكون طرفا وحكما في نفس الوقت، فهي من تعين الحكام وهي من تهندس البطولة وترسم خطوط طولها وعرضها، والإحتجاج ضدها إهدار للوقت فقط، إذ كان الإتحاد الدولي قد برّأ الحكام وأصدر بلاغات للتكذيب والإشادة، فالعالم لا يكذب والصحف والرأي العام الدولي شاهد المجازر التحكيمية التي ارتُكبت ضدنا، للأسف صوتنا غير مسموع ولا نملك قوة ضاربة تهز العالم وتأخذ حقها بيدها. - المنتخب: كان هناك جدل شديد بخصوص تقنية الفيديو التي لم تعط للأسود حقهم، بل كانت ضدهم هي الأخرى؟ بوصوفة: جميع العوامل الخارجية تكالبت لنخسر المباريات ونغادر التظاهرة، فغابت عنا الفعالية وخاننا الحظ، ووقف الحكام في طريقنا ودخلت الفيفا في شد حبل ورسائل وردود معنا، لقد كنا في فوهة النار وصعُب علينا مقاومة كل هذه الظروف، الشيء الوحيد الذي كان إلى جانبها هو الجمهور الرائع الذي حضر بأعداد قياسية وقلوب المغاربة التي صاحبتنا في هذه المغامرة الجميلة والتاريخية. - المنتخب: لم تجبن عن تقنية الفيديو، ما الذي جرى بالضبط مع حكمي مباراتي البرتغال وإسبانيا بخصوص هذه التكنولوجيا الجديدة؟ بوصوفة: أولا نحن ليس من حقنا أن نتدخل في الحالات المشكوك في صحتها، لأن الحكم الرئيس هو من يطالب بإعادة مشاهدة اللقطة أو الحكم الخامس المكلف بالفيديو والذي يتدخل ويطلب من الحكم الأول العدول عن قراره إن أخطأ، ضد البرتغال نبهنا الحكم أن رونالدو سجل هدفا بالرأس بعد خطأ واضح قام به بيبي ضد بوطيب، لكنه إلتزم الصمت ولم يرغب في القيام بشيء، ثم طلبنا منه منحنا حقنا فقط والإستعانة بالفيديو خصوصا حينما تمت عرقلة أمرابط وبوطيب، إلا أن الحكم كان واثقا من قراراته ولم يشأ طلب إعادة رؤية الصور عبر الشاشة الصغيرة، نحن نحتج فقط، لكن لا يمكن أن نتدخل ونفرض الفيديو حسب قوانين الفيفا التي تمنح كامل الصلاحية للحكام، صراحة هذه التكنولوجيا مثيرة وغير واضحة وتُستعمل بشكل سيء وغريب يدعو لتغيير نمط العمل بها، فعوض أن تصلح الأخطاء التحكيمية زادت من تفاقمها. - المنتخب: وضد إسبانيا ماذا وقع؟ بوصوفة: الحكم الذي قاد مبارتنا ضد إسبانيا كان متشنجا ضدنا ويوزع البطاقات الصفراء فور أي تدخل بسيط ومن الوهلة الأولى، عكس الإسبان الذين قاموا بتدخلات خشنة أحيانا كما فعل بيكي ولم ينالوا شيئا، هذا الإنحياز أقلق اللاعبين الذين إستغربوا كيف لمنتخب عملاق ورهيب يساعده التحكيم، طالبنا بضربة جزاء فجاء الرفض وقلنا للحكم أن يعيد مشاهدة اللقطة بالفيديو إلا أنه رفض هو الآخر، قبل أن يجلدنا ويوجه لنا الضربة القاضية في الوقت بدل الضائع، بإحتساب هدف للإسبان منحهم التعادل وحرمنا من الإنتصار، والأسوأ أن الفيديو أثبت صحة الهدف وهو متفق عليه، لكنه لم يعاين أين نُفذت الركنية وأين خرجت الكرة، شيء مضحك حقا في بطولة عالمية كهاته أن يرى «الفار» أشياء وتغيب عنه أشياء أخرى، عن قصد أو سهو لا أعلم، كل ما أعرفه أن الحكام كانوا منذ البداية ضدنا ولم يلعبوا دور الحياد، وصافرتهم كانت ظالمة ومجحفة.