كانت الجماهير المغربية على حق عندما استغلت مباراة المنتخب الوطني ضد نظيره الإسباني بملعب كالنينغراد، لترفع شعارات منتقدة للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وتقنيتها الجديدة التي يطلق عليها "فار" (VAR)، والتي تبين أنها تحولت من محاولة لتصحيح الأخطاء إلى سلاح للاستعمال عند الحاجة فقط أو التحكم في توجيه النتائج في اتجاه معين. ولبت الجماهير المغربية نداء أطلقه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، والذين طلبوا برفع لافتات وحمل شارات سوداء وأخرى تحمل عبارة "تقنية الفيديو ليست إفريقية" احتجاجا على "الظلم التحكيمي"، ورفض الحكم الأمريكي طلب لاعبي المغرب اللجوء إلى تقنية الفيديو في عدة حالات مثيرة. وقد وصل الأمر الى اتخاذ مسؤولي (الفيفا) قرارا يقضي بطرد المشجع المغربي ياسين عميري من ملعب كالنينغراد، وذلك بسبب ارتدائه قميصا ينتقد فيه الظلم التحكيمي الذي تعرض له "أسود الأطلس" خلال مباراة البرتغال، بسبب تقنية "فار". فقد أجبر هذا المشجع المغربي القادم من الولاياتالمتحدةالأمريكية خصيصا لتشجيع منتخب بلاده، على الخروج من الملعب، بعد أن رفض انتزاع قميصه الذي كتب عليه عبارة: "تقنية الفيفا ليست مخصصة لإفريقيا، عيب عليك فيفا.. عذرا المغرب"، والأكثر من ذلك أمضى حوالي ساعة ونصف، بمخفر الشرطة قبل أن يطلق صراحه بعد أن تم استجوابه. والحالات التي تعرض خلالها المنتخب المغربي للظلم التحكيمي كانت واضحة ومتعددة في المقابلات الثلاثة التي خاضها خلال الدور الأول، واستدعت بالفعل الاحتجاج بشكل حضاري من طرف الجمهور المغربي، كما حدث بملعب كالنينغراد. فخلال المباراة الأولى ضد ايران لم يستعمل الحكم التركي كونيت شاكير تقنية الفيديو "فار"، كما أظهر تساهلا غريبا مع التدخلات العنيفة والقوية للإيرانيين، مع عدم إشهاره للبطاقات، خصوصا في حالات تعرض مبارك بوصوفة لتدخلات خشنة، كاستراتيجية طبقها المدرب البرتغالي كارلوس كيروش الذي فهم أنه مفتاح عمليات المنتخب المغربي، وهنا يمكن أن نضيف -والجميع تابع ذلك على المباشر- التدخل الخشن لاحد لاعبي أمرابط ضد نور الدين أمرابط، بضربة رأسية أفقدته الوعي وتعرضه على إثرها لارتجاج في المخ، ومع ذلك لم يعلن عن ضربة خطإ، ولم يوجه إنذارا للمعتدي في المباراة الثانية كان الظلم أفظع، بعد أن تغاضى الحكم الأمريكي مارك غيغير عن عدة أخطاء لصالح المنتخب المغربي، كان من الممكن -لو أقر بها- أن تغير نتيجة المباراة لصالح "أسود الأطلس"، خاصة في ثلاث حالات داخل منطقة الجزاء، ورغم ذلك لم تستعمل تقنية "فار" من طرف الحكم، رغم مطالبة الناخب الوطني هيرفي رونار الحكم المساعد باللجوء للفيديو قصد التأكد من صحة هذه الحالات من عدمها، حيث أكدت العديد من القنوات التلفزية الدولية من خلال إعادة بث للحالات وجود ضربتي جزاء واضحتين لصالح المغرب. كما أن عددا من المحللين أقروا بوجود خطإ متعمد ضد خالد بوطيب من طرف المدافع البرتغالي بيبي سبق تسجيل هدف كرستيانو رونالدو، إذ حال دون قطع الكرة قبل بوطيب داخل المربع وصولها نحو الهداف البرتغالي الذي حولها برأسه في مرمى الحارس منير المحمدي. خلال مباراة البرتغال لم يطلب الحكم الأمريكي استعمال تقنية الفيديو، بينما تم اللجوء إليها في العديد من المباريات منذ انطلاق المونديال حتى قيل بأن اعتماد هذه التقنية الدخيلة على كرة القدم يستعمل فقط من أجل دعم الفرق المختارة، وعوض أن تفتح (الفيفا) تحقيقا دقيقا في كل هذه الخروقات التي شهدتها مباراة المغرب ضد البرتغال، وما جاء في تصريحات أمرابط من إعجاب الحكم برونالدو وطلبه لقميص اللاعب، سارعت ودعمت الحكم وفندت كل الادعاءات، والمبرر الوحيد الذي قيل حول النازلة بأن تقنية "فار" تعطلت في هذه المباراة بالذات دون غيرها. خلال المقابلة الثالثة الذي قدم خلالها المنتخب المغربي واحدا من أجمل مبارياته طيلة مشاركاته بالمونديال، حرم أصدقاء العميد بوصوفة من انتصار مستحق، رغم العرض الجميل والأهداف الرائعة، ففي اللحظات الأخيرة من عمر المباراة، تمكن الإسبان من خطف تعادل غير مستحق، بعد أن سجل هدف التعادل عن طريق الاحتياطي إياغو أسباس الذي حول عرضية أرضية من داني كارفاخال بالكعب في شباك المحمدي، وبعد إعلان الحكم المساعد الثاني عن وجود حالة تسلل، لجأ الحكم الرئيسي إلى الفيديو، ليتراجع عن قراره الأول ويقر بمشروعية هدف التعادل ل "لاروخا" في الدقيقة 93، مع العلم أن العملية التي جاءت منها الزاوية التي لعبت في الجهة اليمنى، خرجت خلالها الكرة من الملعب وفي الجهة اليسرى، ورغم ذلك لم يتم اللجوء الفيديو التأكد من صحة العملية. ومن شدة الغبن الذي شعر به المغاربة جميعا جراء ما يعتبر بحق ظلما وتحيزا مفضوحا نزل رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، لأرضية الملعب بعد نهاية مباراة إسبانيا للاحتجاج على الحكم، وتبين من خلال الصور التي ظهرت على الشاشات أن رئيس الجامعة كان يستفسر عن سبب عدم اعتماده لتقنية الفيديو بالنسبة للمغرب على غرار ما حدث مع المنتخب الإسباني وغيره من المنتخبات التي تبدو مفضلة من طرف أجهزة (الفيفا)، كما احتج اللاعبون للسبب نفسه، إذ ظهر أمرابط أمام الكاميرا، وهو يشير لتقنية الفيديو والظلم الذي تعرض له المنتخب المغربي بسببها. نفس الأمر بالنسبة لنبيل درار الذي أدلى بتصريح ناري بعد نهاية المباراة، موجها انتقادات حادة للتحكيم و(الفيفا) واتهامها بالميز وخدمة أجندة المنتخبات الكبيرة على حساب نظيرتها الصغيرة، وقال "إسبانيا سرقت نقطتين، والتحكيم حرمنا من التأهل، والفيديو ضدنا وليس معنا، وتقنية "فار" للكبار فقط، أما نحن الصغار فعليهم الصمت وعدم الاحتجاج." وتابع درار "لم يكونوا يريدون سماعنا وإنصافنا، نغادر المونديال بسبب الحكام لأنهم السبب في الخسارة ضد البرتغال والتعادل أمام إسبانيا، هناك مصالح وجهات تخدم وتدفع المنتخبات الكبيرة وتدوس على رؤوس المشاغبين والمشاكسين من المنتخبات الصغيرة ونحن منها". تصريحات قوية واحتجاجات تشن ضد جهاز (الفيفا) تشكك فعلا في مصداقية تعامله المفروض أن يكون على قدم المساواة مع كل الدول، وليس بطريقة انتقائية مجحفة وغير عادلة بالمرة. أنهى إذن المنتخب المغربي مشاركته في مونديال روسيا، بالتعادل مع إسبانيا بنتيجة 2-2 في مباراة الجولة والأخيرة من الدور الأول، حيث اكتفى "أسود الأطلس" بنقطة واحدة في المركز الرابع، فيما تأهل المنتخب الإسباني محتلاً المركز الأول بخمس نقاط، مع المنتخب البرتغالي بنفس الرصيد. رتبة لا تبدو نهائيا عادلة ولا منصفة بالمرة بالنسبة لمنتخب قدم كرة جميلة، منتخب تعرض للظلم ولم ينصف لا من طرف الحكام ولا من طرف جهاز (الفيفا)، والإيجابي أن المنتخب المغربي نال إعجاب كل عشاق كرة القدم كفن ومتعة وليس حسابات تجارية محضة، وربح تعاطف العالم. وكل من يرى الأمور برؤية عادلة غير متحيزة، فمن حق المغرب أن يحتج وأن يطالب بالتعامل المنصف ورفض كل تحيز سافر يضرب في الصميم ضد كل القيم والمبادئ السامية التي تنادي بها الحركة الأولمبية الدولية. مبعوثا بيان اليوم إلى روسيا: محمد الروحلي- أحمد عقيل مكاو