لأنه صنع حدثا لذاته بأن حظي بشرف تأهيل منتخب وطني لنهائيات كأس العالم لأول مرة في مسيرته كمدرب، وهو الذي نجح في إحراز اللقب القاري مرتين، ولأنه أيضا صنع حدث تأهيل أسود الأطلس لمونديال غابوا عنه لعشرين سنة كاملة، فإن الفرنسي هيرفي رونار لا يستطيع تحديد مقدار السعادة التي تنتابه منذ اللحظة التي أعلن فيها الحكم الغامبي غاساما عن نهاية النزال التاريخي أمام فيلة كوت ديفوار بفوز أسود الأطلس وتأهلهم لمونديال روسيا. سعادة غامرة تعبر كل الأحاديث الصحفية التي خص بها الساحر الأبيض صحافة بلاده فرنسا، والتي اخترنا منها للأهمية، ذاك الذي أجراه مع مجلة «سوفوت». حوار يجوب بالطول والعرض الأشهر 18 التي قضاها رونار على رأس الفريق الوطني وتحقق خلالها ما لم يتحقق مع كثيرين قبله.. - ماذا كان يمثل لك المغرب كرويا، قبل مجيئك؟ رونار: فريق بمواهب فردية كثيرة، وهذا السؤال الذي كنت أطرحه على الكثيرين، «لماذا لا يحقق هذا الفريق بفردياته الكثيرة والرائعة نتائج جيدة منذ وقت طويل؟». لقد طرحت هذا السؤال على اللاعبين بمجرد وصولي للإشراف على المنتخب المغربي: «لقد مر عليكم مدربون كبار مثل إريك غيريتس، فلماذا لا تسير الأمور بشكل جيد؟» - وبماذا أجابوك؟ رونار: لقد طرحت عليهم السؤال، من دون أن أنتظر منهم إجابة، (مبتسما) الإجابة كانت عندي، لقد أردت أن أقول لهم بأن الخطأ ليس دائما خطأ المدربين الذين أشرفوا عليهم، وأنه بات من الضروري أن يعوا حقيقة ما هم فيه، لقد أفهمتهم أن عليهم أن يحترموا قواعد ضبطتها معهم، وأن الحصول على نتائج جيدة يفرض اتباع التعليمات وبعدها كل شيء سيسير في الإتجاه الصحيح. - بوصولك للإشراف على المنتخب المغربي، هل شعرت بأن هناك حماسا جماهيريا معبر عنه من المغاربة؟ رونار: شعرت أن ذلك الحماس كان خفيفا، بل في لحظات قلت مع نفسي أن هناك قلة احترام للقبين الإفريقيين اللذين حققتهما، كان لدي إحساس من خلال بعض التعليقات على أنني لم أفعل شيئا في السابق. اليوم يظهر لي أن من انتقدوني بقوة قبل سنتين أو قبل سنة، ربما صعدوا فوق الموائد ليرقصوا فرحا بعد مباراة كوت ديفوار (ضاحكا). - بمجيئك للمغرب، كان الهدف الأول هو التأهل لكأس إفريقيا للأمم 2017، وهي المهمة التي أنجزت، بعدها وخلال النهائيات وبرغم اللعب الجذاب، خرج المغرب من ربع النهاية بخسارة أمام مصر، هل راودك الشك وقلت أن المشروع فشل؟ رونار: لا أبدا، لا بد من التذكير بأننا لعبنا تلك الكأس الإفريقية في ظل الكثير من الغيابات، بالمقارنة مع التشكيل الذي واجه المنتخب الإيفواري، غاب عنا في «الكان» كل من بلهندة وزياش وحكيمي وأيضا أمرابط، وهؤلاء أضافوا لنا أشياء كثيرة، بخاصة على المستوى الهجومي. خلال نهائيات كأس إفريقيا اشتغلنا بالوسائل التي كانت متوفرة لنا، وبرغم أننا كنا متحفزين، إلا أننا لم نستغل جيدا كل فرص التسجيل التي أتيحت لنا، أعتقد أنه كان بمقدورنا خلال هذه «الكان» أن نحقق أفضل مما حققناه لو كنا أكثر نجاعة هجوميا. - خلال نهائيات «الكان» كان هناك غائب، جرى الحديث عنه أكثر من الآخرين، الأمر يتعلق بحكيم زياش الذي لم تضمه للائحة، ما شكل صدمة للجماهير، التي آخذتك على ذلك، كيف مرت المصالحة بينكما؟ رونار: مع حكيم كان المشكل، مشكل رجل مع رجل، من ساعدني على حل هذا المشكل هو رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السيد فوزي لقجع، الذي لعب بشكل رائع دور الوسيط، ومن اللحظة التي تحدثنا فيها، نسيت كل شيء، أنا لست حقودا، أنا هنا لأشكل أفضل فريق مغربي ممكن بقناعاتي، أعجب ذلك الآخرين أم لم يعجبهم، بعد أن اقتنعت أن حكيم زياش بحالة ذهنية مختلفة وسيقدم لي أشياء كثيرة، لم يكن لدي أي مشكل للمناداة عليه. - خلال تصفيات كأس العالم، حقق المنتخب المغربي إنجازا بأن لم تتلق شباكه أي هدف، هل الدفاع هو أكثر مجال اشتغلت عليه؟ رونار: نحن نشتغل بشكل شمولي، خطتنا تتأسس بالخصوص على استرجاع الكرة بأسرع وقت ممكن، لأنه في اللحظة التي ننجح في ذلك يكون بمقدورنا صناعة الفارق. ثم إن مناعتنا الدفاعية تدين بالكثير للأظهرة حكيمي ودرار اللذين يجيدان التحول من الناحية الدفاعية للناحية الهجومية، لقد كانا رائعين في كل النزالات الثنائية أمام كوت ديفوار. - لا يمكن أن ننسى أيضا عودة المهدي بنعطية، الذي كان قد علق ذات وقت مسيرته الدولية؟ رونار: المهدي هو القائد، هو العميد وهو اللاعب صاحب الخبرة الطويلة، هو من يوصل الرسائل، إنه بمثابة مدرب على أرضية الملعب. لقد بحثت عنه وعملت على إقناعه بالعودة لأنني كنت بأمس الحاجة إليه، كان أمرا حتميا أن يتواجد المهدي معنا في هذه الفترة بالذات ليساعدنا على التأهل لكأس العالم، ثم لا ننسى الشراكة التي أسس لها مع رومان سايس والتي أثمرت أشياء جيدة، لقد أصبحا معا بتكاملية كبيرة، ولا يجب أن ننسى مروان داكوسطا الذي كان فعالا في «الكان» الأخير عندما لعبنا دفاعيا بثلاثة. لنا 3 لاعبين في وسط الدفاع بمستويات عالية، وهناك لاعبون آخرون لا يقلون عنهم جودة. - منذ مجيئك، العديد من اللاعبين من ذوي الجنسيات المزدوجة إختاروا اللعب للمغرب، مثل أشرف حكيمي وسفيان بوفال وأيضا أمين حارث، كيف نجحت في إقناعهم؟ رونار: في النهاية، مهما حكيت لهم، فلن يكون لي سوى نصيب قليل في توجيه اختيارهم، لنقل أن الإختيار يتم على مستوى عائلي، وهو في غالب الأحيان اختيار القلب. اللاعب الذي يأتي فقط من أجل المصلحة لا يمكنه أن ينجح، يجب أن تكون له الرغبة في الحضور. - أمام كوت ديفوار لم يلعب لا بوفال ولا حارث، ومع ذلك عند صافرة النهاية، ظهرا معا وكأنهما أسعد الناس؟ رونار: لقد إندمج سفيان وأمين بشكل كبير مع الروح الجماعية التي تسود الفريق، هذه أهم خاصية تميز هذه المجموعة، هناك حالة ذهنية رائعة تسود اللاعبين الشباب، اللاعبين الأكثر شبابا ولاعبي الخبرة. في النهاية لا يهم من أين أتت وأين تكونت وأين تلعب، ليس هذا أهم شيء عندما تدخل للمجموعة داخل إطار ما، من لم يكونوا على استعداد لقبول هذا الإطار أقصوا من تلقاء أنفسهم، ولا يمكن أن يلوموا غير أنفسهم. - شهر يونيو القادم، ستخوضون مونديلكم الأول، كيف تتوقعونه؟ رونار: سأحلم بهذا المونديال حتى يونيو، بالنسبة لي سيكون الحدث إستثنائيا، لقد حلمت بهذا الأمر وأنا شاب، منذ كأس العالم 1978 التي تفرجت عليها، كان في زاوية من تفكيري هذه الرغبة في أن أكون صانعا للحدث لا متفرجا عليه، اليوم تحقق هذا الشيء، لذلك لا يمكن إلا أن أكون سعيدا. - ماذا سيكون هدف المغرب في مونديال روسيا؟ رونار: سننتظر أولا عملية سحب القرعة، وإن كان الأمر لا يعني الشيء الكثير. لو جرى التصويت على من يتأهل عن مجموعة كوت ديفوار والغابون ومالي والمغرب، لا أعتقد أن الكثيرين كانوا سيراهنون على المغرب، ومع ذلك نجحنا في تحقيق التأهل. - أي بلد ترغبون في مواجهته؟ رونار: فرنسا، سيكون شيئا جيدا، لأنه بلدي الأصلي، ثم إنه منتخب كبير. إذا بما أنه سيكون في مجموعتنا منتخبان من هذا الطراز فأنا أفضل فرنسا.