أجزم على أن ما جاء فوزي لقجع لقيادة جامعة رياضية من أكثر الجامعات متابعة ومساءلة واهتماما إعلاميا، إلا لأنه جمع بين مقومين كبيرين، المقوم الأول أنه رجل مستأنس بتحمل المسؤوليات العظام والجسام، ومتمتع بعقلية الرجل العلمي والبراغماتي، والمقوم الثاني أنه رجل شغوف بكرة القدم، وعندما يلتحم العلم بالشغف، فإنه يقود بالتالي إلى ما يجمع عليه المغاربة اليوم من أن كرة القدم الوطنية والجامعة الملكية المغربية بالذات رزقت برجل إجتمع فيه ما تفرق في غيره، لذلك لا غرابة أن يكون فوزي لقجع على رأس الجامعة التي أنهت خصاما دام 20 سنة بين الفريق الوطني وكأس العالم. فوزي لقجع الرئيس السعيد، وفوزي لقجع الفرح مثل كل المغاربة، وفوزي لقجع الذي ما زال يتغذى من شغفه، هو الذي تلتقيه «المنتخب» لتسرد على لسانه ملحمة التأهل التاريخي لنهائيات كأس العالم. المنتخب: حوارات وجلسات كثيرة جمعتني معك، أذكر منها على الخصوص تلك التي أعقبت مشاركتنا في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون والتي خرجنا خلالها من دور الربع، وكان على الفريق الوطني أن يدخل منعرجا حاسما في تصفيات كأس العالم، وهو الذي كان يملك وقتذاك نقطتين فقط من تعادلين في مباراتي الغابون بفرانسفيل وكوت ديفوار بمراكش، وأبدا لا يمكنني أن أنسى ثقتك الكبيرة بقدرة الفريق الوطني على التأهل لكأس العالم برغم ما كان يساورنا جميعا من قلق وتخوف، من أين إستمد رئيس الجامعة هذه الثقة؟ فوزي لقجع: أولا من موقعي كرئيس للجامعة، لا بد وأن أكون واثقا من فريقنا الوطني بكل مكوناته وبقدرته على بلوغ كل الأهداف، وإلا فما الجدوى من أن أتواجد على رأس هرم كرة القدم، ثانيا وهذا هو المهم، لقد مكنتني نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون التي عايشت خلالها اللاعبين عن قرب لمدة قاربت 20 يوما، وشاركتهم يومياتهم ومعاناتهم، مكنتني من أن أدرك إلى أي حد هذا الفريق الوطني بكامل فعالياته يملك الغيرة الوطنية والحافز الذهني والمعنوي من أجل تحقيق أفضل النتائج. لا أريد أن أذكركم بالظروف التي عاشها اللاعبون هناك في الغابون، والتي ما حالت أبدا دون أن يحققوا وقتذاك إنجاز الوصول للدور ربع النهائي لكأس إفريقيا للأمم الذي استعصى علينا منذ سنة 2004، إلا أنني أيقنت معها أن الفريق الوطني ماض ولله الحمد في استعادة ريادته وفرض شخصيته، وأيقنت أيضا كم يظلم هؤلاء اللاعبون أحيانا عندما يزايد البعض على وطنيتهم. هذه الحقائق كلها أعطتني الإنطباع على أن الفريق الوطني وقد خرج من نهائيات كأس إفريقيا للأمم متسلحا بالثقة التي كانت مفتقدة لوقت طويل، سيتمكن من العودة بقوة في تفاصيل السفر المونديالي، كانت أمامنا أربع مباريات، وحسابيا كنا نقول على أن الفوز فيها جميعا سيعطينا التأهل لمونديال روسيا من دون الإلتفات إلى نتائج المنتخبات المتنافسة معنا. وتذكر أنني قلت لك بالحرف، كن مطمئنا سنتأهل لكأس العالم، قلتها ليس مزايدة ولا بيعا للوهم، ولكن للثقة الكبيرة التي كانت وما تزال في هؤلاء اللاعبين وفي مدربهم وفي كل أطقمهم، لذلك قلت على أننا كجامعة لا يجب أن نترك شيئا للصدفة، أن نفكر من قارورة الماء التي تعطى للاعب إلى اللحظة التي يغادر فيها الملعب وقد أنهى مباراته. حرصنا بالفعل على تدبير كل شيء وتوقع كل السيناريوهات وترصد كل الطوارئ حتى لا نفاجأ وحتى لا نلدغ من أي جحر، والحمد لله أننا توفقنا كجامعة وكفريق وطني في تحقيق المبتغى. المنتخب: ما أكثر ما هزمت المؤثرات الخارجية الفريق الوطني وحالت دون مطابقته لإمكانياته الجامعية، أتصور أنكم كجامعة أحطتم بكل هذه المؤثرات؟ فوزي لقجع: هذه واحدة من أسباب النجاح، لا أريد أن أصنف الأسباب بحسب أهميتها، فهناك التوفيق من الله سبحانه وتعالى وهذا أول شيء، وهناك دعم مطلق من الجماهير المغربية التي أحييها من صميم القلب على أنها استجابت للنداء ووقفت مع الفريق الوطني في اللحظات الصعبة من مباراته أمام مالي هنا بالرباط إلى مباراته بأبيدجان بكوت ديفوار، لذلك أعود وأكرر أن النجاح لا يمكن أن يتحقق بهذه الصورة الجميلة إلا إذا كان وراءه عمل جماعي واحترافي. المنتخب: شعرنا وكأن التعادل بباماكو أمام مالي، وقد لاحت لنا فرص كثيرة لتحقيق الفوز فيه وكأنه سيضرب حلم التأهل للمونديال؟ فوزي لقجع: بطبيعة الحال كان الفريق الوطني مهيء من كل الظروف ليفوز بهذه المباراة، لقد صنع اللاعبون فرصا كثيرة من دون أن يترجموها لأهداف، لا ننسى أن أرضية الملعب أعاقت بشكل كبير أسلوب اللعب الجماعي الذي يتميز به الفريق الوطني، ولكن بعد هذه النقطة أدركنا أن لا خيار لنا لتحقيق التأهل سوى نيل النقاط الست المتبقية. المنتخب: بعد الفوز الكبير على منتخب الغابون، كانت هناك الحاجة لتأمين سفر خطير وشائك إلى أبيدجان لملاقاة الفيلة، صحيح أننا كنا نحتاج من هذه المباراة إلى نقطة واحدة، وكان الفريق الوطني يحتاج إلى ما يؤمن له السفر بمعنويات مرتفعة إلى أبيدجان؟ فوزي لقجع: منذ أن إنتهينا من مباراة الغابون التي حقق فيها الفريق الوطني الفوز بثلاثية نظيفة، وتزامن ذلك مع تعادل المنتخب الإيفواري ببماكو، أدركنا أننا وصلنا إلى نهاية السفر، وقد وضعنا في صورة مباراة نهائية بكل المقاييس أمام من توقعنا أن يكون الند القوي والمباشر لنا في التصفيات، أي المنتخب الإيفواري، وهنا انطلق العمل بشكل كامل، إذ أمضى أطر الجامعة الساعات الطوال في تدبير هذا السفر من أجل تأمين كل الظروف لكي يلعب الفريق الوطني مباراة أبيدجان متحررا من كل الضغوط ليحقق مطمح الجماهير، وأؤكد لك أن الجامعة لم تترك أي شيء للصدفة على الإطلاق..