عقب نهاية مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم والرأس الأخضر بفوز «الأسود» بهدفين لصفر، وتأهلهم للمرة 16 إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم، خرج فوزي لقجع رئيس الجامعة ليقول إن الكرة المغربية دخلت عهدا جديدا، قبل أن يبشر بنتائج أفضل للمنتخب الوطني، وبتنافس على أعلى المستويات. كلمة عهد جديد، تبدو كبيرة جدا، لكي تقال في سياق تأهل المنتخب الوطني إلى كأس إفريقيا. لقد رافق هذا التوصيف الملك محمد السادس في بداية حكمه، وقد نجح إلى حد كبير في تفعيلها على أرض الواقع، ولا نعتقد أن لقجع ومعه مكتبه الجامعي بما راكموه من أخطاء سيكتبون عهدا جديدا للكرة المغربية. بداية يجب أن نتفق على أن ما حققه المنتخب الوطني ليس إنجازا ولا هم يحزنون، فلو تأهل الأشقاء في موريتانيا إلى كأس إفريقيا بالغابون، وحققوا ذلك لأول مرة في تاريخهم فإنه بمقدورهم أن يتحدثوا عن عهد جديد للكرة الموريتانية، خصوصا أنهم لم يسبق لهم المشاركة في النهائيات، لكن عندما يتعلق الأمر بالمنتخب المغربي، فإن ذلك ليس مقبولا البتة. لقد خاض «الأسود» 15 كأس إفريقية بالتمام والكمال، علما أن المغرب قبل سنة 1972 لم يكن يشارك في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، كما أن المغرب فاز بلقب دورة 1976 بإثيوبيا، وبلغ نهائي دورة 2004 بتونس، ناهيك عن وصوله إلى الدور نصف النهائي عدة مرات، فكيف يسمح لقجع لنفسه بأن يقول إن الكرة المغربية دخلت عهدا جديدا. لقد مسح لقجع بهذا التصريح تاريخا بأكمله، كما لو أنه لم يسبق لنا أن شاركنا في كأس إفريقيا، بل إن من يستمع للقجع سيتضح له أن الرجل يريد أن ينفخ في أي شيء، ليقول لنا في النهاية إنه حقق شيئا ما. هنا لابد أن نذكر لقجع أن رئيس جامعة الكرة في المغرب، تعني لدى الكثيرين أنه رجل دولة، ورجل الدولة له الكثير من الصفات من أهمهما عدم التسرع، وإعطاء المثل بالتصريحات والأفعال، وتجنب الانفعال، وأن يكون رئيسا للجميع، لا أن يساندا طرفا على حساب الآخر، أو يتحيز لمدرب على حساب الآخر، أو يتعامل بمحاباة. يمكن للقجع أن يتحدث عن عهد جديد للكرة المغربية لو أنه نجح في إعادة هيكلة الكرة المغربية وساهم في تنظيم الفرق ماليا وإداريا، ووضع قواعد صلبة للإصلاح الكروي، وفرض القانون، وأقله هو أن ينشر التقرير المالي في الموقع الرسمي للجامعة، هو الذي يشغل منصب مدير للميزانية بوزارة المالية، وأن يتعامل بمساواة مع جميع الفرق، دون محاباة أو إعطاء الأولوية لهذا الفريق على حساب الثاني. يمكن للقجع أن يتحدث عن عهد جديد لو تحسنت ظروف الولوج الملاعب وتكوين الأطفال، وتحولت ملاعبنا إلى أعراس واحتفالات بدل حمامات دم كما نتابع. يمكن للقجع أن يتحدث عن عهد جديد، لو أنه ترك الإعلام العمومي يعمل بحرية دون ضغوط، ودون توجيه، ودون فرض للأراء والتصورات ولما يجب أن يكون. يمكن للقجع أن يتحدث عن عهد جديد، لو أن الفئات العمرية للمنتخبات الوطنية أصبحت جميعها تدمن النتائج الإيجابية، وتحقق نتائج باهرة، دون أن يتم ذلك بشكل مناسباتي. يمكن للقجع أن يتحدث عن عهد جديد، لو أننا لم نجد في التقرير المالي خمسة ملايير كمختلفات، ليس معروفا كيف تم صرفها، ومن استفاد منها. رونار حتى لو نجح مع «الأسود» فهو مجرد مدرب مؤقت، سيغادر في يوم من الأيام المنتخب الوطني ليلتحق بفريق أو منتخب جديد، لكن على لقجع أن يتذكر أنه بعد فوز المنتخب الوطني على الجزائر برباعية في عهد البلجيكي إيريك غيريتس، هناك أيضا من طبل وهلل، وروج على أن لدينا منتخب لا يقهر، قبل أن نصطدم بالواقع في الغابون وفي تصفيات كأس العالم 2014 بالبرازيل. وهناك من راهن على هنري ميشيل في نسخته الثانية، وورجي ولومير، لكنهم جميعا خابوا. لذلك، لابد أن نقول للقجع لا تتسرع، فالتأهل لكأس إفريقيا ليس إنجازا، أما الأخطر والذي سيتكون تكلفته غالية مستقبلا، هو أن يتحول المنتخب الوطني إلى «رهينة» بين أيدي لاعبين ومسيرين بعينهم، وتلك قصة أخرى.