يبصم نادي الرجاء البيضاوي على بداية أكثر من رائعة بالأداء المميز والنتائج الباهرة المحالفة له في البطولة كما بكأس العرش. أداء عالي الجودة وتمكن من الأمور، كان لا بد وأن يقف خلفها لاعبون بغرينطا عالية وكبيرة تجاوزا على إثرها كل المعيقات ومدرب ببصمة ملموسة. في المتابعة التالية نعرض للرجاء وعودة طابع دقة دقة الممزوجة بالنتائج والفعالية. مستنقع المشاكل المثير في بداية الرجاء الموفقة أنها إستحضار لنفس المسار الذي حدث الموسم المنصرم وبنفس الأرقام مع محمد فاخر تقريبا وعلى أن الواقع لم يتغير والمشاكل المالية والصراعات ظلت نفسها، بل تضاعفت في كثير من الحالات، فما هو السر خلف هذه الصحوة واستمرار نفس التوهج؟ السر يكمن في اللاعبين والجمهور وقبل الخوض في دورهم لا بد من إستحضار واقع القلعة الخضراء التي ازدادت سوء عن السابق وزاد وضعها تفاقما والمشاكل المالية لم تجد الحل رغم كل المقاربات المعتمدة بسبب الصراعات التي تنكب على المنصب وليس على الحل. ملايين من الدراهم مديونية الفريق ليضطر بودريقة مؤخرا لتسديد رقم 3 مليون درهم لأحد البنوك بعدما كان قد ورط الفريق في فترة قيادته في معاملات مالية لم تكن عقلانية واضطرته لتسديد هذه الفاتورة المكلفة تفاديا للحجز عن ممتلكاته. ناهيك عن صراعات ثلاثية الأبعاد على كرسي الرئاسة الذي مازال يدين بالولاء لحسبان. الماطادور الذكي خلافا للطريقة والمقاربة التي إعتمدها الجزائري عبد الحق بن شيخة والذي سار في إتجاه إعلان إستسلامه ورحيله المبكر عن الفريق مؤثرا القفز من السفينة بدل قيادتها وسط الأمواج المتلاطمة، كان الإسباني غاريدو بكاريزما أقوى ومناعة أشد. هذا المدرب لم ينهر أمام الضغوطات والتهديدات وبادر لإعلان نفسه متحديا لكل الظروف والصعاب التي ستعرضه مهما كانت طبيعتها. وتجاوز غاريدو نفور الجمهور منه لما سمي يوم تنصيبه بمدرب حسبان ليصبح مدرب الجمهور ومدربا الرجاء لاحقا من خلال إعمال وصفة ذكية. هذه الوصفة كانت جلب الجمهور الرجاوي إلى صفه وجعل الأنصار يهتفون باسمه وذلك من خلال التواصل الإيجابي معهم عبر مختلف مواقع التواصل الإجتماعي والأكثر من هذا جرأته ومبكرا على تقديم وعوده بأنه جاء للرجاء ليفوز باللقب وإعادة الرجاء لتتصدر البوديوم. بهذا الشكل الذكي إستطاع غاريدو إمتصاص الغضب والنفور وحوله لدعم كبير لصفه. مبعدون يتنفسون مع غاريدو ظلت النتائج نفسها التي تحققت مع فاخر بدليل أن الرجاء مع محمد فاخر أنهت موسمها باكتساح كبير للدفاع الجديدي الوصيف برباعية نظيفة. لمن ما تغير نوعا ما هو شكل الأداء هو المرونة والسلاسة التي أصبح عليها الفريق بفضل الطريقة التي يتعامل بها المدرب مع اللاعبين وهامش الكبير الذي يتركه لهم بالتداريب والمباريات. كل هذا إنعكس على أداء لاعبي الرجاء الذين تحرروا من الصرامة السابقة وتغيروا شكلا ومضمونا وخاصة بمنح بعض المبعدين من الفترة السابقة فرصتهم بالكامل. مع غاريدو أصبح للاعب جبيرة دور كبير ومميز وصار بنحليب أساسيا وليس مجرد لاعب طوارئ يتم الإستنجاد به بين الفين والآخر وتم إعتماد الوافدين الجديدين الشاكير وحدراف كقطع غيار كبيرة للمناورة الهجومية مع دور المخضرم ياجور في جبهة الهجوم. وبجانب هؤلاء كان لا بد للثوابت أن تؤتي أكلها من خلال تألق الزنيتي وانتظام أداء يميق وبانون وخاصة دور الحافيظي المميز هجوميا. كأس العرش الهدف ولأن الموسم الكروي ما يزال في بدايته ومن السابق لأوانه الحديث عن الدرع والبطولة فإن الهدف الأقرب للنادي حاليا والرهان كله مصوب تجاه لقب غال لا طالما شكل هدفا محببا للخضراء. الأمر يتعلق بلقب الكأس الفضية التي فاز بها الرجاء قبل 5 مواسم على حساب الجيش الملكي ومن يومها لم تكن له بصمة باستثناء بلوغه في الموسم اللاحق نهائي نفس المسابقة وخسارته بالضربات الترجيحية من الدفاع الجديدي. صحيح أن الرجاويين يريدون لقب البطولة ويريدون العودة لعصبة الأبطال والأكثر من هذا يريدون بصمة قارية في كأس الكاف، إلا أن اللقب القريب منه والذي هو على بعد خطوات قليلة جدا هو كأس العرش. الغرينطا التي لعب بها الرجاء أمام الفتح وتواجد النسور على حافة المربع الذهبي تجعل من حلم كأس العرش هدفا أوليا ولهذا فالفريق وكل لاعبيه وأنصاره مصرون على التواجد بالعيون للمنافسة على هذا التاج. تيكي تاكا مغربية الرجاويون سبقوا هذه التي تاكا المستوردة وتاريخهم يشهد على أنهم أول من خلد اللعب بهوية اللمسة الواحدة وأول من فرضوا المتعة قبل النتيجة والإحتفالية قبل البوديوم. لذلك هم اليوم في طور إستحضار بالنوسطالجيا لزمنهم الذهبي ولأيامهم الخالدة ولمتعة الأداء التي تقترن بالفعالية والنجاعة الهجومية. الرجاء اليوم هي بصدد إسترجاع ثقة أنصارها بخصوص روعة الأداء وبخصوص جمالية المشاهد بكل المباريات التي لعبتها سواء بالبطولة وخاصة بكأس العرش. وساهم تواجد مدرب قادم من بلاد هذه التي كاتا وهو الماتادور الإسباني في تغليف هوية «دقة دقة» هته بالطابع الإسباني لنكون اليوم أمام نسور خضراء ببصمة تميزها عن باقي الأندية. فهل حان الوقت ليتصالح الرجاء مع البوديوم ويعود ليطوق عنقه بذهب الدرع وميداليات الكأس الغالية.