حقق الوداد والفتح الأهم وتأهلا لدور الربع في المنافسة الإفريقية، لتضمن بذلك الكرة المغربية حضورا في هذا الدور، بتواجد الأول في منافسة كأس عصبة أبطال إفريقيا والثاني في كأس الكونفدرالية الإفريقية، غير أن بلوغ هذا الدور لم يكن مفروشا بالورود ولا بالرياحين لفريقي العاصمتين الإقتصادية والإدارية، حيث عانيا الشيء الكثير، أكان على المستوى البدني والإرهاق الذي أصاب اللاعبين، أو على مستوى الإختيارات البشرية للمدربين الحسين عموتا ووليد الركراكي، فكان لا بد من وضع كل الإمكانيات وتقديم تضحيات كبيرة لتجاوز الحواجز الصعبة التي أربكت حساباتهما للوصول إلى شط الربع. حضور لا بد منه كان لا بد للكرة المغربية أن تواصل حضورها في الواجهة الإفريقية، إذ لم يعد هناك من سبب أن تتوارى عن الأنظار أو أن تبتعد عن السواعد الكبرى للقارة السمراء. فبعد فترة فراغ وسنوات عجاف، بدأنا نلمس تلك العودة القوية للأندية المحلية في السنوات الأخيرة، ورغم أن هذه السنوات عرفت صيام الأندية عن الألقاب ولم تنجح في الصعود إلى البوديوم، إلى أنها بدأت على الأقل تعبر الأدوار الأولى وتصل إلى مراحل متقدمة، بدليل بلوغ الوداد والفتح دور النصف في النسخة السابقة، وهي إشارة إلى رغبة الأندية الحثيثة لاستعادة توهجها الإفريقي، خاصة مع الثورة الإدارية التي يعرفها المغرب بالكونفدرالية الإفريقية، باستعادة مكانه المستحق ونشاطه، بانتخاب فوزي لقجع عضوا باللجنة التنفيدية للكاف، دون استثناء المساهمة الكبيرة للمغرب في تطوير الإتحادات الإفريقية، عبر الإستفادة من التجربة المغربية في الميدان التدبيري والتسييري وكذا على مستوى البنيات التحتية، بعقد اتفاقيات مع مجموعة من اتحادات القارة السمراء. الوداد عائد بقوة ينشد الوداد البيضاوي أن يستعيد زمنه الذهبي وسطوته، ليس فقط على المستوى المحلي، إذ توج بلقبي البطولة في السنوات الثلاث الأخيرة، ولكن أيضا على المستوى القاري، بالعودة لمزاحمة الحيتان الإفريقية الكبرى. فبعد أن أعاد الإعتبار لنفسه في البطولة، بدأ يستشرف التألق على المستوى القاري، والبداية كانت في النسخة السابقة لكأس عصبة أبطال إفريقيا، عندما بلغ المربع الذهبي، وكان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ النهائي، وتلك خطوة مهمة، أعادت له الثقة وفتحت شهيته الإفريقية للعودة للواجهة، ولو أن النتائج الإيجابية التي سجلها لم تكن غريبة في ظل الإستقرار الذي بات ينعم به، فاستطاع أن يضمن بقاءه في كأس عصبة الأبطال، وأنهى ترتيب المجموعة الرابعة في المركز الأول، متقدما على نادي القرن الأهلي المصري وزاناكو الزامبي وكوطون سبور الكاميروني. الفتح.. توهج مستمر رغم أننا شعرنا بتراجع الفتح هذا الموسم، بسبب التغييرات البشرية، إلا أنه استطاع أن يحافظ على صورته المتوهجة على المستوى الإفريقي، بدليل أنه ضمن لنفسه مكانا في دور ربع كأس الكونفدرالية الإفريقية، ولو أن المجموعة الأولى التي تواجد بها، كانت أوراقها مبعثرة والصراع فيها شرسا ومثيرا، إلا أنه استطاع أن يحسم بطاقة تأهله، وأنهى الترتيب في المركز الثاني وراء الإفريقي التونسي، وأمام ريفرز الزامبي وكامبالا الأوغندي. الفتح وبتأهله هذا، بات من الأندية التي لها مكانة محترمة على المستوى القاري ولو أنها تبقى مكانة طبيعية، ما دام أنه من الأندية التي سبق أن توجت بلقب كأس الكونفدرالية عام 2010، وعودته إلى الواجهة تبقى على العموم نتيجة حتمية لفريق يعتبر من الأندية التي تدبر أمورها بطريقة عقلانية ومحترفة، وبالتالي فالفتح مطالب أن يحافظ على حضوره الجيد ليس فقط محليا بل قاريا. الهاجس البشري بتتبع مشوار الوداد والفتح، خاصة في دور المجموعات سيتأكد أن مهمة المدربين الحسين عموتا ووليد الركراكي لم يكن سهلا ولا مريحا، فكان عليهما تدبير الأمور البشرية وتجاوز العقم الذي تركه إما نهاية عقود بعض اللاعبين، خاصة بالنسبة للوداد، أو للإصابات التي داهمت مجموعة منهم، خاصة للفتح الرباطي. عموتا تجاوز المطب البشري بنجاح، ولم نشعر بهجرة محترفيه الثلاثة، الكونغولي فابريس أونداما والسينغالي مرتضى فال والليبيري ويليام جيبور، الذين رفضوا الإستمرار بعد نهاية عقودهم ولم يخوضوا المباريات الأخيرة، فكان الجانب البشري أكثر حاجز أربك حسابات المدرب عموتا وقضَ مضجعه. ولم يكن مشوار الفتح أيضا بالسهل، حيث عانى من غيابات أبرز لاعبيه، وكان في كل مرة يستنجد إما باللاعبين الإحتياطيين، كما اضطر لإشراك اللاعبين الجدد الذين انتدبهم في الميركاطو الصيفي، وهم سعد أيت الخرصة وحمزة السمومي وبلمعاشي ودياكيطي، الذين أجروا المباراتين الأخيرتين، وحرم الفريق الرباطي من 6 لاعبيه في المباراتين الأخيرتين، ومع ذلك تحقق الأهم وتجاوز الفتح كل المطبات وحجز بطاقة التأهل. ما بعد التأهل إنتهت رحى دور المجموعات بإيجابياتها وسلبياتها، وستكون الفرصة أمام الحسين عموتا ووليد الركراكي لوضع قراءة متأنية وخلاصة للمباريات الست التي أجراها كل فريق في دور المجموعات، وتدوين كل النقاط التي تهم ما هو تقني وتكتيكي وبشري، وإعداد العدة للمرحلة المقبلة التي لن تكون سهلة لعدة اعتبارات، أبرزها أن الأندية الثمانية المؤهلة لدور الربع تعتبر من قوى القارة الإفريقية، ووصولها لهذا الدور ليس من محض الصدفة، وثانيها لأن المسابقة دخلت نظام الإقصاء المباشر، أي يجب أن يكون هناك تدبير جيد لمبارتي الذهاب والإياب، خاصة أن الوداد والفتح ينتظرهما خصمان شرسان، إسمهما سان داونز الجنوب إفريقي والصفاقسي التونسي. والأكيد أن المسؤولية باتت أكبر أمام الوداد والفتح وعدم تضييع الفرصة، فلا الوداد مقبول منه أن يقف عند هذا الحد، وهو الذي بلغ في النسخة السابقة دور النصف، وبالتالي فالنهائي يبقى عز الطلب. ما قيل على الوداد يقال على الفتح، الذي بلغ بدوره في النسخة السابقة دور النصف، وغير مقبول منه أن يتراجع، خاصة أن أمام الركراكي الوقت لتصحيح ما يمكن تصحيحه قبل دخول الأدوار المقبلة. فرصة للإستعداد البرنامج الجديد الذي وضعته الكونفدرالية الإفريقية، يسمح للأندية المشاركة بالتقاط الأنفاس والإستعداد للدور المقبل دون ضغط، إذ ستستأنف المنافسة شهر شتنبر، الشيء الذي سيمنح لعموتا والركراكي مساحة مهمة وفرصة لترتيب بيت فريقيهما، خاصة على المستوى البشري. ولأن الوداد والفتح عانيا الشيء الكثير على المستوى البشري، فإنه مطالب بإعطاء الأولوية لهذا الجانب خلال هذه المرحلة وذلك بانتداب لاعبين جدد، وتعزيز صفوف بعض المراكز التي تشكو خصاصا كبيرا. ويبقى هاجس عموته هو الهجوم، حيث سيكون مطالبا بانتداب مهاجمين جيدين لتعويض رحيل أونداما وجيبور، وفشل صفقة شيكاطارا، ورغم أن المهاجمين الذين اعتمد عليهم في المباريات الأخيرة، وهم بنشرقي وأوناجم والحداد إلا أن الوداد مطالب بتعزيز هذه الجبهة، بمهاجمين يساندون هذا الثلاثي، دون استثناء أيضا الدفاغ بعد رحيل فال. وبخلاف عموتا فإن الركراكي استبق الموقف وانتدب مجموعة من اللاعبين، الذين ينتظر منهم أن يشكلوا إضافة للفريق، وأن يحصل الإنسجام بسرعة بعد أن أشرك بعضهم في المباريات الأخيرة.