الحركية مكثفة هذا الصيف بمطار أتاتورك الدولي بإسطنبول، حيث كثرة الوافدين على تركيا من أجل السياحة، وأيضا لزوار من وزن ثقيل، هم نجوم كرة القدم العالميين الذين يتوافدون يوميا بعدما إختاروا البطولة التركية محطة لهم خلال الموسم المقبل. من بين الغزاة الجدد لبلاد الأناضول نجد أسودنا الذين قرروا وفجأة القيام بهجرة جماعية غير مسبوقة لتركيا، خاصة وأن عدد مهم منهم كان مطلوبا بإيطاليا وإسبانيا وإنجلترا، لكنه أدار الظهر وإنجذب بأعين مغلقة إلى سحر وعراقة ونداء الأتراك. نبيل درار رفض لازيو وتوتنهام وذهب مسرعا إلى فنرباتشي، ويونس بلهندة لم يجد من يدفع قيمة عقده إلا خزانة غلطة سراي، وخالد بوطيب وعصام شباك هربا من أنين الليغ2 والأجور الزهيدة وتعاقدا في يوم واحد مع مالاطيا سبور الصاعد الجديد لقسم الكبار، واللائحة لن تنحصر بالتأكيد عند هذا الرباعي، فالأيام القليلة المقبلة ستعرف إلتحاق مغاربة جدد بصدد التفاوض منذ أسابيع مع أندية محلية، والحديث هنا عن عمر القادوري الذي يقترب من أنطاليا سبور وياسين أيوب المطلوب بقوة بطرابزون سبور، ومعه ناصر بارازيت وياسين الخروبي وفيصل فجر وغانم سايس ومروان داكوسطا ووسيم بوي، والذين يفاوضون جميعا وكلاء ومدراء رياضيين لفرق تركية مختلفة الحجم. الأعين ستتجه بلا شك شرقا الموسم المقبل بعدما ظلت مصوبة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية فما فوق، والناخب هيرفي رونار الذي لم يكن ينادي على أي يمارس بتركيا رغم تألق بعضهم، سيجد نفسه يتابع أسبوعيا مباريات الأسود ببطولتها، ويستدعي لاعبيه المدللين وعلى الخصوص الثلاثي بلهندة، درار، بوطيب. نتساءل جميعا لماذا إختار البعض التوجه إلى تركيا التي توصف كونها أضعف البطولات الأوروبية إيقاعا ومتعة وأقلها متابعة تلفزية، وننتقذ مخطئين أحيانا من يقبلون بعروض من أندية صغيرة بتركية عوض البقاء بفرنسا أو هولندا وحتى إيطاليا، لكننا لا نعرف أن البطولة التركية أصبحت في السنوات الثلاث الأخيرة ضمن الأكثر إستقطابا للنجوم، ومن بين سبع أفضل البطولات الأوروبية حضورا جماهيريا، وأن جمهور غلطة سراي مثلا مصنف سادس أحسن جمهور في العالم، وميزانية الفريق تتجاوز ميزانيات 18 ناديا ينشطون بالدرجة الأولى الفرنسية. يومية «ليكيب» نشرت قبل أيام ملفا بعنوان «تركيا، بلد الأحلام الجديد للاعبي كرة القدم» جاء حاملا لبعض الأرقام المثيرة للدهشة والتمعن، أبرزها الأرقام المالية التي تتحدث عن 550 مليون أورو كعائدات الأندية التركية من النقل التلفزي، والرواتب الضخمة من 3 ملايين أورو سنويا فما فوق للاعبين الأجانب، علما أن القوانين الجديدة بالبطولة التركية تم تعديلها فأصبح من حق أي نادي التوفر على 14 لاعبا أجنبيا وتسجيل 11 منهم في قائمة المباريات. الأسود لهم تاريخ مع الأتراك وعلاقتهم بدأت منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي بإحتراف الودادي لحسن أبرامي والرجاوي جمال السلامي، وصلة الوصل تواصلت على مراحل متقطعة قبل أن يبلغ العشق والحب المنتظر ذروته الموسم المقبل، بتواجد تمثيلية مغربية قد تفوق 10 سفراء سيحطمون الرقم القياسي وسيتغلبون كمّا على جميع البطولات العالمية بإستثناء الإيرديفيزي. الإختيارات تُحترم والإنتقالات يُحكم عليها بعد معاينة رصيد التنافسية وكشف جهاز المردودية ومُضي نصف موسم على الأقل، ولا يمكن أن نعاتب أسودنا الذين قرروا في أوج عطائهم أو بعد تجاوزهم الثلاثين التحليق صوب إسطنبول، حيث متعة لا نظير لها في الملاعب وحب الأتراك للكرة المجنون، لأن البطولة التركية تغيرت كثيرا وتطورت بدرجة خرافية، وهي التي تحمل توقيعات عمالقة ونجوم أمثال روبيرطو كارلوس، غوتي، أنيلكا، أوكوشا، دروغبا، إيطو، فان بيرسي، بودولكسي، شنايدر، ناني وآخرين.