مباشرة بعدما أسدل الموسم ستاره بفرح المتوجين وحزن المنكسرين، إنطلقت الأفكار لتشغل بال جل المحترفين المغاربة بالبطولات العالمية، حيث الشرود الذهني العميق في الطريق المتجهة نحو المستقبل. لا عطلة مريحة ولا راحة تامة للأغلبية الساحقة للأسود، رغم توزعهم عبر أنحاء المعمور لنسيان صخب الملاعب لبضع أسابيع، فهم سابحون في بحر التفكير لإيجاد مخارج عاجلة لوضعياتهم المتباينة، والبحث عن طوق النجاة من العذاب أو حبل التسلق لدرجات عليا. الأعين على المواقع والصحف وأخبار الميركاطو، والآذان تترقب رنات هاتفية تحمل أنباءا من وكلاء أعمال ومدراء رياضيين للأندية، والهم كبير لرسم خارطة الموسم المقبل مبكرا بهدوء وأريحية بعيدا عن الأعصاب وضغط الوقت الميت. من أصل 25 لاعبا الذين إستدعاهم الناخب هيرفي رونار لمباراة الكاميرون الأخيرة 18 أسدا لم يحددوا بعد فريقهم للموسم القادم، وينضاف إليهم أزيد من 20 محترفا آخر ينتظرون تقرير مصيرهم، الشيء الذي يضع أسماء ثلثي أسود العالم في سوق الإنتقالات. صيف حارق يفتح دراعيه لهؤلاء، ولهيب مزاد علني وسري تخفيه الأصداء، ومفاوضات سلسة وأخرى ماراطونية ستحملها لنا الأنباء، لتعلن في النهاية عن ذهاب ووصول وحركة دؤوبة في مختلف الأجواء. من الحارس منير المحمدي إلى القناص عزيز بوهدوز ستمر كرة الميركاطو في مباراة ستمتد 90 يوما، الكل فيها عازم على ربح اللقاء، مع التهافت الشديد على تسجيل صفقة العمر، ورفع كأس التتويج بعقد سمين ماليا ومغري رياضيا. فبإستثناء خالد بوطيب الذي سجل هدفا في الدقائق الأولى في مرمى مالاطيا سبور الصاعد الجديد للبطولة التركية، فالبقية بصدد المحاولة والمناورة هنا وهناك، والتفرغ الكامل والتركيز سيكون في النصف الثاني من الشهر الجاري. بإنجلترا باتت مسألة رحيل نور الدين أمرابط عن واتفورد واردة بقوة، والأخبار بدأت أيضا بخصوص سفيان بوفال بعد قرب طلاق مدربه كلود بويل وساوثامبتون، فيما حزم أشرف لزعر حقائبه مسبقا وشرع في التجول بين بعض الدول ترقبا لتوقيع وشيك ينقذه من جحيم نيوكاسطل. في إسبانيا سيغير المحمدي، كارسيلا، النصيري الألوان، وحتى فجر قد يخلق المفاجأة ويغادر غاليسيا، بينما الحركية الكبيرة ستعرفها فرنسا مع ملفات بلهندة، عوبادي، درار، طنان، أيت بناصر، الكوثري، عليوي، عبد الحميد، في وقت يستعد فيه داكوسطا، بوهدوز، قادوري، تاعرابت، سعدان، الخروبي لإقلاع جديد، مع ترقبات في الأراضي المنخفضة، حيث الهدوء الذي يسبق عواصف ماحي، أمرابط، أيوب، مستور، بارازيت، أحناش، تيسودالي وآخرين. وإن كان الميركاطو حارا بأوروبا فسيكون دافئا بالخليج، حيث سيواصل جل المحترفين المغاربة النعيم داخل قصورهم، مع إستثناءات قليلة تتعلق بحمد الله وياجور ومتولي، بينما سينضاف الثنائي وليد أزارو وعبد الغني معاوي إلى سرب أسود العالم بإلتحاق الأول بالأهلي المصري والثاني بالإمارات الإماراتي. الإنتقالات الغزيرة والصيف المتحرك لفرسان الفريق الوطني ومعهم أسماء أخرى تخضع للمواكبة والتتبع، سيحمل أرقاما مالية مهمة ستتجاوز 30 مليون أورو، لتضع المنتوج المغربي في مرتبة رائدة عربيا وإفريقيا، وبعلامة الجودة والإعتراف دوليا. سيذهب الذاهبون وسيصل القادمون وسيخطو كل لاعب الخطوة التي تناسبه، وستمتلئ حقائب الوكلاء ومعها الأرصدة البنكية للأندية، وسيسعد الأنصار بإلتحاق نجمٍ وسيحزنون لرحيل مدلل، والرابح الأول والأخير هو من سيقوم بالإختيار الصحيح والوجهة المثلى، ليجد موطئ قدم على المقاس يضمن له التنافسية ويمنحه مفاتيح التألق والتميز، لأن العمر يمضي والمسيرة الإحترافية تسير بسرعة قصوى، والغانم والعاقل هو من يترك البصمات، ويجمع المجد والتتويجات، ويعتزل من أعلى المنصات، تاركا أصداء رائعة وسمعة طيبة تظل مسكا لأعذب الذكريات.