قبل نحو 6 أشهر من الآن كنت قد توجهت برسالة مباشرة للسيد فوزي لقجع بوصفه رئيسا لقطاع لجنة المنتخب وليس في صورته المكبرة رئيسا لجهاز الكرة، ودعوته قبل «الكان» لأن يدخل بخيط الحرير في نازلة ما سمي ويسمى نزاع زياش ورونار، على تدخله يكون الكي الذي هو آخر أنواع العلاج الكفيلة بقطع وريد ذلك الورم السرطاني قبل أن يتضخم ويستشري في كل عرين الأسود. عدت لذلك العمود وبدا لي مثل قراءة في فنجان القادم، وما حدسته بناية على معطيات واقعية أكدته الأيام التي هي دول بين الناس. ولست ما الذي قادني لأقارن بين زياش ومحرز وكلاهما من صنف المبدعين ومن يرسمون اللوحات بسحر يسراهم، وبين محمد راوراوة القائم يومها على مكان ثعالبه وبين فوزي لقجع المؤتمن على عرين أسود. وجدت يومها تطابقا بين ما حدث بين محرز والبوسني وحيد هاليلودزيش وما تفرع بين زياش ورونار وكأنها قصة مستنسخة وتعيد نفس مقاماتها السردية بإختلاف الشخوص فقط وتتشابه في سياقات الآنا والكبرياء وباقي توابل الأنفة التي ترفض تقديم تنازلات للطرف الثاني فوقع المحظور ب «شخصنة» الخلاف هنا وهنالك بعيدا عن الكرة. قبل 3 سنوات إعترض وحيد على إستدعاء رياض محرز ليكون ضمن فيلق المحاربين والثعالب بمونديال البرازيل، وقدم روايات تقنية وأخرى إنضباطية لكبير الكرة بالجزائر قبل أن تطيح به دورة الغابون في شخص محمد رواراوة، إلا أن الأخير إستحضر الفيطو وأشهر سيفه بوجه المدرب البوسني وفرض حضور محرز بالمونديال، بل فرض حتى ظهوره أساسيا وأخبر وحيد هاليلودزيش أن محرز هو علامة التغيير المستقبلي لمنتخب الجزائر، وفعلا نجح محرز في صياغة ملحمة العبور التاريخي للدور الثاني وعاد بعدها بسنتين ليتربع على عرش الكرة بإنجلترا والقارة السمراء ككل. رحل وحيد بل وسيرحل بعده راوراوة إلا أن أمد بقاء رياض محرز طويل ومستمر مع منتخب الجزائر ولولا الجزئية الفاصلة المتمثلة في تدخل عراب الكرة بالجزائر في القضية ورميه بدلوه في بئر الخلاف لما تغير مجرى النهر ولما صار محرز اليوم اللاعب العربي الأغلى في بورصة المحترفين والأسد الذهبي في بلاد الثعالب. وعودة للعمود ومناشدتي للقجع بالتدخل يوم رمانا رونار بلائحة «الكان» المعطوبة وبقراءاته المخبولة وبكل ما حفلت به من تبريرات واهية لإسقاط زياش، وسقط في زلة لسانه حين قال أن زياش يأتي خلف بوصوفة وبلهندة فضرب له القدر موعدا مع تصحيح غلطته بإصابة بلهندة فلم يفعل. توجهت يومها للسيد رئيس لجنة المنتخبات بما يكفله له حق التدخل وتصويب الأخطاء وتقويم الإعوجاج أن يحاكي فعلة راوراوة مع البوسني فلم يفعل وإنتصر لطرح رونار مؤمنا أن الإختصاص شرط ومحترما قاعدة «المدرب يختار ولا يملى عليه». قلت يومها أن زياش شيد جسور تضحياته لتمثيل الأسود لا لشيء سوى ليلعب «الكان» والمونديال وليس المواعيد الودية العابرة. وقلت أن حرمانه من الكان سيولد بداخله كومة غضب ساطع ستتفجر منها أخاديد خلاف سيصعب إحتواؤها مستقبلا وهو ما كان بالفعل. اليوم بعيدا عن العنترية والتبني، بعيدا عن الشخصنة والنبش في الماضي، حسن ما فعله لقجع بتدخله وحسن ما سيفعله لو يترجم هذا التدخل واقعا مفروضا لا وعدا عابرا بعودة حكيم للعرين. لقجع الذي هزم راوراوة في تنفيذية الكاف لن يعجزه محاكاة فعل عراب الكرة الجزائرية السابق حين وقف بنادي الصنوبر بوجه وحيد وقال له بالحرف: «محرز سيحضر المونديال الحالي والقادم ولو كلفني ذلك منصبي». قلتها وأكررها المدربون والرؤساء عابرون بالعقود والولايات، إلا اللاعبون إن كانوا من صنف المبدعين فتعاقدهم معنوي مع الشعب وتعميقه بالخلاف يعزز شعبيتهم آكثر.