خلال حفل إطلاق البرنامج التكويني المعمق الأول من نوعه بالمغرب، الذي تشرف عليه الإدارة التقنية الوطنية والذي سيعطي كرة القدم الوطنية بعد سنة من الآن الدفعة الأولى لأطر برتبة «مانادجير» في المجالات التقنية والمالية والإدارية والتنظيمية، حرص فوزي لقجع رئيس الجامعة عند إمتداحه للورش الذي تفتحه الجامعة، على التشديد على أهمية تأهيل وتكوين العنصر البشري، التأهيل والتكوين العلمي الذي يشيع ثقافة الإختصاص ويرفع درجة الكفاءة ويساعد في النهاية على إحترافية المشهد الكروي الوطني. ولا خلاف على أن الإنفاق يمكن أن يصل لملايين الدراهم لتأهيل البنى التحتية من ملاعب ومرافق رياضية من مختلف المقاسات والأحجام، إلا أن ذلك لا يمكن أن يغني عن ورش لا بد وأن يأخذ طابع الأولوية في أي إستراتيجية تقويمية للمشهد الكروي الوطني، وهو المرتبط بتكوين الكوادر البشرية التي ستدير المنظومة الكروية تقنيا وماليا وإداريا وتسويقيا التكوين العلمي المستجيب لكل معايير الحداثة. ومن دون حاجة للإستقصاء وللتحري عن المعيقات الكبيرة والإختلالات البنيوية والتنظيمية التي تربك المشهد الكروي الوطني، للتدليل على قيمة وصحة ما ذهب إليه السيد رئيس الجامعة، فبعد أقل من ساعتين على المداخلة القيمة له بحضور من سيشملهم هذا التكوين الثلاثي الأبعاد، كان مركب محمد الخامس بالدار البيضاء يعيد فتح أبوابه أمام الجماهير بمناسبة إجراء الكلاسيكو المؤجل بين الوداد والجيش، وسط مخاوف من أن نكون قد إستعجلنا إفتتاحه من دون أن تكون هناك ضمانات على حسن وانسيابية التنظيم، فتجنى هذه الجزئية على مركب كلف استصلاحه الدولة ما لا يقل عن 22 مليون درهم. وكانت الوقائع التي رصدناها جميعا صادمة بالفعل، ولو أننا حمدنا الله على أن ما حدث من تجاوزات واختلالات لم يؤد إلى جرائم العنف والشغب والتخريب، وعند جرد نوعية الإختلالات سنجد أنها كلها لها طبيعة تنظيمية بسبب غياب أطر متخصصة في مجال تدبير التظاهرات الرياضية الكبرى، أو بالأحرى لأن هناك تراميا على مهن تستوجب تكوينا ميدانيا بحثا. لم تشتغل كل البوابات الإلكترونية بشكل جيد، بل إن كثيرا منها بقي خارج الخدمة، وأبدا لم تكن عملية بيع التذاكر بطريقة إحترافية تحفظ للمتفرج كرامته، ولم يكن الدخول منظما من كل الولوجيات وأبدا لم يلتزم الآلاف بالمقاعد المرقمة، بدليل أننا شاهدنا العشرات من المتفرجين يجلسون على سطوح الأسوار في مشهد معيب، وتكسرت وتساقطت واجهات وسياجات مهترئة بسبب أن عملية الدخول إلى المركب لم تتم في ظروف آمنة، وحتى يكتمل المشهد البديئ الذي يؤكد ضعف التاطير فإن الصحفيين الرياضيين المعتمدين من قبل وسائلهم الإعلامية لمواكبة الكلاسيكو، سيتجرعون عن طريق المنظمين مراراة العودة إلى مركب محمد الخامس، فقد تطاول من لا سندا قانونيا لهم على عملية الإعتماد الصحفي لتنتج عن ذلك حالة من الفوضى العارمة جعلت زملاء إعلاميين لا يواكبون جولة كاملة من المباراة. عندما نؤهل أطرا للإشراف على التنظيم، فإننا نلزمهم في ذلك بعدم الخروج عن الإختصاص وبالقدرة على حل كل الإشكالات والتصدي لكل التجاوزات، لذلك هناك حاجة ماسة لأن تعمد الجامعة والأندية على حد سواء إلى تعيين مسؤولين مباشرين على الملاعب الوطنية التي تستضيف مباريات البطولة الإحترافية، يستطيعون ضبط التنظيم بما هو متاح من إمكانات لوجيستيكية أنفق عليها الملايين من الدراهم، ويستطيعون التقيد بكل المواثيق المتعارف عليها، ولا يسمحون بالترامي والتسيب الذي عاش مركب محمد الخامس بالدار البيضاء في يوم إعادة إفتتاحه صنوفا عديدة منه.