الحمامة رسمت الإحتفالية وحلقت للشمال بالبطولة الغالية قصة فريق نال المجد من كل أطرافه صنع المغرب التطواني الحدث في الموسم الماضي عندما فاز بلقب البطولة الإحترافية، في أول نسخة منها، وهو أيضا أول لقب يزين به الفريق خزانته بعد أن قدم أروع أداء وأرقى خرجة بقيادة المدرب عزيز العامري الذي إستطاع أن يهيء فريقا نموذجيا مشكلا من شباب قدموا الدرس في الأداء وشكلوا ظاهرة حقيقية، بل نالوا إعجاب الجميع، حتى أن الجماهير المغربية وبروح رياضية تعاطفت مع المغرب التطواني الذي إستحق الفوز بدرع البطولة الإحترافية عن جدارة واستحقاق. في هذه الورقة نرصد بعضا من تفاصيل هذا الإنجاز، كيف تحقق؟ وكيف تم تدبيره؟ ونعيد صياغة هذه الملحمة التي دخل بها المغرب التطواني التاريخ من بابه الواسع، علما أنه عاش موسما متقلبا (2010 2011) عندما أعلن 14 لاعبا العصيان. من الإحتضار إلى الإبهار يتذكر الجمهور المغربي الحالة التي أصبح عليها المغرب التطواني في موسم (20102011) عندما أعلن 14 لاعبا العصيان، ثم تلتها إستقالة الرئيس عبد المالك أبرون وتحول الفريق إلى لجنة مؤقتة كادت أن تعصف به إلى الدرجة الثانية، حيث بالكاد حقق البقاء، وقد أنهى الموسم آنذاك في المركز الثامن بفارق ضئيل بين أندية أسفل الترتيب، وبعد ذلك عاد عبد المالك أبرون ليقود مجددا الفريق وهيأ رؤية جديدة تنبني على التشبيب وتصحيح الإختلالات التي تركتها اللجنة المؤقتة.. فكانت إنطلاقة أخرى طوت صفحة الإحتضار، فبزغ جيل جديد من الشبان الذين وضع فيهم العامري الثقة لأول مرة وهي مغامرة كلل بالنجاح في آخر المطاف بعد أن سرق هؤلاء الشبان الأضواء مباراة بعد أخرى، وقد تعافى الفريق نسبيا من الأزمة التي لازمته، وبدأ يحقق النتائج المرجوة، وهو الشيء الذي جعل جمهور الحمامة ينتفض ويشكل لحمة واحدة لدعم فريقه، فتحول ملعب سانية الرمل إلى إحتفالية دائمة. ميلاد فريق جديد سرق المغرب التطواني الأنظار بعد أن أصبح يحقق النتائج الإيجابية داخل الميدان وخارجه بأسلوب يعتمد على الفرجة والإقناع والأداء العصري الذي وضع إستراتيجيته المدرب عزيز العامري، بدعم من المكتب المسير للمغرب التطواني برئاسة عبد المالك أبرون الذي وضع حجر الأساس لإحتراف حقيقي كنموذج لتحقيق الغايات المنشودة في إطار هيكلة واضحة تتماشى مع المتغيرات التي تعرفها الساحة الكروية الدولية والتي انخرط فيها المغرب التطواني مبكرا قبل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والواقع أن الجميع كا يشيد بالتجربة التطوانية والتي اعتبرت الأنجح على الإطلاق.. وبالمقابل أصبح المغرب التطواني مادة دسمة على صفحات جرائد ومجالات الجارة الإسبانية، حيث خصت للفريق حيزا مهما في المتابعة، أكثر من ذلك أصبح لاعبو المغرب التطواني مطلوبون لعدة أندية ما جعل هذا الفريق يكبر دورة بعد أخرى. شبان يصنعون الحدث إعتمد المغرب التطواني على لاعبين شبان كانوا قد خضعوا لتكوين إحترافي بمركز تكوين الفريق والذين كان يشرف عليهم المدرب عزيز العامري يشكل مباشر، ما جعله يضع فيهم الثقة بالكامل وهو الذي كان يدرك بأن هؤلاء كانوا بحاجة إلى خبرة إضافية، لكنهم بعد ذلك أصبحوا نجوما فوق الfساط الأخضر ما جعل المنافسة على اللقب مؤجلة خاصة وأن الفتح الرباطي كان قد كشر عن أنيابه وظل يحتكر الزعامة، إلا أنه في الإياب تغيرت خريطة البطولة، بعد أن بدأت نتائج الفتح والأندية المطاردة تتراجع، فتقلص فارق النقط بين الفتح والمغرب التطواني وكانت هذه العملية في صالح الحمامة البيضاء التي كانت تحلق بكل الأجنحة وما ساعدها على ذلك هو تحقيقها للفوز داخل الميدان وخارجه، وهو الطموح الذي كبر في نفسية اللاعبين. خضروف، بنهنية وكروش يصنعون الحدث سطع نجم ثلاثة لاعبين في صفوف المغرب التطواني وشكلوا هدافين في كل المباريات وهم خضروف ,بنهنية اللذين سجلا ثمانية أهداف وزيد كروش الذي سجل سبعة أهداف.. ما جعل الفريق يسجل أقوى هجوم عند نهاية الموسم; حيث بلغ 41 هدفا وسجل عليه 13 هدفا وحصل على 61 نقطة من خلال 17 فوزا و10 تعادلات و3 هزائم فقط، الشيء الذي يؤكد أن الفريق كان منظما ومهيكلا بطريقة احترافية جيدة، وأن ثقافة الإنتصار هي التي كانت سائدة وشائعة.. ما جعل الفريق يكبر ويحطم كل الأرقام. الإياب الذي ختم المشوار ظل المدرب عزيز العامري يكتم سر اللعب من أجل اللقب حتى الدورة 17 عندما تأكد بأن الفريق بإمكانه أن يكون جاهزا لهذا الحدث، فضغط على الزناد، وكان المكتب في مستوى تطلعات الفريق، حيث كان يوفر كل الظروف المادية والمعنوية اللاعبين والطاقم التقني، فأصبح الجمهور يعيش الملامح الحقيقية في كل الميادين الرياضية.. وتحول المغرب التطواني إلى حكاية جميلة على لسان الجميع لتقديمه كرة جميلة وحديثة، في دورات الإياب حسم الأمر، المغرب التطواني ينافس من أجل لقب البطولة التي لم يتذوق حلاوتها، باستثناء لقب الشالنج موسم (20102011) الذي كان بوابة التتويج ودخول الفريق إلى عالم التتويج على مستوى الكبار على أن جميع فئات المغرب التطواني توجت بالألقاب وطنيا ومحليا. الفتح يطارد الحمامة حتى الدورة الأخيرة ظل الترقب سائدا وظلت الإثارة قائمة، إذ لم يحسم لقب البطولة حتى الدورة الأخيرة من الموسم الماضي، حيث كان الفارق بين المغرب التطواني والفتح هو نقطة واحدة، إذ كان يلزم الفتح نقطة واحدة ويتوج باللقب، في حين كان يلزم المغرب التطواني الفوز، لذلك كان الأمر صعبا على الفريقين.. فانتقل المغرب التطواني بالآلاف من جمهوره إلى العاصمة الرباط وخلق احتفالية قل نظيرها ما شكل دعما حقيقيا للفريق التطواني الذي قلب الطاولة على الفتح في عقر داره، ليدخل التاريخ من بابه الواسع، وليتوج العامري أيضا لأول مرة كمدرب بلقب البطولة. بنهنية العريس فك عبد الكريم بنهنية اللغز وسجل هدف الفوز للمغرب التطواني في الدقيقة (50) من المباراة، وظل محافظا على هدف السبق حتى نهايتها.. ليتوج الفريق بلقب البطولة الإحترافية عن جدارة واستحقاق وهو اللقب الذي قال عنه الرئيس عبد المالك أبرون بأنه إنجاز تاريخي للمنطقة الشمالية ككل وكأنه بوابة حقيقية للبحث عن مزيد من الألقاب بعد إنجازات حققها الفريق في مشواره ومنذ أن تقلد مسؤولية رئاسة المغرب التطواني، حيث فاز بعدة ألقاب على مستوى الفنان الصغرى وطنيا ومحليا ثم لقب بطولة الشالنج والمشاركة العربية لأول مرة، والوصول إلى نصف نهاية كأس العرش مع تعزيز الفريق بالبنيات التحتية وهو مقبل لأول مرة في تاريخه المشاركة على مستوى عصبة أبطال إفريقيا بعد فوزه بلقب البطولة الإحترافية. سر اللقب منذ تقلد عبد المالك أبرون رئاسة المغرب التطواني في شهر دجنبر من عام 2004 عمل على هيكلة الفريق وإعادة ترتيب بيته، وبدأ الفريق معه يتلمس مواصفات الفرق الكبيرة، إذ كان أول فريق يعتمد على الإحتراف فيما يتعلق بالإنتدابات، وأول فريق يرفع سقف الأجور وأول فريق يتلقى التهنئة من الإتحاد الدولي لكرة القدم وأول فريق يدشن عالم الإحتراف بشهادة من رئيس الجامعة السيد علي الفاسي الفهري، وأعمل الشفافية والنزاهة في تسيير شؤونه في غياب الدعم اللازم بعد أن شكل أبرون الدعم الحقيقي للفريق، وكل هذه الإنجازات التي حققها هي الأولى في تاريخه بعد أن كان المغرب التطواني فريقا مغمورا، وهذه الخطوات هي سر فوز الحمامة بأول لقب في تاريخها، وهو لقب له حلاوته وقيمته في نفوس الشماليين بصفة عامة والذين تقاعدوا مع مسيرة المغرب التطواني بعد أن تراجعت نتائج الفريق الغريم إتحاد طنجة، والواقع إن لقب البطولة الإحترافية، حرك منطقة الشمال ككل لما للقطاع الرياضي من أهمية كبيرة وتأثيره على القطاع الإقتصادي.. الحمامة تحييكم بفوزه بلقب البطولة الإحترافية، يكون المغرب التطواني قد دشن مرحلة جديدة في مشواره وهي محطة مرتبطة بمشاركة لأول مرة في تاريخه في كأس عصبة أبطال إفريقيا، إذ سيواجه فريق كازاسبور السينغالي بطل السينغال في الدور التمهيدي، ويريد المغرب التطواني أن يكون سفيرا للكرة المغربية على الواجهة الإفريقية التي سيكتشفها لأول مرة في مشواره، وسيكون أمام محك جديد لكسب خبرة إضافية وتلميع صورته إفريقيا..