جاء فوز المغرب التطواني بلقب البطولة المغربية لكرة القدم، ليدخل فريقا جديدا إلى لائحة المتوجين باللقب. هذا اللقب هو الأول للفريق التطواني الذي يرجع تأسيسه إلى سنة 1922، والذي ظل حضوره في الدوري المغربي ما بين مد وجزر، صعود وهبوط، قبل أن يجد نفسه وقد صعد منصة التتويج، بشكل مفاجئ للمتتبعين. قصة المغرب التطواني مع لقب بطولة هذا الموسم تبدو مثيرة، وبسيناريو يصلح لشريط سينمائي.. إنها مزيج من الانكسار والتحدي والطموح، ثم الرغبة في إثبات الذات. قبل نهاية بطولة الموسم الماضي، وجد الفريق التطواني نفسه بدون خدمات 14 من أبرز لاعبيه، فقد قرروا الإضراب عن اللعب، بسبب عدم توصلهم بمستحقاتهم المادية، بل وتبادل رئيس الفريق عبد المالك أبرون الاتهامات مع مجموعة من اللاعبين، فتابعنا اتهامات بالبيع والشراء، قبل أن يقرر معاقبة المضربين بغرامة مالية هي الأكبر في تاريخ الكرة المغربية وبمبلغ قارب 250 مليون سنتيم. أذابت اتصالات ووساطات العلاقة المتشنجة بين المغرب التطواني ولاعبيه المضربين، فعاد بعضهم إلى أحضان الفريق، بينما قرر آخرون مغادرته بدون رجعة. وسط هذا الزخم من المشاكل، ظل المدرب عزيز العامري يتابع ما يحدث بهدوء، قبل أن يتخذ قرارا حاسما بالاعتماد على شبان الفريق، فكان أول الغيث لقب دوري «شالانج» الرمزي، علما أن العامري معروف بحبه لروح المغامرة، والاعتماد على الشبان. قبل انطلاقة الموسم، كان على الفريق أن يحصل على رخصة البطولة «الاحترافية»، لكن اللجنة قررت عدم منحها له في المرحلة الابتدائية، قبل أن يحصل عليها من لجنة الاستئناف بعد أن كان مهددا نظريا بالنزول إلى القسم الثاني. الفريق الذي كان مهددا بالسقوط، سيحرق المراحل بسرعة وسيصبح منافسا قويا على لقب البطولة، بل إنه زاوج بين النتائج والأداء، فقد كان صاحب أقوى خط دفاع وأقوى هجوم، بل وأقل فريق تعرضا للهزائم التي لم تتجاوز الثلاث. أكثر من ذلك، لم يحدث قط أن مدربه عزيز العامري وجه انتقاداته للتحكيم، بل إنه برغم الخطأ الفادح للحكم الذي قاد مباراته أمام «الماص» بفاس، فإن العامري قال إن الحكم بشر يصيب ويخطئ، وكما استفاد المغرب التطواني من أخطاء الحكام عليه أن يقبل استفادة منافسيه منها. في النهاية، توج المغرب التطواني بطلا للمغرب لأول مرة في تاريخه، والمهم أن تقرأ بقية الفرق المغربية هذا الدرس، فانتداب اللاعبين بوفرة لايصنع وحده النجاح، بل إن ما يصنعه هو الاستقرار التقني، والعامري استفاد من هذا الأمر وطبق برنامج عمله بنجاح. والمهم كذلك أن يستفيد الفريق التطواني بنفسه من درس فوزه باللقب، فالموسم المقبل سيدخل البطولة بصفته حاملا للقب، وليس فريقا يراهن على إحداث المفاجأة، كما أنه سيشارك في عصبة الأبطال الإفريقية، لذلك عليه من الآن أن يرتب أوراقه، ليحافظ على بريقه ويواصل رسم الفرحة على الجمهور التطواني الذي أثبت تحضره وروحه الرياضية العالية طيلة موسم بأكمله.