ترقبت العيون مجيء الناخب الوطني رشيد الطاوسي من جولته الأوروبية وتوقفت الآذان عن السمع للحظات لتنصت بدقة وإمعان إلى الرجل وهو يتحدث إليها في ندوته الصحفية يوم أمس عن نتائج هاته الرحلة، ويخاطبها بثقة معلنا عن اللائحة النهائية التي ستمثل الكرة الوطنية في المونديال الأسمر بعد أيام قليلة. دخل الطاوسي قاعة الندوة مرفوقا بطاقمه والإبتسامة ترسم خطوط الطول والعرض على محياهم، وأخذ في بسط وشرح برنامجه الإعدادي للكان مفصحا عن لائحة 24 لاعبا في خضم عرضٍ لم يسبقه إليه المدربون السابقون لينفرد لأول مرة بنشر أسماء فيلقه بالصورة والتحليل والأرقام والمعطيات حتى يقنع ويستدل على نجاعة إختياراته. جاءت القائمة متوقعة بالنسبة البعض فيما فاجآت البعض الآخر، بينما تعرضت البقية القليلة للصفعة بعدما عاينت إستدعاء أسماء صاعدة وغير مجربة حسبها، وهي التي يعول عليها لتمثيل الشعب المغربي في تظاهرة قارية لا يتحدث لغتها سوى الخبراء وأصحاب التجربة والدهاء الإفريقي. ثلثا فيلق الأسود سيدخلان معارك الكان لأول مرة إلى جانب الثلث الثالث المجرب نسبيا والذي يحمل في مخيلته صورة قبلية ومعرفة بالأجواء والظروف التي تُلعب فيها هذه البطولة، وإذا وقفنا عن قرب على الأسماء المستدعاة للتحليق صوب بلاد نيلسون مانديلا سنجد ما يلي: -حراسة المرمى: لم تشهد مفاجآت كبيرة فالمناداة على نادر لمياغري المخضرم والخبير في الكؤوس الإفريقية مع الوداد والفريق الوطني شيء طبيعي ومتوقع بالنظر للوزن والثقل والأهمية التي شكّلها الرجل داخل عرين الأسود في السنوات الست الأخيرة، ويأتي إستدعاء خالد العسكري نتيجة الأداء الموفق والحضور الجيد له في قلعة النسور منذ بداية هذا الموسم، فيما كانت المفاجأة الصغيرة بإقصاء عزيز الكيناني ومنح الثقة لحارس المغربي الفاسي الشاب أنس الزنيتي المعروف بحماسه وتجربته مع الماص في الأدغال الإفريقية ليعيش نبضات العرس الأسمر لأول مرة رفقة العسكري..هذا في الوقت الذي طالب فيه محمد أمسيف إعفاءه من المشاركة في الكان على لسان عائلته التي برّرت قرار إبنها بتعرضه للتهديد من ناديه أوكسبورغ الألماني الذي وضعه بين إختيارين، البقاء مع الفريق أو السفر إلى جنوب إفريقيا وبالتالي فقدان مكانته الأساسية وحرمانه حتى من التدرب مع الرديف، أما الشاب ياسين بونو والمحترف بالفريق الثاني لأتليتيكو مدريد فنال علامة التنويه من مدرب الحراس بادو مع وعود بمنحه الفرصة في قادم المقابلات إلى جانب زميله السابق بالوداد والحارس الحالي لباس جيانينا اليوناني كريم فكروش. -خط الدفاع: والذي لطالما وُجهت له أسهم النقذ والعتاب فقد حافظ فيه الطاوسي على الثوابت الأساسية بإستدعاء بنعطية، القنطاري، العدوة، الكوثري، بركديش وكلهم بتنافسية وجاهزية عالية بإستثناء المهدي مدافع أودينيزي الذي أرغمته الإصابة على الغياب منذ 25 أكتوبر الماضي، ليكون الطاوسي قد خرق أحد بنوده وشهر "الفيتو" بضم اللاعب الصلب معللا إختياره كون ماضي الجلاد مع الأسود وقتاليته يشفعان له بالحضور رغم إنعدام التنافسية ويعتبر بنعطية من بين المرشحين لحمل شارة العمادة، كما إقتنع الناخب الوطني بضرورة المناداة على لاعب متحمس ومتعطش لحرث الميادين من قيمة عبد الرحيم شاكير الذي يشغل أكثر من مركز بقتالية وشجاعة وأظهر في الموسمين الأخيرة إستقرارا على مستوى الأداء، إضافة إلى زميله بالجيش الملكي يونس بلخضر لكن بإجماع أقل كون أداء الأخير غير مستقر في مباريات البطولة الوطنية ويتراقص بين المد والجزر وأكثر من ذلك هو تعرضه لإصابة متوسطة الخطورة في الفخذ والتي أجبرته عن الغياب لأسابيع وقد تبقيه لأيام أخرى في العيادة الطبية، فيما تقرر التشطيب لأسباب ودوافع متعددة عن كريتيان بصير، عبد اللطيف نوصير، عادل كروشي، رشيد السليماني، إسماعليل بلمعلم ، أيوب الخاليقي، مصطفى لمراني والذين سبق لهم وأن حملوا قميص الأسود في المناسبات الماضية. -خط الوسط: كان نقطة الخلاف والجدل بين هذا وذاك وجاء بأكبر عدد من المفاجأت، فإذا إستثنينا دعوة هرماش، الأحمدي، بلهندة، برادة، أمرابط وحتى السعيدي المصاب والفاقد لإيقاع المباريات المرتفع، فقد عرف هذا الخط المهم والذي يعتبر ميزان أي فريق ومحركه الأساس غيابا قويا ومدويا للعميد الحسين خرجة والذي يمارس في دوري خليجي بطئ ساهم في إنخفاض مستوى اللاعب حسب الطاوسي وجعله خارج منظموته ومخططاته التكتيكية والتي ينوي الإعتماد فيها على السرعة بشكل أولي، كما تم إسقاط بوصوفة، تاعرابت، كارسيلا، لبيض لأسباب تأديبية وعقابية وأخرى إختيارية إلى جانب إطفاء جمرة تولوز أدريان ريغاتان حاليا وتركه كجوكر مستقبلي..أما المفاجأة التي لم يتوقعها الجميع فهي ورقة كمال شافني العائد إلى عرين الأسود بعد طول غياب في جائزة ثمينة للاعب المتميز والمجتهد مع بريست في الليغ 1 هذا الموسم بتنافسية عالية وأداء مثالي، إضافة إلى منح الثقة لصانع ألعاب أجاكسيو شهير بلغزواني المُجرب في اللقاء الودي الأخير ضد الطوغو والمراقب منذ أسابيع عديدة من طرف الطاقم التقني الذي آمن به كأسد قادم بقوة وجب منحه فرصته بالكان وإستغلال إرتفاع لياقته، لتبقى نقط تباين الآراء والإختلاف حول إستدعاء اللاعبين المهدي النملي وعبد الإله حافيظي المتألقان محليا مع المغرب التطواني والرجاء البيضاوي، لكن مع علامات إستفهام كبيرة بشأن الإضافة التي قد يمنحانها للفريق الوطني في بطولة قارية صعبة ومعقدة عِلما أنهما سيرحلان إلى جنوب إفريقيا بدون زاد إفريقي ويعلمان جيدا أن إمكانية ظهورها في التشكيلة الأساسية جد مستبعدة إن لم تكن مستحيلة. -خط الهجوم: إحتُرم المنطق بشكل كبير بإستدعاء يوسف العرابي رغم هبوط مستواه وغيابه عن التهديف مع فريقه غرناطة في مباريات الليغا الأخيرة لكنه يبقى عنصر مهم وأحسن تنافسية وجاهزية حاليا من مروان الشماخ ويوسف حجي المبعدان عن الكان لأول مرة منذ 2004 لأفول قمريهما بلندن والدوحة تواليا، كما فعل الطاوسي خيرا بإعادة الحمداوي للعرين بعدما إستعاد اللاعب بريقه بفلورانسا وإسترجع هيبته أمام المرمى رفقة فيرونتينا، لينضم إلى هداف البطولة الإحترافية عبد الرزاق حمد الله الموهوب والقناص بالفطرة والذي سيجد نفسه في أول إختبار حقيقي خارج المغرب بعدما حرمه عناد فيربيك من الأولمبياد الصيف الماضي، ويأتي عميد الجيش الملكي يوسف القديوي كمهاجم رابع لم يلق إستدعاؤه الترحيب من لدن الجميع حيث تحجج الرافضون بكونه أناني وفردي في أسلوب لعبه وسيكون آخر حلول الطاوسي هجوميا فيما تفاءل الموافقون والمدعمون لحضوره ببراهين من بينها سرعته ومراوغاته الحاسمة وإختراقاته الخطيرة والتي قد تخلق الفارق أمام مدافعين بطيئين. هذا ويبقى الناخب الوطني المسؤول الأول عن إختياراته وقائد الكوماندو والمعني بشؤون فيلقه، والوحيد من ستثبت نتائج معاركه بالكان مدى توفيقه أو رسوبه في التوليفة هاته والتي حددها عن قناعة تامة وبعد مشورة مع مساعديه فقط ودون ضغوطات عليا أو خارجية.