النسور على خط العبور الشياطين في رواق مثالي يتعقبون اللقب الغالي هل يعزفون ذات اللحن ويصنعون الربيع مجددا؟ عصبة الأبطال هل تعدم الأمال؟ يعلق جمهور الرجاء البيضاوي آمالا عريضة خلال مرحلة الإياب المقبلة لتكرار نفس سمفونية الموسم الماضي حين عاد الفريق من بعيد وربح مسافات كبيرة وأزاح الدفاع الجديدي وبفارق كبير.. النسور يعولون مجددا على سلاح السرعة النهائية، من أجل القبض على اللقب العاشر وتأكيد أنفسهم كعلامة من العلامات الكبيرة التي لا تنكسر بسهولة، وداخل كل هذا يبرز جوزي روماو كوجه موضوع تحت مجهر الأحداث لربح رهان سبق له وأن كسبه سابقا، فهل يفعلها الشياطين الخضر للموسم الثان على التوالي، أم أن هذه المرة الأمر مختلف وفرسان دكالة فهموا اللعبة جيدًا؟ ما أشبه اليوم بالبارحة أن يحتل الرجاء المرتبة الثالثة وبرصيد 25 نقطة بعد إسدال الستارة على مرحلة الذهاب، فهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الفريق في أسوإ حال، أو أن حلم ملاحقة الدرع بات سرابا، لأن نفس السيناريو الذي يعيشه هذا الموسم هو صورة مستنسخة كربونية لما عاشه الموسم الماضي، هو نموذج معاد لوضع تعود النسور صياغته، وكل مرة يخرجون مثل المارد من قمم الأحداث ليضغطوا على الزناد ويؤشروا على عودة قوية ومبرمجة على العناق مع اللقب. على الأقل كما يبرز إداريو وتقنيو الفريق الأخضر أن الوضع هذا الموسم أفضل بكثير مما عاشوه الموسم الماضي، إذ لم يكن أكثر الموغلين في التفاؤل يعطون ولو بنسبة واحد بالمائة الأفضلية للفريق للعودة ويحرز الدرع وهو الذي كان إلى حدود الدورة الرابعة أنذاك يحتل في واحدة من المشاهد غير المألوفة ولا المتوقعة المرتبة الأخيرة بنقطتين، بل تعادل في مناسبتين داخل ملعبه أمام (أولمبيك آسفي والمغرب التطواني) وخسر في مناسبتين على التوالي أمام كل من الجيش الملكي وجمعية سلا، وليؤشر نفس الفريق مع نفس المدرب (جوزي روماو) على عودة مجنونة فاز خلالها في ست مباريات على التوالي قبل أن يوقف زحفه المغرب الفاسي بتعادل هتشكوكي (11)، وليجمع الرجاء حينها (29 نقطة) بواقع 8 إنتصارات و5 تعادلات وهزيمتين، سجل خلالها 23 هدفا واستقبل حارسه 7 أهداف. وهو ما يعني بلغة الأرقام أن الفريق يتخلف عن عداد نقاط الموسم الماضي ب 4 نقاط لا غير، مع فارق بسيط هذه المرة يكمن في كون الرجاء حينها أنهى المسار وصيفًا وحاليًا يبتعد ب 8 نقاط كاملة عن المتصدر الجديدي، ما يجعل الأمر مختلف هذه المرة بعض الشيء عملا بمقولة «ليس كل مرة تسلم الجرة». السبرينت له مقوماته السرعة النهائية التي دأب الرجاء عليها أو السرعة النهائية التي شكلت سلاحا للخضر كل مرة للتدارك وتعويض ما فات هي ذاتها المعول عليها خلال مرحلة الإياب هذا الموسم لربح مواقع أمامية وكسب نقاط إضافية تصل بالفريق لحافة النقطة الستين وما فوق، وهو التنقيط الذي يعني أن تكون بطلا. الموسم الماضي أنهى الفريق المطاف خلال النصف الثاني بشكل أكثر من مثالي وبأقل الأخطاء الممكنة واستطاع أن يعوض انكسارات مخيبة وغير متوقعة ذهاب، ليتحصل في العودة على (32 نقطة) والذهاب 29 نقطة، غير أن الإشكال المطروح أمام جوزي روماو تحديدا هو كالآتي: بأي شكل وبأي رجال سيربح الرهان المسطر؟ وبأي مقومات يستطيع الرجل تكرار نفس العزف الرائع الذي وقع عليه الموسم الماضي؟ ما يعاب على الرجاء هو أنها لا تتجرأ على طرح أسماء عملاقة قاريا ومحليا رهن إشارتها، هو كونها تتقشف بخصوص ضم لاعبين من أعيرة متوسطة وهي المعول عليها لأن تشكل واجهة الترويج للنجوم الكبار والأسماء الرنانة، وهو ما يجعل الفريق على ضوء المعطيات الراهنة والحالية موعود مع صعوبات جمة من أجل التدارك ومن أجل تذويب الجليد الذي قوامه 8 نقاط كاملة مع فارس جديدي استوعب درس الموسم الماضي جيدا وخلفه فارس أحمر يتربص به الدوائر. عصبة الأبطال الإكراه الآخر ولئن كان تمرد النسور الموسم الماضي في تواضع البداية قد ساهمت فيه مجموعة من المعطيات، منها ما هو مرتبط برغبة العناصر في الإنتصار للذات ولإرواء غضب الجمهور فإن نفس العودة ارتبطت أيضا بتفرغ كامل ومطلق للفريق لواجهة البطولة وبتواجد عناصر جعلت من الدرع هدفا أولا وهدفا أخيرا بعد الخروج المبكر من مسابقة دوري أبطال العرب أمام الصفاقسي التونسي وبعدها السقطة الغريبة في منافسة كأس العرش أمام إتحاد أيت ملول في دور مبكر، وهو الذي أتاح للرجاء حينها أن يستنفر كل جهوده وحواسه من أجل الإبصام على إياب أنطولوجي بعدما بدا في صورة الجريح الساعي لجمع شتاته. وهنا يكمن الإختلاف عما حصل الموسم الماضي، من خلال دخول الرجاء لمسابقة غير معذور إن لم يترك بها وخلالها بصمته، ولا يوجد ما يبرر له إن هو أخلف الموعد أو تواضع فيها، إذ يتعين عليه أن يتجاوز الحواجز الإقصائية التمهيدية لدخول أدوار المجموعات التي أصبحت مرحلة شاقة على سفراء البطولة والكرة الوطنية. مبدئيا وقبل إسدال الستارة على أحداث البطولة بشكل نهائي أواسط شهر ماي، سيكون الرجاء في حال تفوقه في مسابقة عصبة أبطال إفريقيا قد خاض 3 أدوار، ما يعني تأجيل مباريات وضغط برمجة موازية، دون إغفال المسابقة الأخرى كأس العرش بكل ما تتطلبه هذه الرهانات من جهود، ومن تركيز مطلق، ومع ذلك لا يبدو متاحا أمام الخضر وخاصة جمهورهم أن يفرطوا في أي من الواجهات الثلاثة وأولاها لقب البطولة الذي هو داخل الخزانة الخضراء والإستسلام في الحفاظ عليه يعني أن روماو على خط الإنطلاق. روماو والخيار الصعب إختيار البرتغالي جوزي روماو العودة مجددا للمغرب وتحديدا للرجاء وهو الذي نال شهدين عجز غيره عن تذوقهما تباعا سواء من المحليين أو الأجانب رفقة أكبر ناديين (الوداد والرجاء) كان على أساس دخول التاريخ، وصناعة رقم آخر غير مسبوق، رقم يجعله يحافظ على الدرع داخل الخزانة الخضراء، وهذه المرة ليحمل التاج رقم 10، قبل أن يصطدم ذات المدرب وهو الذي تشبع جيدا بكواليس البطولة وعرف الجانب الخفي عن نواديها، بواقع آخر لم يألفه واقع تطور مضطرد للأندية وواقع اختلاف سريع في مجريات الأحداث عما عاشه المواسم الماضي. روماو الذي يؤمن بنظرية إما أن يكون بطلا أو لا يكون، بدليل أنه يضع سقفا للمنح يتماشى دائما مع الرتبة الأولى ويضع باقي المراتب الأخرى في سلة واحدة، سيجد صعوبة في تحديد الهدف هذه المرة، بين أن يضع بطولة عاشرة، أو إبحار لأبعد مدى في عصبة الأبطال الإفريقية أو حيازة الكأس السابعة (كأس العرش) طبعا. على أن الجمهور الرجاوي الذي أطلق لقب الإمبراطورية على فريقه، يدرك أنه إذا قدر له أن يختار سيختار طبعا الألقاب كلها، وهنا تكمن صعوبة الأشياء أمام مدرب انفلتت الأمور من بين يديه تباعا، واصطدم غير ما مرة بلاعبيه (مسلوب، فتاح، متولي وبلخضر)، ما يعني أن ما ينتظر الساحر هو الصعب بعينه، وكسب التحدي يعني أيضا أنه رجل المهام العسيرة، وأن من طالبوا برأسه لحظات الإنكسار الماضية أخطأوا التقدير في حق مدرب يعرف من أين تؤكل الكتف. الأمبراطورية وأحلام الآخرين جمهور بحجم وروعة ما هو متوفر للرجاء، وقاعدة بمثل الإستثناء المتوفر للنسور، أكيد أنها ستشكل رقما إضافيا يخدم مصالح الفريق فيما تبقى من جولات خاصة، وأن لغة الأرقام والإحصاءات تقول أنه والدفاع الجديدي الوحيدان اللذان لم يخسرا داخل القواعد، بما يفسر الدفعة المعنوية الكبيرة التي يعطيها الأنصار لفريقهم، ولعل صورة المقاطعة التي حدثت في مباراة شباب المسيرة والتي كان لها الوقع الإيجابي واقتربت من العلاج بالصدمة، ما هي إلا صورة مجسدة عما يمكن أن يقدمه هؤلاء (صوت الشعب أو الإمبراطورية) لفريقهم في مرحلة الإياب، لكن داخل كل هذه الدوامة لا يمكن للرجاء أن تراهن على سرعتها النهائية بإقصاء بقية المنافسين، سيما وأن مرحلة البطولة ستعرف حربا ضروسا على النقاط والمواقع. الدفاع الجديدي يأتي في الطليعة وهنا سيتساوى مع الرجاء في كونهما مع معنيان بالمشاركة قاريا في ذات المسابقة، والوداد البيضاوي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل سقطته ضدالجديدة عنوانا لإخراجه من حسابات اللقب، ومع هؤلاء سيطل الجيش الملكي بسلاح التجربة والتمرد على التواضع كما تعود دائما، وأولمبيك خريبكة المتعود دوما على قلب الأوضاع والمغرب التطواني الساعي رفقة فاخر لتحقيق عودة مجنونة إيابا وباقي الفرق الأخرى. فهل ينجح النسور في تأمين عبورهم مجددا صوب صدارة دأبوا على ربحها بالسرعة النهائية؟ وهل يفلح روماو في ربح التحدي مجددا برغم شكوك رافقت العودة؟ وهل يدفع جمهور الخضراء فريقها صوب تكرار نفس صورة الموسم الماضي؟ الإجابة ليست ببعيد..