كاريزما تتبهدل الذين يتحدثون اليوم عن بدعة فاريا وباريناغا وكليزو وكل من مر من محراب «الفار» وارتدى لباسه العسكري وعلق «كاسكيط» الفريق الوطني بتعبئة دوبل روشارج، عليهم أن يعودوا لأجندة الماضي ويقارنوها مع إسهال المباريات الفيفاوية والكافاوية وحتى المحلية، ليصلوا لحقيقة واحدة وهي أن ما كان موضة على عهد عبد الحليم لم يعد اليوم صالحا في زمن سعد الصغير.. من حق الطوسي أن يحلم.. أن يطمح وأن يتفلسف كما يشاء.. ومن حقه أيضا أن يركب الموج الذي يريد ما دام لا يخشى الغرق، يحدث هذا حين يكون معنيا بشأن الفريق العسكري، لكن حينما يتعلق الأمر بكاسكيط المنتخب فإن الأمور هنا تخرج من بين يديه، ولا يبقى وحده مسؤولا عن وضعه لأنه يدخل هنا خانة الوجه المشروك وخانة أنه ملك للجميع.. جوج ضربات فالراس عادة كتحمق، وما فعله الصقر أديبايور أكمله النسر ياجور في أقل من أسبوع، حيث فجأة تهاوى الناخب الوطني من برجه العاجي الذي أدخلوه إليه بعد الفوز على الموزمبيق التي بالكاد تتعلم الحبو في القارة السمراء، ومعه سيعود سؤال طويل عريض ليتردد نهاية كل أسبوع يلعب فيه الطوسي وفريقه العسكري، سؤال يخص سمعة ناخب وكاريزما ناخب وخاصة «مورال» مروض الأسود.. قال الطوسي في ندوته الصحفية الأخيرة أنه يريد لاعبين جائعين يحضرون معه الكان القادم، ويريد على وجه الخصوص لاعبين جدد لم تترسخ في ذاكرتهم آفة الخسارة والرضا بالهزائم والإخفاقات، ومن تابع طريقة تجاهل خرجة عرفوا أن الطوسي كان يقصد العميد أيضا بما قاله في الندوة، لأن خرجة وبصير والشماخ وحجي هم من العينة التي أدمنت الإخفاقات ومن الفئة التي تعاقدت مع النكبات في دورات الكان الأخيرة.. جميل جدا ومقبول أن يبحث الطوسي عن تحسين نسل لاعبي المنتخب الوطني، وأن يبحث عن كاميكازيين جدد بروح إنتصارية صريحة ولاعبين يرفضون الهزيمة، لكن ماذا عنه هو كموديل وكمروض وكراعي للقطيع؟ أن يبقى الطوسي مدربا للفريق العسكري ليدمن الهزيمة بعد الأخرى، كأن يخسر أمام الرجاء بما يستحمله هذا من انهيار نفسي ويخسر بعدها أمام «الماص» و«الكوديم» ويتعذب أمام «الكاك» وغيرها.. فهذا يضع كاريزما الناخب الوطني أولا وسمعته عند المشاهد والمتتبع العادي على المحك، كما قد يكون هذا واحدا من أسباب الشك التي تبطل الوضوء وتعيد حكاية التعاقد معه كل مرة للظهور ومدى استحقاقه للمنصب.. بعد تتويجه بالثلاثية أجمع شعب الكرة من صغيرهم بفاس لغاية أكبر مسن بسيدي قاسم على أن الطوسي يستحق هذا التشريف، لأن المعيار الذي تم الإحتكام إليه هو معيار ما قدمه بالبطولة وشقيقتها الكأس، لذلك ستعود نفس المقاربة ونفس المقارنة للظهور مجددا إذا ما بقي الطوسي على رأس هرم العسكر، بل سيسمع أسبوعيا في ملاعب الفرق المستضيفة ما سمعه في مركب محمد الخامس أمام الطوغو، والأكثر من هذا سيضع فريقه العسكري نهاية كل أسبوع أمام فرق يتحول لاعبوها لمحاربين لا لشيء سوى لمحاولة إقناعه باستحقاقهم دعوته الكريمة.. على الرغم من حكاية الكر والفر التي يمارسها الناخب الوطني تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح على أنه يجهل مصيره المزدوج لغاية الآن، فإنني لم أستوعب للحظة على أن مدرب الفريق العسكري سيواصل مهامه بالمعمورة في مركز الزعيم، سيما في الشهرين الحاسمين (دجنبر ويناير وحتى فبراير)، حيث سيكون المنتخب الوطني قد دخل فعلا وقولا معمعة الكان بجنوب إفريقيا.. بالمختصر الذي يفيد في كل الحالات، ما فعله باريناغا وفاريا ذات مرة لم يعد صالحا ليومنا هذا، قديما لما كانت البرمجة تتم على مقاس خاص جدا بحجم قامة الزعيم ورغبات فاريا الذي كان يصطحب معه 9 من لاعبي الثكنة، واليوم غايبي أمام مدفع الفرق ومحرقة الإعلام ولا يوجد في قاموس برمجة اليوم جبر خواطر.. لو حدث وبقي الطوسي مدربا للفريق العسكري وبقي يخسر مباريات البطولة ولو على فترات متقطعة، فإنه سيصعب عليه إقناع لاعبي المنتخب الوطني بحقيقة خطابه العلمي كما يقول، خطاب يحرض على الإنتصار ورفض الخسارة، إلا إذا صدر مرسوم جامعي لباقي الفرق بعنوان «دعوه ينتصر كي يرفع المورال»..