نور الدين اكديرة الذي عرفته.. ترسيخا لقيم الوفاء في زمن عز فيه الوفاء وتأسيسا لثقافة العرفان بالجميل لجيل القادة ولرموز الإبداع الصحفي، تنظم الجمعية المغربية للصحافة الرياضية هذا السبت بقاعة ابن ياسين بالرباط، النسخة الثانية لكأس الوفاء والتي ستكرم رمزيا علما كبيرا من أعلام الصحافة والفكر الرياضيين الراحل نور الدين اكديرة، بعد أن كانت النسخة الأولى قد كرمت سنة 2011 الرئيس المؤسس للجمعية المغربية للصحافة الرياضية ومعلم الأجيال المرحوم عبد اللطيف العربي. ولأن الوفاء من شيم الفضلاء والكرماء فإن إستحضار إسم المرحوم نور الدين اكديرة اليوم من قبل الجمعية وقد مر على رحيله الحزين قرابة 22 سنة، لا بد وأنه يرمز إلى حالة الشتات التي أصبح عليها الجسد الصحفي الوطني عندما ضعفت العرى وتلاشت الصلات وقوي التشردم، في وقت كان فيه المرحوم اكديرة صوتا حيا ينادي بمعية أبناء جيله من القيدومين بضرورة التوحد للوقوف صفا واحدا في معترك البناء، بناء الحركة الرياضية الوطنية لمطابقتها مع عصرها ومع إمكاناتها الذاتية.. والذين لا يذكرون من جيل اليوم الراحل نور الدين اكديرة فأنا أقول أنه كان لعصره ولجيله ولوطنه المعدن النفيس، الإذاعي المهني الذي قدس الأمانة وعظم الرسالة، فسخر الفكر قبل الصوت للنقد البناء، فكان له في كل حوار عميق ومسؤول رأي مسموع، وكان له في كل إشكال رياضي يطرح مقترحات وحلول، وكان له في كل تناظر حول حاضر ومستقبل الصحافة والرياضة موقف مستمد من مبادئ ظل الرجل ثابتا عليها لا يتزعزع ولا يحيد عنها، لذلك ما كان يضيره أبدا أن يتواجد في كل معتركات البناء والإصلاح، فلم يقتصر جهده على الإرتقاء بالإعلام الرياضي الإذاعي الذي طوره بملكات إبداعية كبيرة وقاد فيه بأريحية وبمهنية جيلا من الصحفيين والواصفين الرياضيين أسس لكورال سمفوني داخل القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، أبدع فيه زملاء كثر منهم من رحلوا عنا رحمة الله عليهم ومنهم من هم على قيد الحياة، أدام الله عليهم رداء الصحة والعافية (المرحوم محمد الزوين، المرحوم قاسم جداين، المرحوم أحمد الغربي، الحسين الحياني، عبد اللطيف الشرايبي، عمر الدراجي، عبد الفتاح الحراق، المهدي ابراهيم، محمد الأيوبي، امحمد العزاوي، ابراهيم الفلكي، حميد البرهمي، العابد السودي القريشي، محمد الصقلي، المرحوم محمد البختي)، بل إن الجهد إمتد إلى أن تكون الإذاعة الوطنية بقوة الصوت والنفاذ إلى وجدان الجماهير من خلاله منبرا للتعبير عن الرأي بنزاهة فكرية غير مسبوقة.. وكان مؤثرا في المنظومة الرياضية وقتذاك أن يتوصل المرحوم نور الدين اكديرة إلى تفعيل القوة الإقتراحية للصحافة المسموعة لتكون منسجمة، بل ومكملة للصحافة المكتوبة والمرئية، عندما كان يتناول بمهنية وبحكمة وبعمق وطني تشهد عليه جرأة الطرح العديد من القضايا الرياضية التي كانت حينها موضوع الساعة. وأبدا لم يتوقف الإشعاع الفكري للمرحوم نور الدين اكديرة عند مجرد إسماع الصوت الوطني الغيور على رياضة بلده من خلال الإذاعة الوطنية التي كان بحق واحدا من كبار فرسانها، بل إن مرجعيته وكاريزميته أيضا ستضعانه بكل تلقائية في خدمة الحركة الرياضية الوطنية من خلال كل المواقع التي تواجد فيها، بخاصة لما إختاره الجنرال ادريس باموس أسطورة كرة القدم الوطنية وقد تولى رئاسة الجامعة ليكون بين الأعضاء الجامعيين مكلفا بشأن حساس داخل الجامعة، خلية التواصل وبعدها اللجنة المركزية للتحكيم، وطبعا من ينسى ما كان للمرحوم نور الدين اكديرة خلال الفترة التي اضطلع فيها بمهمة الكاتب العام للجمعية المغربية للصحافة الرياضية من لمسات إنسانية سابقة على كل ما هو مهني جالب للصدام وللإختلاف.. نور الدين اكديرة الذي أحببته في مرحلة الصبا صوتا جهوريا ينطق بالحقيقة ولا يخاف في الدفاع عن الحق وعن مصلحة الوطن لومة لائم، وتعلمت من سعة أفقه الفكري هو نفسه نو الدين اكديرة الذي عايشته وجايلته واستمتعت بسعة صدره وبخفة روحه وبما كان يصلني من معدنه الإنساني النفيس.. الصدق والحب والأصالة والعراقة كلها أشياء تجعل نور الدين اكديرة الإعلامي والرياضي والحكيم حيا بيننا، فلا نصدق أنه رحل عنا قبل 22 سنة.. رحم الله نور الدين اكديرة وأتابه وجزاه عنا خير الجزاء.