لا تقتلوا هذا الأولمبي حتى ولو أقصينا من الأولمبياد، وحتى لو إستقال هذا البيم فيربيك من مكانه كمدرب فاشل، وحتى إن قضي أمر الجامعة التي استنزفت مالية الأولمبي بالملايير، وانحنت إلى طاقم وجيش وأسطول فيربيك بلا حسيب ولا رقيب، فلا تقتلوا هذا الأولمبي كصناعة وكجيل، لم يكن سيئا إلى هذه الدرجة من الإنتقائية العوجاء.. ولم يكن فاشلا ككومندو قدم أحلى كرة عالمية غير مؤطرة بالذكاء الفني للهولندي بيم فيربيك قياسا مع تاريخ الكرة الهولندية التي لم ينجح مدربوها في العالم إلا بالنزر القليل.. هذا الأولمبي شخصيا راقني أمام اليابان بغض النظر عن التحليلات المجانبة للصواب، وبخاصة في إطار إعدام الروح القتالية التي توالى الحديث عنها بشكل مطلق مع خلاصات الإنتقادات الفنية الخاصة بالمدرب، إذ جوهر الأداء المغربي القتالي تفرضه رغبة الفوز أصلا.. ولا يعقل أن نبعد هذه الخاصية عن الأولمبي، لأنه كان بوسعه أن يفوز على الهندوراس كما كان أقرب إلى الفوز على اليابان بالروح القتالية، لكن الأسلوب والطريقة وقراءة الخصم والمواقع الشاردة هي التي أساء إليها المدرب، لكنها لم تفشل قيمة الأولمبي كصورة وكأداء راقي.. ومن لا يقاتل لا يخسر بهدف لصفر، ومن يتعادل بالهدفين لا يعني أنه لم يقاتل، لكن الرجاء خسرت بالأضعاف من دون أن تقاتل وتقاوم تيار العملاق البارصاوي.. والفرق واضح في الدلالة.. ومن حلّل وهلّل على هواه مسؤول عن قوله ومسؤول عن اتهاماته ومسؤول عن ثقافته الكروية، لأنه ينتقد بالعاطفة لا بالعقل.. والعاطفة تقف في الإنتقاد هنا وهناك بدون ميزان وليس تخريب عمل قدم لما يقارب السنتين من أجل أن نرى هذا الجيل يتألق بلندن لكن بدون فكر تقني خرافي.. أما العقل، فيقول أن لنا فريقا أولمبيا كبيرا به وجوه محترفة ومكونة ومؤطرة بأنديتها.. لكنها لا تستجيب لقدرات لغة معينة مع فريق عمل تقني فاشل، ولن تنجح إلا إذ وجد لها رجل المكان المناسب ليس في الأولمبياد لأنها مرحلة عابرة، بل لكل المراحل القادمة للمنتخب الأول، ومن يكسر هذا المنتخب ويتعاطف مع الغائبين فهو أصلا خبير عالمي، وله صلاحية انتقاء ما يراه غائبا ليحضره بالأولمبياد.. والأولمبياد ذاتها لم تقدم تاريخيا للمغرب أي شيء في كرة القدم، وبخاصة فيمن سهروا على تأهيل المنتخب للألعاب، وحتى مجاراتها وتحديها بأقل الميداليات.. لذلك فمن يفز بأي ميدالية في الأولمبياد له مدرسته الخاصة وطقوس كرته واستعداده وحتى جميع رياضاته ذات الصيغة العلمية الدقيقة في الأرقام والمعادلات والحضور البدني بأقوى جهوزية بالإمكانيات المتوفرة، ومن يفز بميدالية ذهبية أو فضية وبالغزارة الممكنة في عمق التحديات بين الدول العظمى، له وزارة قوية في حكومة قوية وبإمكانيات قوية.. ولأنه ليس من السهل أن يرفع علم بلادك وتبكي بدموع الفرح عندما يعزف النشيد الوطني.. والمغرب عاش الإستثناء في الأولمبياد لأنه اشتغل في بعض الرياضات التي هي الآن في زمن الإنحدار، وزمن هدر المال بلا محاسبة، لكنه لم يشتغل في العديد من الرياضات الممكن أن يكون فيها عبقريا لو توفرت له الإمكانيات مع أن الطاقات موجودة وغير مؤطرة.. أخيرًا الأولمبي المغربي جيل جيد قدم أكثريته أداء راقيا.. ولا يمكنه قتله وتناسيه مع أي مدرب قادم حتى ولو استقال غيرتس وفيربيك والجامعة غير المؤهلة إطلاقا للعب دور البطل.. وفيربيك صنع الأحلام للمغاربة بالقوة على أنه راحل من أجل الفوز بأحد الميداليات، لكن التعادل أمام الهندوراس والهزيمة أمام اليابان وضعت الرجل في حجمه الصغير كعنيد ومتسلط غير آبه بقيمة الدولة التي يمثلها ويأكل مالها مع طاقمه الكبير في العالم.