حقق المبارز المصري الواعد علاء الدين ابو القاسم حلم والده وادخل الفرحة الى قلوب 80 مليون مصري لا يزالون تحت وطأة مخلفات الثورة التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك, وذلك بانتزاعه فضية من رحم المعاناة في سلاح الشيش في دورة الالعاب الاولمبية المقامة حاليا في لندن. وخسر ابو القاسم امام الصيني شينغ لي 13-15 في المباراة النهائية. ولم يكن أشد المتفائلين وحتى ابو القاسم نفسه يتوقع تحقيق هذا الانجاز لاعتبارات كثيرة ابرزها المعاناة الكبيرة التي ذاق مرارتها هذا المبارز استعدادا للالعاب الاولمبية بسبب الظروف القاهرة التي عاشتها بلاده في العامين الاخيرين اثر ثورة "الربيع العربي" التي اطاحت بالرئيس مبارك, بل الاكثر من ذلك ان والده توفي قبل 5 اشهر. وقال ابو القاسم الذي منح بلاده فضيتها الثامنة في تاريخ الالعاب الاولمبية والاولى منذ فضية الملاكم محمد علي في اثينا 2004: "انه أمر لا يصدق, وأنا حقا لا أصدق ما فعلته". لكن يبدو ان الظروف القسرية التي عاشها ابو القاسم كانت بمثابة حافز كبير له لتحقيق انجازه التاريخي متسلحا بخبرته القصيرة في عالم المبارزة حيث توج بطلا للعالم في فئة الشباب عام 2010 وبطلا لافريقيا هذا العام في الدارالبيضاء المغربية, ودخل التاريخ من اوسع ابوابه لانه اصبح اول افريقي يحرز ميدالية اولمبية في هذه الرياضة. وكانت افضل نتيجة للاعب افريقي في منافسات الفردي بالمبارزة المركز السابع للتونسية عزة بسباس عام 2008 في سلاح الحسام, بينما احرز المنتخب المصري للرجال المركز الرابع في سلاح الشيش عام 1954. واوضح ابو القاسم (21 عاما) في هذا الصدد "انها فقط ثمرة العمل الجاد والتدريبات الصعبة, لا شيء أكثر من ذلك, لقد أثبتت بأنني قادر على تحقيق هذه النتائج, لا يجب أن أكون عصبيا, ولا بد ان اثق في نفسي". واضاف "لا أصدق ما حققته حتى الان. أحتاج الى بعض الوقت لأفهم تماما ما وصلت اليه". واوضح ابن مدينة الاسكندرية الساحلية "أنا المبارز الأفريقي الأول الذي فاز بميدالية اولمبية وهذا يجعلني فخورا, خصوصا لان هذا العام شهد وفاة والدي وهذه الميدالية الأولمبية كانت حلما بالنسبة اليه, وقد حققت هذا الحلم". وكان ابو القاسم قاب قوسين او ادنى من تحقيق انجاز اعظم وكسب الميدالية الذهبية لولا فقدانه التركيز في ال90 ثانية الاخيرة لانه كان متقدما بفارق لمستين وكان على بعد لمستين من حسم نتيجة المباراة في صالحه. وقاتل ابو القاسم المصنف ثامنا وبطل الدورة العربية في الدوحة عام 2011 بضراوة في المباراة النهائية ولم يستسلم ابدا حتى عندما تخلف بفارق 3 لمسات في الجولة الاولى (5-8) وتعرض الى اصابة في يده اليسرى حيث احتاج الى تدخل طبيب الدورة لعلاجها قبل ان يعود اكثر اصرارا فنجح في تذويب الفارق وادرك التعادل في نهاية الجولة الثانية 11-11 بعد رد التحية بفارق 3 لمسات ايضا (6-3), ثم تقدم 13-11 قبل نهاية الجولة الثالثة بدقيقة ونصف الدقيقة وكان على بعد لمستين فقط من الذهبية لكن الصيني سجل اربع نقاط متتالية ليخرج فائزا. وعموما لفت ابو القاسم الانظار بشدة امس الثلاثاء باطاحته بمبارزين اقوياء لهم باع طويل في هذه الرياضة خصوصا الاوروبيين حيث قهر بطلين عالميين هما الالماني بيتر يوبيش والايطالي اندريا كاسارا. وقال ابو القاسم "لا أصدق ما فعلته طوال اليوم, لقد لعبت ضد مبارزين اقوياء", مضيفا "للوصول الى المباراة النهائية كان علي الفوز على بطل العالم اربع مرات الالماني بيتر يوبيش (15-10 في الدور الثالث), وعلى بطل العالم الحالي والمصنف اول عالميا الايطالي اندريا كاسارا (15-10 في الدور ربع النهائي). كان ذلك صعبا جدا بالنسبة لي, ولكنني فعلته". يذكر ان آخر ميدالية مصرية في الالعاب الاولمبية حققها لاعب الجودو هشام مصباح وكان من المعدن البرونزي في وزن دون 90 كلغ في دورة بكين عام 2008. وتعقد مصر الامال في العاصمة الانكليزية على استعادة امجاد مشاركتها في اولمبياد لندن عام 1948 عندما حصدت اكبر غلة لها بذهبيتين لمحمود فياض وابراهيم شمس في رفع الاثقال وفضيتين لمحمد عطية في رفع الاثقال ومحمود حسن في المصارعة وبرونزية ابراهيم عرابي في المصارعة. وكانت اول ميدالية اولمبية من نصيب الرباع المصري السيد نصير صاحب ذهبية امستردام 1928 وذهبية المصارعة الرومانية لابراهيم مصطفى في العام ذاته وفضية الغطس من المنصة الثابتة لفريد سمكه في امستردام ايضا, فيما كانت ثاني افضل غلة في برلين 1936 من خلال ذهبيتين لخضر التوني وانور احمد في رفع الاثقال وفضية صالح سليمان في رفع الاثقال وبرونزيتين لابراهيم سمش ووصيف ابراهيم في رفع الاثقال. وتتصدر مصر الدول العربية في حصد عدد الميداليات الاولمبية برصيد 25 ميدالية بواقع 7 ذهبيات و8 فضيات 10 برونزيات, وهي ترغب في تعزيز غلتها من المعدن الاصفر من خلال وفدها الرياضي الكبير ومحو خيبة الاولمبياد الاخير في بكين عندما اكتفت بميدالية واحدة وكانت برونزية مصباح في ثالث اسوأ مشاركة مصرية من حيث الغلة بعد اولمبيادي هلسنكي 1952 (برونزية راشد عبد العال في المصارعة) ولوس انجليس 1984 (فضية محمد علي رشوان في الجودو). وكالات