أكدت الرياضة العربية من جديد تراجعها مقارنة بنظيرتها العالمية، وتجلى ذلك في الحدث الرياضي الأبرز للعام 2008 وهو دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها العاصمة الصينية بكين وخرج منها العرب بحصاد شحيح وبائس. وإذا أردنا اختصار حال الرياضة العربية في أولمبياد بكين الذي أقيم في الفترة من 8 إلى 24 أغسطس/ آب، تكفينا الإشارة إلى أن الحصاد الذي حققته الدول العربية مجتمعة من الميداليات الذهبية يقل عما أحرزته دولة صغيرة مثل جامايكا. أما إن شئنا مزيدا من القسوة فإن ما حصده العرب من الذهبيات هو فقط ربع ما فاز به رياضي واحد هو السباح الأميركي الشهير مايكل فيليبس الذي حصد بمفرده ثماني ذهبيات. فعلى مدى 16 يوما كاملة من المنافسات، اقتصر حصاد العرب على ثماني ميداليات متنوعة منها ذهبيتان وثلاث فضيات بالإضافة إلى ثلاث برونزيات لتؤكد التراجعالعربي في مختلف الرياضات على المستوى الأولمبي. حصاد متواضع الحصيلة العربية الزهيدة كان بطلها السباح التونسي أسامة الملولي في سباق 1500 متر حيث نال ذهبية هي الأولى للعرب في رياضة السباحة أولمبيا، والعداء البحريني من أصل مغربي رشيد رمزي في سباق 1500 وهي الذهبية الأولى للبحرين في مشاركاتها الأولمبية. وكانت الفضيات الثلاث من نصيب العداء السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل في سباق 800 متر، والمغربي جواد غريب في سباق الماراثون، ولاعب الجودو الجزائري عمار بن يخلف في وزن 90 كلغ. أما البرونزيات فنالها لاعب الجودو المصري هشام مصباح في وزن 90 كلغ، والعداءة المغربية حسناء بنحسي في سباق 800 متر، ولاعبة الجودو الجزائرية صوريا حداد في وزن 52 كلغ. تراجع مستمر وعكس حصاد العرب في بكين تراجعهم المستمر على الصعيد الأولمبي، حيث كان الرياضيون العرب فازوا ب14 ميدالية في أولمبياد سيدني عام 2000، ثم عشر ميداليات في أثينا عام 2004. والمثير أن الكثيرين توقعوا أن تشهد بكين تحسنا للنتائج العربية خاصة أن بعض الدول لجأت إلى تجنيس رياضيين من دول أخرى من أجل المنافسة بشكل جيد، لكن الأمور استمرت على حالها. وإذا كان الحاضر متواضعا فالماضي لم يكن رائعا، ذلك أن العرب لم يحصلوا على مدار جميع الدورات الأولمبية السابقة على بكين إلا على 20 ذهبية و18 فضية و37 برونزية فحسب. أداء هزيل وبخلاف قلة الميداليات كان الأداء العام للبعثات العربية بعيدا عن المتوقع بل إنه جاء هزيلا بشكليطرح العديد من الأسئلة حول المشاركة العربية ومدى جدية العرب في التقدم رياضيا رغم ما تنفقه بعض الدول من أموال، ورغم الصخب الذي غالبا ما يسيطر على المنافسات بين الفرق العربية. ولعل ما يلفت النظر أيضا أن الرياضات التي شهدت تفوقا سابقا للمشاركين العرب شهدت فيبكين تراجعا شديدا، فلم تجد ألعاب القوى المغربية والجزائرية سبيلا إلى منصة التتويج باستثناء فضية غريب وبرونزية بنحسي، كما تراجعت دول الخليج العربي في رياضتي الفروسية والرماية حتى إن الذهبية الوحيدة التي أحرزتها البحرين جاءت في العدو. أما البعثة المصرية فشهدت سقوطا غريبالرياضتي الملاكمة والمصارعة بعد أن أحرزت في اللعبتين أربع ميداليات في الدورة الماضية بأثينا، ولم يكن الحال أفضل كثيرا في رفع الأثقال وبقية الألعاب. إيجابيات قليلة أما أبرز الإيجابيات فكانت في رياضة الجودو التي حصد العرب فيها ميدالية فضية وأخريين برونزيتين، بعد أن اقتصر الرصيد العربي السابق في الجودو الأولمبي على فضية المصري محمد رشوان في أولمبياد لوس أنجلوس 1984. وشملت المكاسب العربية الضئيلة في الأولمبياد أيضا أداء العداءة البحرينية رقية الغسرة، بالإضافة لبطلة الخماسي الحديث المصرية آية مدني، فضلا عن دخول البحرين والسودان لأول مرة إلى سجل الميداليات الأولمبية. وبعد العودة من بكين شهدت بعض الدول العربية غضبا إعلاميا على النتائج المتواضعة، وشهد بعضهاتشكيل لجان للتحقيق في أسباب التراجع الذي يبدو أنها لم تعرف بعد رغم تكرار الإخفاق من دورة دولية إلى أخرى.