لم يكن الشعب الجزائري وحده يواجه المصريين بمعركة أم درمان، بل كانت الشعوب المغاربية كلها تعيش نفس الخوف ونفس القلق ونفس الأمنيات بانتصار الخضرا، كان ملفتا أن يتوحد المغاربة في تشجيع المنتخب الجزائري رغم الخلافات السياسة، وأن يرددوا مع الجزائريين شعارا فيه ثلاث لغات ما عدا العربية: (وان تو تري·· فيفا·· لا لجيري)، لقد كان المغاربة الذين انتهوا من مراسيم دفن منتخبهم في مقبرة فاس يطاردون الفرح والكبرياء في إنجاز تاريخي لأبناء رابح سعدان، ولن يترددوا في إعلان حبهم للمنتخب الجزائري ودعمهم له تأكيدا لوحدة شعوب المغرب العربي وخاصة الشعبين المغربي والجزائري· - راه شجعنا الجزائر غير ضد في مصر؟ - ومال مصر هي اللي دايرا لينا حالة في الصحرا؟ - ما كتسمعش المصريين كيقولو دابا؟ - علاه باقي ما سكتوش؟ لم تهدأ الطاحونة الإعلامية في مصر بعد، ومازلت بعض البرامج تكشف الوجه القبيح لكرة القدم العربية، فالمباراة انتهت في الملعب واللي عطى الله عطاه، لكن المعركة ما تزال مستمرة في وسائل الإعلام بنفس الحدة، وبعنف أكبر، فالمتتبع للقنوات الفضائية على النايل سات لابد أن تذهله طبيعة ردود الفعل المصرية المتشنجة بعد الهزيمة، وصارت البرامج التحليلية في الأستديوهات مثيرة للجنون والضحك وللفقصة، لقد انفلتت الأعصاب فانفلتت معها العبارات الجارحة والمواقف الصادمة، ما زال ما بغاش يتسرط ليهم الخسران، وبالغ أغلب المحللين في التعبير عن حبهم لمصر مقابل تجريح الشعب الجزائري الذي وصفوه بالهمجي، زعما الجزائريين ما عندهم لاحضارة ولا دين ولا ملة غير السيوفا، وظلوا يرددون أن مصر هي من علمتهم الدين والكرة العربية، ومنهم من أقسم بالله العلي العظيم بأن الجمهور الجزائري الذي حضر إلى ملعب أم درمان هو منظمة إرهابية من القتلة والمجرمين وأصحاب السوابق، ذهبوا إلى السودان لتنفيذ مخططهم الإجرامي داخل وخارج الملعب· - بيني وبينك، حتى المشجعين الجزائريين قباح شوية، ما شفتيش آش دارو للوداديين في سطيف؟ - ولكن ما غادينش يديروها غذا مع الرجا· - علاش؟ - حيت بحال الجزائريين بحال الراجاويين، بجوجهم كيحبوا الخضرا· رغم أن كل المغاربة تقريبا كان يشجعون الفريق الجزائري بشكل يشبه دعم منتخبنا الوطني، إلا أن بعض الرجاويين يرون أنهم أقرب إلى الجزائريين وأن الوداديين أقرب إلى المصريين، ربما لأن إسم الوداد سيظل مرتبطا إلى الأبد بالفيلم المصري "وداد" لأم كلثوم، وربما لطبيعة ألوان المنتخبين المصري والجزائري، فالأحمر يحيل إلى الوداد، والأخضر لون الرجاء الأبدي، وفعلا، فمدرب الجزائر رابح سعدان سبق أن توج رفقة الرجاء البيضاوي التي لعب في صفوفها الدوليان الجزائريان الشريف الوزاني والحارس دريد، وأي قلب رجاوي لابد أن يهتز حماسة وفرحا حين يسمع آلاف المشجعين الجزائريين يهتفون : "بالي يا الخضراء ديري حالة"، وكأن الهتاف موجه إلى فريق الرجاء البيضاوي، ولكل ذلك سيكون لقاء الرجاء البيضاوي بوفاق سطيف امتحانا حقيقيا للمشاعر التي يكنها كل شعب للآخر، فقد كشفت مباراة الجزائر ومصر حجم التعاطف الذي يحظى به الجزائريون في البيوت والشوارع المغربية، وأبدى جمهور الرجاء في لافتة مكتوبة - لم يكتب لها أن ترفع بمركب الخامس - مشاعر نبيلة تجاه الجزائريين من خلال "الله يا جزاير"، فهل سيبادل جمهور سطيف جمهور ولاعبي الرجاء حبا بحب، أم سيجعلوننا نندم على تشجيعنا لهم ونصدق كلام المصريين؟ - نطلبوا من الله السلامة وصافي - كون هاني، إن شاء الله، غادي نمشيو من المغرب سالمين ونرجعو من الجزائر غانمين· - وقالوها المصريين قبل منك، راه خاص الجمهور الرجاوي يدير الإحتياط· - ما تخافش، تصحاب الرجاويين غادين يديو معاهم فردوس عبد الحميد؟ =================== نافذة: بحال الجزائريين بحال الراجاويين، بجوجهم كيحبوا الخضرا·