بين مصطفى حجي وشقيقه يوسف اختلاف عميق في الثقافة والهوية والوطنية، وليست الأصابع كلها متساوية بحكمة الخالق، إذ عادة ما يختلف أشقاء أي أسرة كانت بالكثرة العددية في العقل والروح والطيش وغيرها من أساسيات الحياة السلوكية·· وبين مصطفى حجي الذي احتضنه بلده المغرب بكل الأريحية و الحب وأعطى له كامل التضحية بالفريق الوطني دون أن يسيء لنفسه ولجماهيره، نقطة اختلاف مع شقيقه يوسف في عنصر سوء تقدير السلوك الوطني للأخير حتى ولو كان في نظري أقل نجمية من مصطفى عبر واجهات الإحتراف الكبير لمصطفى في كثير من المناسبات الإحترافية التي قاد فيها أندية أوروبية كبيرة بين نانسي وسبورتينغ لشبونة وديبورتيفو لاكورونيا وأسطون فيلا وكوفنتري، مقارنة مع بقاء يوسف في الدوري الفرنسي ضمن أندية متوسطة·· ومصطفى حجي لم يكن على الإطلاق خارج النص الدولي، ولا خارج الثقافة الروحية للمجموعة، ولا منتقدا ولا رافضا للقميص الذي حمله بالحب الملتهب، ولم يصدر عنه طيلة مشواره أي رد معاكس لسلوك معين مع زملائه ولا حتى مع من دربوه في زمن عبد الله بليندة وهنري ميشيل·· بينما يوسف اجتره عن طريق الخطأ سلوك غير مقبول اتجاه منتخب بلاده كان وما زال بحاجة إليه ولأخلاق العائلة الحجية·· واجتراه تصريح عنيف إتجاه مدربه مومن طال وامتد لرفض أي دعوة منه ما دام هو ناخبا وطنيا، ولم يقبل بعدها شيئا إسمه التروي والتعقل والرزانة في التعامل مع سلوك مومن الذي اهتدى إلى المصالحة ونسيان كل ما حدث في مباراة الغابون· وإذا كان يوسف قد ثار على الوضع العام للمنتخب لدرجة أنه كان صادقا في مواجهة مومن مقابل تقديم إضافات قوية أمام الغابون دون غيره في لقاء حاسم· فمن حقه أن يدافع عن نفسه وعن إسمه وعن عطاءه وجاهزيته، ولكن ليس من حقه أن يخلع ثوبا سلوكيا لأخلاق عائلة حجي ويرفض الرد على مكالمات حسن مومن ما دام مد له يد المصالحة من بعيد، وليس من حق يوسف أن يظل ثائرا على نفسه وعلى هويته لأنه يضع صورة الفريق الوطني بفرنسا وغيرها في أسوإ مظاهرها بهذه المخالفة المحاسب عليها في لباقة الرجل المحترف، وليس من حق يوسف أن يظل طيلة هذه المرة معزولا دون عتاب من أهله وعشيرته لسلوك فض وغير مقبول، ويظل بالتالي قضية هو افتعلها ليستمر عناده أللامبرر مع مدربه، بينما القضية عندي هي قضية وطن وقميص ولون وحب وعرق وقبول بعيدا عن عناد مع رجل واحد يؤطر المجموعة قد ينتهي بالمصالحة أيا كانت النتائج حتى ولو أقصي المغرب لأنه يسير في ذات الإتجاه·· ولو تحجج يوسف في مسألة الإصابة الطارئة حتى لا يقال عنه أنه رفض دعوة مومن، فلماذا أقفل هاتفه على الإطلاق؟ ولماذا لم ينتظر رنة لطف هادئ من مدربه ولا حتى من المسؤولين؟ ولماذا جانب الصواب الأخلاقي لمنتخب أعطى له كامل الحب مثلما تعلق به شقيقه الأكبر دون خروج عن سلوك الروح إطلاقا؟ وكل هذه الأسئلة تميل نحو إجابة واحدة وصادقة، وهي أن يوسف خرج عن خط سلوك عائلة حجي، ولو حضر بميزان تجاهل ما حدث لاعتبر في نظري لاعبا بكامل الإحترافية، ولاعبا راجع نفسه وعقله وميزانه الدولي بكامل الصدق، لأنه ما أتى إلا من أجل قضية واحدة وهي سمعة المغرب أمام الكاميرون، وتقديم صورة أعلى لأخلاق الروح الوطنية حتى ولو كان مصابا مثلما فعل وادو عندما اعتذر لسلوكاته السابقة، وأتى لمباريات رغم إصابته، ولو تنبه يوسف لما فعله ويفعله الآن، سيدرك أنه أخطأ ألف مرة من خطإ المباراة السابقة، ولا مجال للسجال مع أي مدرب كيفما كانت أخطاؤه واختياراته، لأن الزمن هو الذي يغني عن السؤال والأحق بتغيير الأفكار والعقليات·· ويوسف الذي غاب عن الغابون من اختيار مومن الصائب/الخاطئ، ربما كان الأقوى الآن في معادلة الروح الوطنية لتأكيد هويته أمام الكاميرون في نزال نحن بحاجة إليه للفوز من أجل السمعة والشرف·