راوول في بلاد البترول أثار إنتقال الأسطورة الإسباني راوول غونزاليس إلى نادي السد القطري غضب عشاق الميرينغي، أولئك الذين لم يقبلوا أن ينهي الفتى الذهبي مسيرته المتوهجة في ملاعب فارغة، وفي بطولة لا تتدرب فيها الأندية إلا مرة واحدة في اليوم بعد أن يحل الليل وتختفي الشمس الجهنمية من السماء. فهل غضب هؤلاء المعجبين مشروع؟ بالتأكيد لا.، إن كانوا يحبون راوول حقا فعليهم أن يسعدوا، ذلك أن أصعب اللحظات التي يمكن أن يجتازها نجم كبير في حجمه هي هذه اللحظات الأخيرة من عمره الكروي، حيث تنحسر عنه الأضواء وتقل شعبيته، فيصعب عليه تقبل هذه الأمر كما يصعب على المرأة الجميلة أن تتقبل هجوم التجاعيد على وجهها وانحسار المعجبين عنها. فالدوري القطري صار مصحة نفسية لكل هؤلاء المشاهير، وباتت قطر أعظم ملجأ نفسي للنجوم الذين وصلوا سن الشيخوخة الكروية، لأن لفظة «اللاعب الشيخ» تثير الشفقة في الملاعب الغربية، لكنها في الملاعب القطرية والخليجية بشكل عام تعتبر لفظة «الشيخ» لقبا ساميا وامتيازا اجتماعيا لا يناله إلى المتكئون على بئر من الغاز أو النفط. خاص الجماهير العربية تنوض تدْوي مع قطر باش ما تبقاش غير تْخسر في الفلوس، راه حنا محتاجين ليهم. أسيدي، هاديك الفلوس ديالها تدّير بيهم ما بغات، كيف كيكَولوا في الأمثال: «اللي عندو قرش محيرو، يشري ليه طير ويطيرو» خطأ، هاديك الفلوس ديال البترول، عطاهم الله للعرب والمسلمين كاملين، وما خاصناش نشوفوا قطر كتخسر غير على بحال راوول وحنا ساكتين. يا ودّي خليها، اللهم تخسرهم على هاد اللعّابة اللي غير كيقصروا أو لا تخسرهم على الثوار اللي كيتقاتلوا بصح. أثارت صفقة راوول ردود فعل قاسية في العالم العربي وتحديدا في البلدان غير الخليجية، وظهر الحسد والعياذ بالله على الجماهير من كازا إلى صنعاء، فتحولت هذه الصفقة العظيمة إلى مجرد نكتة يسخر بها بنو العربان من الإخوة في قطر. منهم من قال إن النجم القادم بعد راوول سيكون هو الألماني فرانز بيكنباور، ومنهم من قال إن راوول جاء هاربا من صداع الجماهير وباغي غير يتصنّت لعظامو في بطولة بدون جمهور، وهناك من ذهب أبعد من هذا وأفتى بحرمة الأموال التي سيقبضها راوول، ما دام هناك لاعبون مسلمون وعرب يستحقون القليل جدا من الملايير الممنوحة للفتى الإسباني... القطريون كيردوا على المنتقدين بواحد المثل: «اللي ما يطول العنب، يقول له: يا حامض!» يعني بحال المثل ديالنا: «المش ملي ما كيوصلش للحم كيكَول عليه: خانز!» يصر المواطنون القطريون على اعتبار تهكمات العرب غير الخليجيين مجرد حسد يأكلهم، ويستدلون على ذلك بمقارنات ظالمة بين ملاعب قطر وملاعبنا، وبين بطولتهم وبطولتنا... لكنهم يكفون عن التفاخر حين يصل الأمر إلى الجماهير، إنها عقدة قطر! فمن تابع بطولة كأس أمير قطر على قناة الجزيرة وما سبقها من دعاية مثيرة يقف عاجزا أمام هضم خواء المدرجات، إمكانيات ضخمة جدا جدا جدا بلا مشجعين. هذا المنظر يغري المشاهدين العرب بالحلم، ويتساءلون: ماذا لو كانت بلادنا تملك ذات الملاعب والإمكانيات؟ هذا التساؤل الحالم هو الذي يؤدي إلى إحساس بالحزن، وهذا الإحساس بالفقصة هو الذي يؤدي إلى إحساس يشبه الحسد، وبمقارنة بسيطة بين البطولة المغربية وزميلتها القطرية سنقف عند هذه المفارقة؛ هم عندهم كل شيء إلا الجمهور، وحنا ما عندنا والو من غير الجمهور. راه مشكلتنا حْنا هي الجمهور، المسؤولين ما كيبغيوْش يصاوبوا تيرانات واعرين على قبل هاد الجمهور.. لمّن غتصاوْب لمّن؟ عندك الحق، التيران عندنا من ورا الافتتاح بسيمانة كيسدّوه من أجل الإصلاح! خلينا من هاد الشي، واش في خبارك الحسين عمّوتا غادي يتريني براوول؟ إيوا شفتي هاد الخليجيين؟ من أوروبا كيجبوا السْميات الشارْفة، ومن المغرب عزيز عليهم يدّيوْ الشابات. نافذة «اللي ما يطول العنب، يقول له: يا حامض!»