إشرأبت أعناق كل الشغوفين بالمستديرة المجنونة لما يمكن أن تفرزه البطولة الإسبانية في موسم يراه جل التقنيين والخبراء أنه سيكون استثنائيا، مثيرا ومشوقا مقارنة بالمواسم الأخيرة، صحيح أن بطولة الليغا التي تحظى بمتابعة جماهيرية قياسية وبشعبية خاصة عودتنا دائما على الإثارة والعروض الجميلة، لكن هذا الموسم حصلت متغيرات كثيرة أهمها الثورة التي قام بها ريال مدريد على مستوى تركيبته البشرية وتعزيز صفوفه بنجوم وازنة بعدما أصابه الحنين لزمن "الغالا كتيكو"، عودة الريال إلى الواجهة أعطت نكهة أخرى، وأعادت اللمسة الريالية بفضل نجومه التي افتقدها منذ عهد زيدان وزملائه· البداية الأولى لليغا أكدت ملاحظة واحدة لا ثانية لها، تتعلق بالإنطلاقة القوية التي أبصم عليها الغريمان التقليديان برشلونة وريال مدريد، انطلاقة لها ما يفسرها كون أن الفريقين استعاد بشكل جيد لاستحقاقات هذا الموسم وخاصة مجريات البطولة، استعدا لأنهما يدركان أن كل طرف غير مستعد للإستسلام ولا التنازل على أحقية اللقب، ولربما العودة القوية للريال هذا الموسم هي ما ستضفي قوة الصراع، ذلك أن النتائج المسجلة أفرزت، بل أعطتنا التوجه التي ستسير عليه الليغا هذا الموسم، توجه يؤكد ومن دون شك أن الصراع سيكون ثنائيا بدون منازع· صحيح أن البطولة الإسبانية عودتنا ومنذ سنوات أن الصراع عن اللقب غالبا ما يكون بين البارصا والريال، مع تواجد بعض الأندية التي تظهر بين الفينة والأخرى التي تلعب دور المطارد، لكن هذا الموسم الوضع يبدو مغايرا، لأن الفريقين أعلنا المنافسة مبكرا وبدون مقدمات، البارصا والريال حصدا الأخضر واليابس بدون خطأ ولم يرحما الخصوم، وتأكد مدى الفوارق الفنية الكبيرة بين قطبي الكرة الإسبانية وباقي الأندية، وأكثر ما أضحى يقلق عشاق الليغا ومتتبعيها أن يقتل الفريقان معا الإثارة التي تميز هذه البطولة، فالإيقاع الذي يسيران عليه والحصص المسجلة منذ انطلاق البطولة إلى الدورة الرابعة يؤكد مدى قساوتهما على المنافسين، والأكيد ألا أحد يتمنى منهما حسم المنافسة الثنائية مبكرا، لا شك أن الليغا ستفقد حلاوتها وسيكون من الإجحاف أن تخرج الأندية الأخرى مبكرا من دائرة المنافسة، وسيكون من العبث أن نرشح مبكرا أحد الفريقين ولو أن أغلب هواة التكهنات والتنبؤات صمموا على أن اللقب لن يخرج عن قلعتي البارصا والريال·· تلك حقيقة لا مفر منها، فالعروض التي يقدم برشلونة والقوة التي ظهر بها الموسم الماضي يشفعان له ذلك، وريال مدريد ونظير المتغيرات والثورة البشرية التي قام بها يجعلانه المنافس الوحيد والقوي لبرشلونة، لذلك نتوقعها منافسة ثنائية، حامية وضارية، لكن القلق ينتاب عشاق الكرة، فهل يرحم الريال وبرشلونة الليغا ويرفآن بالخصوم، أم أن الإثارة ستموت واللقب سيعلن الولاء لهما مبكرا؟