أخطر المشَجّعين لم يكن مفاجئا أن نشاهد منظر مشجعين قاصرين يحملون السكاكين والعصيّ، نْيابهم خارجين في التريبين وخارجة ليهم الكشكوشة من فمهم، فهذا أمر ألفناه، بل كان المفاجئ أن هؤلاء المشاغبين الذين قيل إنهم من مشجعي الرجاء البيضاوي لم يكن خصومهم من أنصار الفريق الضيف كما جرت العادة بل كانوا هم خصوم أنفسهم.. يعني بحال شي واحد جاعر كيضرب في لحمو بموس. المصيبة هو أن الراجا كانت رابحة وكلشي بخير، علاش هادوك داروا الفوضى. هاد الشي باش تعرف بلي هادوك مالين العصي والسيوفا ماشي رجاويين، غير مُندسّين. إيوا، هاد المندسين راه هوما «أخطر المشجعين» ما خاصناش نبقاو نخليهم يدخلوا للتيران. وباش غادي نعرفوهم؟ راه يقدر يكون خوك «مُندس» معاك في الدار وما بايناش عليه. إن «الحروب الأهلية» التي تندلع داخل ملاعب الكرة وفي محيطها تندلع بين جمهوري فريقين مختلفين، سواء أكان أنصار هذين الفريقين منتمين إلى مدينتين مختلفتين، أو كانوا ينتمون إلى المدينة الواحدة، المهم، أن هذا الإختلاف يجعل العنف المتبادل بين الجماهير مبررا، لكن ما ليس مبررا ولا مفهوما هو أن تندلع الحرب بين جمهور الفريق الواحد، وفي لحظة إنتصار هذا الفريق. أليس صادما أن نشاهد أما «رجاوية» خائفة تهرب بطفلها من مشاغبين «رجاويين» كما تهرب الأمهات السوريات من قصف قوات الأسد؟ إن هذا «المنظر» أكبر دليل على أن وحش الشغب بات يكبر في ملاعبنا ونحن لا ندري، إنه الوحش الذي إذا لم يجد خصما يأكله سيأكل نفسه، لأنه يحتاج إلى وجبة أسبوعية من الخراب والدمار كي يعيش، يحتاج إلى رائحة الدم كي ينتشي، وإلى رؤية البوقالات على رؤس عباد الله حتى يرتاح.. لا شيء سيردع هذا الوحش المجنون كي يستمر في البقاء، وللأسف، كلما طال بقاؤه، كلما كثرت خسائرنا في الأرواح والممتلكات. أخويا، هاد المشاغبين اللي في التيران خاصنا نلقاو ليهم شي حل. إيلا لقينا الحل لهاد المجرمين اللي في الزنقة، غادي نتهنّاو من المشاغبين اللي في التيران. واشناهي العلاقة بين هاد المشاغبين وهاد المجرمين؟ والو.. المجرم في الزنقة كيكون سميتو «مجرم» وملي كيدخل للتيران كتولي سميتو «مشاغب»، وملي كيدخل الحبس كتولي سميتو «قافز». كل مجرم هو مشاغب بالضرورة، وكل مشاغب هو مجرم محتمل، فلا يمكن أن يكون «المشاغب» إلا مجرما في ثوب «مشجع»، لذا، فإن الحكم بالحبس من شهر إلى خمس سنوات على المشاغبين لا يمكنه أبدا أن يكون رادعا حقيقيا لمثيري الشغب، لأن ذات الحكم أو أقسى منه لا يمنع اللصوص ولا النصابين ولا البزناسة ولا المغتصبين وكل المجرمين من ارتكاب جرائمهم أو استئنافها عقب خروجهم من السجن، فلا مشكلة لديهم إن هم عادوا إليه مجددا. شيء ما في السجون المغربية لا يرعب هؤلاء، وإلا بماذا نفسر اندفاع المشاغبين إلى ممارسة شغبهم رغم علمهم بالعقوبة التي تنتظرهم؟ شيء ما في السجن المغربي يجعل كل الطالعين منه يشتاقون إلى العودة إليه مجددا، ليكونوا من «القافزين»، بل منهم من يحفظ الفصول القانونية، ويحدد لنفسه مسبقا المدة التي يريد تمضيتها في السجن من خلال اختياره نوع الموتيف.. ومن هؤلاء المشاغبين من يتعمد عقب خروجه من السجن خلق الفوضى في الدرب ليلقى عليه القبض ثانية، فتراه شبعان ماحيا وقرقوبي وخارج للزنقة عريان بسيف طويل صارخا: «شكون اللي راجل فيكم ينزل عندي باش نطيّر ليه راسو ونمشي عليه عشرين عام ديال الحبس».. وطبعا، لا يجد في الدرب أي «رجل». أصاحبي، الكريساج في المغرب ولّى بزاااف، والمغاربة مساكن يوميا كيتكريساوْ. ما تزيدش فيه، ماشي المغاربة كلهم، غير النص فيهم اللي كيتّكْريسا.. حيت النص لاخر هو اللي كيكريسيوْهم. ولكن، حتى هادوك اللي موالفين كيكريسيوْ عباد الله في الزنقة، كيجيب ليهم الله منهم اللي كيكريسيهم في التيران. عندك الحق، إيلا شفنا الزنقة والتيرانات، وزدنا عليهم الإدارات والسبيطارات... غادي نلقاو ما كينش اللي ما مكْريسيش شي نهار في هاد البلاد. نافذة «مجرم» في الزنقة، «مشاغب» في التيران