التهمة محلل أفهم أن تثور ثائرة المدربين المغاربة لما إعتبروه تقديحا صادرًا من إيريك غيرتس، وهو يهاجم أطرا وطنية تدافعت لامتهان التحليل خلال كأس إفريقيا للأمم الأخيرة.. أفهم أن يذهب المدربون بإشارة من الإطار عبد الحق ماندوزا رئيس الودادية مجزوعين إلى ما أسموه بيت التأمل والحكمة لصياغة ما إعتبروه مسودة حكم موقوف التنفيذ في حق غيرتس، فإما أن يقدم الرجل توضيحات بشأن هذا الذي قاله، وإما أن يعتذر عن الذي قال أو الذي أسيء فهمه وإما هي الحرب التي لا هوادة فيها.. وأفهم أن يكون المدربون بخاصة الذين هبوا عن بكرة أبيهم للتداول في أمر بالغ الخطورة وشديد الحرج، قد تكاثفوا على غير العادة إنتصارًا لكرامتهم.. لكن ما لا أفهمه أن هذا الغضب الجارف على تصريحات غير مسؤولة يختفي عن عمد وعن سبق إصرار عندما يكون مدربا مغربيا مستهدفا من ذوي القربى، ممن يشتركون معه في المواطنة وفي الزمالة أيضا.. لماذا لم يحضر ميثاق الشرف يوم كان الزاكي بادو يجلد علنًا بلا أدنى وازع أخلاقي خلال فترة إشرافه على الفريق الوطني؟ لماذا لم يحضر ذات ميثاق الشرق وقد جاوز بعض المدربين المدى وكل الحدود في ضرب المدرب محمد فاخر خلال إشرافه على الفريق الوطني، فمن قال أنه ألبس جلبابا أكبر منه، ومن قال أنه لا يصلح أن يكون مدربا للفريق الوطني ومن قال أن الأسود سيخسرون معه كل الذي ربحوه قبلاً؟ مجازر فتحت علنا ولم يكن هناك للأسف من يستنكر ذاك السلخ البشع، باستثناء ما كان من تلميحات محتشمة لم ترفع حتى عشر الضرر المعنوي الجسيم الذي وقع على إطارين وطنيين يعود اليوم كثير ممن سلخوا جلدهما بالأمس ليقولوا أنهما رجلي المرحلة. ولا أفهم لماذا تقرن ودادية المدربين جلسة التداول حول الذي قاله غيرتس بمطالبة الودادية الجامعة بوضع إطار مغربي داخل الجهاز التقني الذي يشرف عليه غيرتس والذي لا يوجد فيه سوى فريد سلمات مدربا لحراس المرمى، وأيضا بالإطلاع على منظورها التقني لتطوير المنظومة الكروية، لا أفهم، لأن الودادية تطلب في أول الأمر قصاصاً وفي الأمر الثاني تطلب مناصب عمل أو موقعا في دائرة العمل، وهذا لا يشبه ذاك.. إن كان غيرتس قد عنى بكلامه أن المدربين الذين تهافتوا على التحليل خلال كأس إفريقيا للأمم وأشبعوه نقداً وتجريحاً لا يفهمون شيئا، فهذا الأمر موجب للإعتذار فورًاٍٍ بلا أدنى مقدمات، ليس لأن المرحلة تقتضي دفعا للإحتقان كثيرا من التبصر والحكمة فقط، ولكن لأن هناك فعلا خط أحمر في المواثيق المهنية لا يجب النزول عليه. ولكن، هل هناك ما يعفي من ضرورة القول بأن ما كنا نسمعه ونقرأه منسوبا لمدربين وطنيين لم يكن تحليلا موضوعيا ولم يكن نقدا محترما لأصول النقد، بل كان هرطقة وإسفافا وخروجا علنيا عن النص. وإذا كان مدربونا يستميتون في الدفاع عن علمية التكوين لامتهان التدريب والتأطير، فإنهم لابد وأن يستميثوا أيضا في الدفاع عن علمية التحليل التي تقتضي الحياد والموضوعية في إصدار الأحكام الفنية، وإذا كان هناك من المدربين من إعتذر عن التحليل لوازع علمي وأدبي يمنع الخوض في هذا البحر الصعب، وإذا كان هناك مدربون شكلوا الإستثناء بإتقانهم لفن التحليل وبالتزامهم بالقواعد المهنية، فإن من المدربين الذين أجد صعوبة في تسميتهم كذلك من تجاوزوا كل الحدود في تقديم الفتاوي التقنية، وبدل أن يحللوا بإعمال كل أدوات النقد والتحليل إنساقوا وراء أهوائهم وأهواء من جاؤوا بهم لينصبوا سلخانات إعلامية لا تسلخ جلد غيرتس أو الجامعة ولكنها تصيب المغاربة بالفتنة. والفتنة أشد من القتل.