«مباشرة من الغابون» تعرض لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم إلى انتقادات مؤلمة من طرف الإعلام المغربي، وفضحت الصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة الأداء المهزوز للأسود في منافسات كأس إفريقيا للأمم متناغمة في ذلك مع مشاعر وآراء كل مكونات الشارع الرياضي.. لقد وجدنا أصواتا وأقلاما في كل مكان قادرة على تقييم أداء لاعبينا في الكان، لكن من ذا يستطيع تقييم أداء إعلامنا في هذا الحدث القاري؟ طبعا، سنجد العذر بسهولة لقنواتنا التلفزيونية، فقد وجدت في طريقها وحشا لا ينافس إسمه «الجزيرة الرياضية»، حتى أن قناة «الرياضية» بدت في كثير من الأحيان أمام القناة القطرية بحال ذاك اللي كيسخن البنادر لشي فرقة في السهرات، إذ يأتي حسن بوطبسيل بخيرة المحللين والمعلقين ليتحدثوا بحماس على الهواء مباشرة عن مباراة ما قبل انطلاقها بساعة، فيسخّنون الطرح بشكل مثير يجعل المشاهدين يلتصقون بمقاعدهم متشوقين لمتابعة المباراة على شاشتهم الوطنية، لكن في النهاية، وقبل دقائق من بدايتها تأمر «الرياضية» مشاهديها عن طريق شريط متحرك أسفل الشاشة بضرورة تغيير المحطة والذهاب إلى «الرياضية تي إن تي». هذا إذا لم يطل هشام فرج شخصيا ويدعو المشاهدين الأعزاء إلى الخروج من منازلهم فورا إلى أقرب مقهى باش يشوفوا الماتش في «الجزيرة» قبل ما يعمرو البلايص. أجي، واش بان ليك في الأداء ديال المحطات الإذاعية مع هاد كاس إفريقيا؟ ما بيهش، غير الواحد خاصو يكون عْمى باش يبقى متبع هاد الإذاعات ويستغنى على الجورنال والتلفزة. ولكن الجورنالات ديالنا ما عندنا ما نقولوا فيها، الله يعطيها الصحة دارت اللي في جهدها. بالعكس، دارت أكثر من جهدها.. باش الواحد ما يكونش حاضر في الغابون ويقول ليك «مباشرة من الغابون»، راه جن هادا. لم يكن الإعلام المغربي المكتوب حاضرا بمنافسات كأس إفريقيا إلا من خلال جريدة «المنتخب»، حيث تواجد هناك حسن البصري وعبد القادر بلمكي، والمنطق القديم يفرض أن يكونا هما صاحبا النقل المغربي الحصري للأخبار والصور والحوارات من الغابون إلى المغرب، باعتبارهما الوحيدين المتواجدين بموقع الأحداث، غير أن منطق جديدا فرض نفسه.. فالفضائيات وشبكة الأنترنيت نافستهما بشراسة رهيبة، فأعفت إعلاميينا من خوض مغامرة حقيقية في الأدغال الإفريقية، ولم يعد الصحفي في حاجة إلى تدبير مصاريف التنقل والإقامة، وتكديس حقيبته بالمراهم والحقن والمضادات الحيوية، ومواجهة المتاعب كي يحمل إلى قرائه ما يحدث في الكان.. وبالتالي سقطت عن الصحافة صفة «مهنة المتاعب» كما كانت تسمى في قديم الزمان، إذ أن المواقع الالكترونية ظلت تتسابق في نشر الأخبار والصور والفيديوهات على مدار الساعة من هناك، ويتسابق الصحفيون من هنا على نشر أهمها، موقعين هذه الأخبار بعبارة «مباشرة من الغابون»، وكاينين اللي دايرين كاع «من موفدنا إلى الغابون».. وهم لا يكذبون، إذ يمكن لأي رئيس تحرير أن يرسل صحفيه في الصباح إلى الغابون لتقريب القراء من المشاركة المغربية عن طريق «شركة غوغل للطيران» بلا فلوس، أو خطوط اتصالات المغرب ثم يأمره بالعودة بعد ساعة عبر نفس الشركة للتعرف على أجواء المشاركة المغربية ب ... دافوس. فالندوات الصحفية والتصريحات تبث على الهواء مباشرة، ولا حاجة للجلوس أمام غيرتس كي يسجل الصحفي أقواله، إذ يكفيه الجلوس أمام «الجزيرة الرياضية» ليدون ما يقال، بل بقليل من الإجتهاد يمكن أن يطرح سؤالا أيضا غير في خاطرو على أي واحد تمّاك ويفترض جوابا محتملا، وكيجيب الجواب لاصق هو هاداك.. وكثيرا ما حدث أن نشرت الصحف تصريحات اللاعبين خلال الندوة قبل أن ينهض حسن البصري مبعوث المنتخب من مكانه داخل قاعة الندوات. المهم، الصحفيين ديالنا كيجتهدوا، واللي اجتهد عندو الأجر واخا يغلط كاع. ولكن، كاينة شي حوايج اللي ما يمكنش يعرفها الواحد حتى يكون حاضر في البلاصة. إيوا، هاد الشي اللي كنتسناو من حسن البصري. علاه هو رْجع من الغابون؟ شفتو غابر. نافذة «الرياضية» كتسخّن البنادر ديال «الجزيرة»