ماذا أنت فاعل؟ برغم أن غيرتس حمل نفسه بإسم الشجاعة الأدبية وبهدف حماية مشروعه الرياضي المسؤولية كاملة للخروج الكارثي للفريق الوطني من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012، إلا أنه أومأ إلى وجود إختلالات عميقة كان مصدرها أخطاء أرتكبت بخاصة في تقدير مستويات لاعبين بعينهم. صحيح أن غيرتس تحفظ على تسمية مرتكبي هذه الإختلالات، فجرد المسميات من أسمائها، إلا أنه تحدث عن ثلاثة أشياء يمكن أن تكون لنا قاعدة لفهم ما قد يحدث من تغييرات.. أول هذه الأشياء أن الدفاع إرتكب أخطاء لم تكن متوقعة، أخطاء مراقبة المنطقة وأخطاء بناء العمق الدفاعي، بدليل أن شباك نادر لمياغري إستقبلت خمسة أهداف في ثلاث مباريات، مع أن مرمى الأخير إستقبلت هدفين فقط في ست مباريات إقصائية ، هدف بعنابة من ضربة جزاء وهدف هنا بمراكش أمام منتخب تانزانيا... وعندما يلعب الفريق الوطني بالترسيمة النموذجية لدفاعه في مبارتي تونس والغابون اللتين إستقبلنا خلالهما الأهداف الخمسة، ولو أن ترسيم أحمد قنطاري ترك الكثير من علامات الإستفهام، فإن ذلك معناه أن خط الدفاع سيكون أول خط تقع عليه تحويرات في عمقه التكتيكي وأيضا في مبناه البشري. ثاني هذه الأشياء أن الخط الأمامي واصل إهدار الفرص السانحة للتسجيل برغم أن غيرتس أصر على إعتماد شاكلة 433 ذات الطابع الهجومي، وقد وقف جميعنا على الكم الكبير لهذه الفرص المهدرة سواء في مباراة تونس المفصلية أو في مباراة النيجر، وهذه معضلة لست أدري لماذا يعجز غيرتس حتى الآن على حلها برغم أنها لاحت قبل الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم، وبرغم أنه تنبه إليها أكثر من مرة، حتى قبل أن يشد أسود الأطلس الرحال صوب الغابون. ثالث هذه الأشياء ما يقول غيرتس أنها لحظة فراغ يسقط فيها الفريق الوطني عندما يخرج اللاعبون عن النص، وقد سجلنا هذا الخروج الإرادي عن النص خلال مباراة تونس فكلفنا إستقبال هدف ثان كان من أقدام لمساكني الذي ضرب بشكل غريب العمق الدفاعي وأسقط جبالا من السيقان، كما سجلناه في الشوط الثاني من مباراة الغابون وكلفنا ذلك ثلاثة أهداف دخلت مرمى نادر لمياغري بصور مختلفة ولكن بأساس واحد هو الرعونة التكتيكية.. ثلاثة أشياء تجزم بوجود عاهات تكتيكية أول أسبابها أن اللاعبين يسقطون صرعى لحالة من فقدان التوازن وأكبر أسبابها أن الفريق الوطني لم يجد بعد الشخصية القوية والنافذة التي تحميه من الوقوع لأتفه الأسباب في الرداءة. وقدد تعرف غيرتس اليوم على الوجه الآخر لفريقه، الوجه الذي كان يظهر على إستيحاء في مباريات لم يخسرها الأسود خلال التصفيات، لذلك قال تلميحا لرجال الصحافة وتصريحا لرئيس الجامعة من خلال التقرير التقني الذي وضعه أمامه أن كأس إفريقيا للأمم كشفت عن أوجه القصور وحددت بدقة النقط التي يجب الإشتغال عليها والأخطاء التي يتحتم إصلاحها. والسؤال الكبير هو.. إن كان غيرتس قد فطن إلى مواطن الضعف ومناحي القصور، فهل يسعفه ما بقي أمامه من وقت قبل دخول تصفيات كأس العالم 2014 لعلاج ما ظهر من قصور وما تكشف من أخطاء؟ وهل نتطلع إلى فريق وطني بشخصية قوية، معالجة، معافاة وبمناعة كبيرة ضد الأخطاء في مدى زمني قصير؟ عندما يقول غيرتس أنه سيحدث تغييرات على الفريق الوطني، فإن ذلك يعني أن التغييرات ستطال العناصر وأيضا النهج التكتيكي ولكن لا يجب أن نتوهم بأن التغييرات التي صمم عليها غيرتس مقتنعا بما سجله على فريقه من قصور ستكون بحجم كبير، فكما أنه كان مغامرة غير محمودة العواقب أن تنفصل الجامعة عن غيرتس في هذا الوقت بالذات ونحن على بعد ستة أشهر من مبارتي غامبيا وكوت ديفوار عن الجولتين الأولى والثانية لتصفيات كأس العالم 2014، فإنه من باب المخاطرة أن يتغير الفريق الوطني بنسبة مائوية عالية.. هناك نواة صلبة وهناك إطارات بشرية لا غنى عنها، وهناك حاجة ماسة لحضور عناصر الخبرة، لذلك فإن ما يفكر فيه غيرتس هو إيجاد عناصر تستطيع أن تغير من ملامح الفريق الوطني وتستطيع أن تكون أيضا قطع غيار بديلة يلجأ إليها عند الحاجة من دون التنازل من اليوم فصاعدا عن مبدإ الجاهزية الذي من دونه يسقط البناء بكامله. تمثل مباراة بوركينافاصو الودية ليوم الأربعاء 29 فبراير الحالي محكا أولا وأخيرا ليضعنا غيرتس أمام هذه التحويرات البشرية والفكرية التي فكر فيها، فما سيبقى أمامه من وقت سيقضيه لا محالة في التفكير في أفضل طريقة للحصول عن مباراتي غامبيا هناك وكوت ديفوار هنا بالمغرب على ست نقاط ما دام أن هذا هو السيناريو المثالي لأفضل بداية لمشوار إقصائيات كأس العالم 2014.