طبخة الطرابلسي ومجازفات غيرتس للإنتصار ألف أب أما الخسارة فهي يتيمة، هكذا يقول حال الأسود بعد الهزيمة المفاجئة أمام المنتخب التونسي، ننطلق من هذه القاعدة بحكم أن لكرة القدم لحظات جميلة وأخرى حزينة، مع الأسف أن الجمهور المغربي عاش الوجه الآخر التعيس للمستديرة بعد أن دغدغت مشاعره هذه الهزيمة غير المتوقعة، نقول غير المتوقعة لأن الكل ربما غالى في الثقة التي وضعنا في غيرتس وتلاميذته قبل انطلاق المونديال الإفريقي، لذلك وبعد المديح والإطراب والثناء الذي تلقاه منتخبنا الوطني قبل انطلاق لاكان إنقلب كل شيء رأسا على عقب من باب أن الهزيمة يتيمة، فوجد الأسود أنفسهم وحدهم يحاكمون مصيرهم ومستقبلهم في نسخة علقنا عليها آمالا كبيرة.. ولأن الهزائم غالبا ما تكشف عورات الأخطاء التي يرتكبها المدرب واللاعبون، فقد كان من الطبيعي أن تكون هناك هفوات جعلت المنتخب المغربي يسقط في ذات السذاجة ويغرق في وحل التواضع والثقة الزائدة، وعندما نقول هنا الثقة الزائدة فإننا نعني هنا أكثر المدرب إيريك غيرتس الذي أطلق العنان قبل بداية لاكان بأن لديه الإمكانيات والكوموندو لتجاوز حاجز النسور. لكن إيريك غيرتس ومع الأسف خسر الرهان وتعذر عليه تحقيق الآمال التي علقت عليه وكذا الفوز الذي انتظره الجمهور المغربي بلوعة كبيرة، وقد ظهر أن غيرتس ارتكب العديد من الأخطاء على المستوى التقني وأيضا على المستوى الإختيارات البشرية، وكأني به قد استصغر الخصم التونسي مثلما استصغر قدراته وإمكانياته. في مثل هذه الديربيات المغاربية يكون دور المدرب حاسم وله نسبة كبيرة في الفوز، باعتبارها مباريات تبقى بنكهة خاصة وتتحكم فيها جزئيات بسيطة، هذه الجزئيات أكيد هي التي هزمتنا، إذ ظهر جليا أن حاتم الطرابلسي مدرب المنتخب التونسي قد قرأ جيدا خصمه أي الأسود وحضَر الوصفة التي بإمكانها تحقيق المبتغى، بينما الظاهر أن غيرتس لم يحسن قراءة المنتخب التونسي واهتم كثيرا بفريقه دونما الإهتمام بالخصم الذي واجهه، إذ لا يكفي تحضير السلاح وحده خاصة إذا كان هذا السلاح غير فعال، هذا في الوقت الذي ظهر ومن خلال الخطة التي لعب بها المنتخب التونسي أن الطرابلسي هيأ الطبخة التكتيكية الملائمة، إذ ظهر أنه قرأ الخصم المغربي أكثر من اهتمامه بمنتخبه، بدليل أنه وضع ثلاثة لاعبين في وسط الميدان بدور دفاعي، وراهن على المرتدات الهجومية وترك الفرصة للمنتخب المغربي ليمتلك الكرة ويروضها، وهو ما أعطى الإنطباع أن المنتخب المغربي كان مسيطرا على المباراة.. صحيح أن لغة الأرقام تصب لصالح المنتخب المغربي على مستوى نسبة الإمتلاك التي بلغت للمغرب 63 في المائة مقابل 37 في المائة للخصم التونسي، كما أن عدد الركنيات كانت لصالح المغرب ب 10 مقابل فقط ركنيتين على أن التسديد المؤطر للمغرب بلغ 6 مقابل خمسة للنسور، هم إذن تعمدوا ترك لنا فرصة للركض بالكرة والتمرير، لكن الفعالية كانت لديهم أيضا بدليل أن الفرص التي أتيحت لهم كانت خطيرة وإلا لما سجلوا هدفين كانا كافيين لتحقيق الأهم ومعانقة النقاط الثلاث. ما كان ظاهرا أيضا أن غيرتس أخطأ الإختيار وهو يلعب بدون لاعب ارتكاز أو قشاش بعد أن قرر الإحتفاظ بعادل هرماش الذي يتقن هذا الدور، فظهرت شوارع في وسط الميدان ونتج عن ذلك الوصول السهل للاعبي المنتخب التونسي إلى مربع العمليات ومعاناة لاعبي الوسط الدفاعي أحمد القنطاري والمهدي بنعطية. مراهنة أيضا إيريك غيرتس على لاعبين تنقصهم المنافسة قد أثر بشكل جلي وسلبي على أداء الأسود حتى أننا تابعنا مجموعة من اللاعبين الذين عانوا في هذه المباراة كخرجة والقادوري والشماخ والسعيدي والقنطاري جراء غيابهم على التنافسية، لذلك نستشعر في مجمل المباراة أن هناك مجازفات وسلبيات لدى غيرتس كانت وراء هذه الكبوة التي نتمناها أن لا تؤثر على مسار الأسود، لأننا في الأخير سنضطر لنرفع راية التفاؤل فيما هو قادم بدل البكاء على اللبن المسكوب وعلى خسارة نتمنى أن لا نؤدي فاتورتها غاليا.