مفاجأة ليفانطي مخطئ من قال أن المال هو وحده القادر على صنع نجاحات الأندية، صحيح أن الأندية العملاقة هي الآن قوية بسيولتها المالية التي تسمح لها بجلب أفضل اللاعبين، بل تسمح لها بالحفاظ دائما على إشعاعها العالمي، قد يغيب بريقها فترة ولكن سرعان ما تعود إلى الواجهة، ومع ذلك تبقى أشياء أخرى قد تدخل في صميم هذا النجاح، أسباب أخرى بغض النظر على المال كالحماس والقوة الجماعية وحسن التدبير، وهو ما يفسر النتائج التي سجلها ليفانطي الذي خرج من قمقم المفاجأة وبسط سيطرته في دوري الليغا، إذ إلى غاية الدورة التي أجريت في وسط الأسبوع الماضي ما زال هذا الفريق يحافظ على أهذاب صدارة الليغا وما أدراك ما الليغا بكل ما تحملها من صعوبة وقوة وإثارة. ليفانطي أو فريق الشيوخ يصل معدل عمر لاعبيه إلى 32 سنة كما أن مدربه خوان إيغناسيو مارتينيز يدرب لأول مرة في الدرجة الأولى الإسبانية، حيث درب في السابق أندية مغمورة منها من ينتمي إلى قسم الهواة، إذ تعتبر تجربته هاته الأولى من نوعها على صعيد القسم الأول. هذا هو ليفانطي الذي خلق المفاجأة مع انطلاق بطولة الليغا وتمكن من سحب البساط من أقدام المشاهير كبرشلونة وريال مدريد، وعندما نقارن بين ما يتقاضاه لاعبي ليفانطي وبين دخل أقل لاعب يحمل ألوان ريال مدريد أو برشلونة سنقف على الهوة الكبيرة بين اللاعبين، وعندما نقارن بين دخل ميسي أو رونالدو مع أي لاعب من ليفانطي فإن ذلك سيحبطنا وسيدخلنا في متاهة نحن في غنى عنها رافعين شعار أن لا مجال للمقارنة. ليفانطي وإلى غاية كتابة هذه السطور يتربع على كرسي صدارة البطولة الإسبانية ضدا عن التكهنات التي أكدت أن هذا المركز أصبح مختوما في السنوات الأخيرة بالشمع لفريقين يقودان قافلة الكرة الإسبانية، على الأقل استطاع هذا الفريق المغمور الذي أسس عام 1909 أن يذيب الملل الذي بات يميز بطولة الليغا منذ أن استحود البارشا والريال على الصدارة وصنعا لأنفسهما بطولة خاصة، يغردان خارج سرب باقي الأندية الأخرى التي تلعب بطولة تحمل صفة مكرر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو متى سيظل ليفانطي صامدا أمام سطوة البارصا والريال؟ وهل يملك الأسلحة من أجل البقاء في طابور المقدمة؟ وهل يملك النفس الطويل من أجل مقارعة الخصوم؟ الأجوبة ومن دون شك يعرفها القاصي والداني، لأن الكل سيتفق على أن ليفانطي لن يكون بمقدوره أن يقارع قطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد، ذلك أن التجارب علمتنا أن الوصول قد يكون سهلا لكن الأصعب هو الحفاظ، لذلك كل المعطيات تؤكد أن ليفانطي لن يقوى على الحفاظ على صدارة الليغا ليس تصغيرا لهذا الفريق وإنما هو واقع الكرة الذي نعود دائما ونقول أن الفرق تكون قوية بمالها ونجومها، لأن الريال والبارصا لهما من الإمكانيات التي بإمكانها أن تطيح ليفانطي من برجه العالي، وأن تعيده إلى جادة الصواب وأن تنهي حلمه الجميل ومغامرته الرائعة عاجلا أم آجلا، لأنها سنة الكرة والقاعدة التي أصبحت ترتكز عليها الكرة العصرية. ومع ذلك سنضطر إلى رفع القبعة لليفانطي الذي لم يكثرت بصغر إسمه ولا قلة حيلته وإمكانياته، بل آمن بحظوظه وطارد الحلم الذي أصبح يبدو عسيرا على جل أندية البطولة الإسبانية وهو مجاراة إيقاع برشلونة وريال مدريد، لذلك نتمنى من أندية أخرى أن تحاكي ليفانطي في هذه الجرأة حتى تعيد الحياة لبطولة إسبانية افتقدت كثير من إثارتها وحماسها بفعل هذه السيطرة التي فرضها فريقين في هذه البطولة، حتى أننا من الآن أُرغمنا على وضع برشلونة وريال مدريد كمرشحين للفوز باللقب، لكننا لم نتصور أن ليفانطي سيبدأ هذه البداية القوية، وتلك حلاوة الكرة التي تفتقدها حاليا بطولة الليغا.