الزاكي رجل المرحلة ما جعلنا المكتب الجامعي نفهمه من خلال ما جرى الحديث عنه هامشيا من دون تثبيته في البلاغ الصادر عن آخر إجتماع، أن هناك مقاربة جديدة لإشكال تأطير الفريق الوطني، تقوم على ما هو آني وعلى ما هو مستقبلي، على ما هو إستعجالي وعلى ما هو قابل للنقاش بعمق بعد الخروج من وضعية توصف بأنها دقيقة ولكن إستثنائية· هذه المقاربة وقد أسيء في الغالب فهمها وحتى التعاطي معها، وضعتنا جميعا أمام صورة مشوشة، يقرؤها كل واحد بحسب فهمه للأشياء واستصاغته للتوجهات وأيضا بحسب قدرته على ضبط الأبعاد وهي كثيرة· ومنها تأتي الأمثلة متناسلة·· هل تقول هذه المقاربة بأن الإطار بادو الزاكي الذي يظل بحسب الرأي العام الرياضي الخيار الأنسب، ليس رجل مرحلة؟ هل تقول بأن صفة الطوارئ التي نسقطها على المدرب القادم للفريق الوطني تنطبق على الفرنسي فيليب عمر تروسيي؟ وهل نقول أنها مصممة على تروسيي؟ أم أنها بالمختصر المفيد تقول على أن الجامعة بحكم ما تجهز له من أسلوب لتدبير المنتخبات الوطنية يتطابق مع خصوصيات المرحلة ومع دقة الرهانات وأيضا مع إنتظارات الجماهير، لا تريد أن تسقط في ضغط المرحلة وإكراهات اللحظة، وتنصب مدربا إما أن تعصف به إعصارات المباريات الثلاث التي تنتظر الفريق الوطني، وهو المؤكد من أنه يتطابق مع رهانات الأمد المتوسط، وإما أن تفرضه الضرورة الإستعجالية فتجعل منه حبلا يصعب التخلص منه؟ خرج الزاكي مجزوعا من صمته ليقول بأنه لم يحاور أحدا من رجالات الجامعة، لم يقبل بالعرض المؤقت ولم يرفضه، لأنه ببساطة شديدة لم يعرض عليه· ثم إن الزاكي وهو يعرف الحظوة التي له كشخص وكإطار عند الجماهير، بدليل أنها ما فتئت تنادي باسمه عندما تسوء نتائج الأسود، وما فتئت تطالب بعودته عندما تنشط الإستفتاءات، لا يريد بأي حال من الأحوال أن يعمل أي نوع من أنواع الضغط على الجامعة·· وقد قلت في العدد السابق أن الزاكي قال عنه الآخرون أكثر من أنه إجتهد بعضهم في أن يقول على لسانه ما لم يقله، وقد صورت ذلك في صورة إجتهادات وتأويلات لا سند منطقي لها، لطالما أن الزاكي كإطار وطني يحتفظ لنفسه بكل ما يتطابق مع أهليته، فهو على إستعداد تام لأن يلبي نداء الواجب الوطني، متى رأى أصحاب الشأن أنه أهل لأداء هذا الواجب، وقد عرفت دائما عن الزاكي أنه ليس رجل مزايدات، لا يبيع كلاما ولا يوهم بأطروحات، إنه مغربي على إستعداد كامل لأن يسترخص كل غال من أجل بلده ووطنه ومنتخبه·· ثم من يقول أن بادو الزاكي لا يمكن أن يكون رجل المرحلة، بأي صيغة يرتضيها أصحاب الشأن الكروي والقائمون على الفريق الوطني؟ إن المطابقة بين الرجل وبين إكراهات المرحلة كيفما كانت لا تقوم على تنبؤات وعلى مشاعر وأحاسيس أكثر ما تقوم على رؤية، على مقاربة وأكثر منه على إستراتيجية متكاملة، لا نجعل معها بالمطلق مدرب الفريق الوطني مسؤولا عن ورش تقني شامل، وإلا فإننا سنعيد السقوط في ذات الخطأ الذي سقطنا فيه يوم جئنا بالفرنسي روجي لومير وبشرنا بأنه سيكون أكثر من مدرب وناخب وطني، سيكون مشرفا عاما على كل المنتخبات الوطنية، والنتيجة الصادمة ماثلة للعيان، لا فريق وطني ولا منتخبات دونه·· الكل في هم الإقصاء سواء·· ويصدمني أكثر من ذلك أن يكون تعاملنا مع وضع موغل في الإستثنائية وفي الخصوصية بذات الفجاجة التي كان عليها تعاملنا مع أوضاع أخرى بذات الصفة، فالزاكي الذي لا تريده بعض ألسنة السوء التي تروج للإشاعات أن يقبل بصيغة العمل المؤقتة، قادر على أن يركب التحديات مهما كانت صعبة وقادر على أن يدخل الرهانات مهما كانت مستحيلة، وإذا ما كنا نريد لفريقنا الوطني أن يتأهل إلى كأس إفريقيا للأمم بأنغولا ظنا منا أن التأهل لكأس العالم أصبح صعبا للغاية، فإن الزاكي بمقدوره أن يفعل ذلك، فلماذا لا تفتح الجامعة قناة لتتواصل معه، لتعرف رأيه وتتعرف على الأسلوب الذي سيتبعه لرأب الصدع داخل العرين ولمعالجة الشرخ الكبير وبعث الحلم من رماده·· ثم ماذا يحركنا في الذي يروج له اليوم السيد فيليب عمر تروسيي، إذا ما كنا قد أجمعنا بمطلق النزاهة على أن المرحلة هي مرحلة إطار وطني، وإذا ما كنا قد إعتبرنا أن مروره الأول بالفريق الوطني محققا في ذلك حلما طالما راوده، كان سلبيا باعتماد أي مقياس نريده؟ يقول تروسيي أنه مستعد لتقديم المساعدة لأنه عاشق أولا للمغرب الذي يقيم فيه باستمرار، وأنه يتوسم في نفسه ثانيا القدرة على أن يكون رجل المرحلة باستمرار، المنقذ الذي نبحث عنه·· شخصيا لا أروم إشهار أي موقف عدائي في حق تروسيي، فأنا أقدر حقيقة عشقه للمغرب، مثلما أنا مقدر لكل الذي دفعه لأن يختار المغرب وطنا ثانيا له، وأنا مثل كل المغاربة أرحب به في بلد عشقه وفضله على بلده الأم فرنسا، ولكن هل نستطيع أن نأمن أكثر من القدرة إلى هذه الصيغة التي يستعد المكتب الجامعي لإشهارها والتي هي من صنيع تروسيي نفسه؟ ليس هناك من يستطيع أن يقنعني بأنها ليست من صنعه ولا تتطابق مع حجمه ورؤاه، تماما كما أنا على إستعداد لأن أقبل بالمشروع كاملا، إذا ما كان في شقه التقني يتطابق مع متطلبات المرحلة، والتي تقول إن كان هناك ما يحرض على المفاضلة بأن الزاكي هو رجل المرحلة بامتياز··