الفرصة الأخيرة في مباراة بنصف ذخيرة الرجاء أمام رهان الإنتصار والإنتظار
أمام الرجاء البيضاوي فرصة أخيرة للتمسك بخيط الأمل الإفريقي، وهو يواجه إنيمبا النيجيري مساء يوم الجمعة القادم بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، على النسر الأخضر الجريح أن ينتفض كطير الفينق وينفض الكسل الذي ميز مساره في بداية الموسم الرياضي الجاري، كي يحلق من جديد في سماء منافسات عصبة الأبطال الإفريقية، فالإنتصار على النيجيريين هو السبيل الوحيد للبقاء في صف المتنافسين، وإلا سيتحول الفريق المغربي إلى مجرد كومبارس فيما تبقى من مشوار. لم يجن الرجاء من ثلاث نزالات إفريقية سوى نقطة واحدة، أمام القطن الكامروني في عقر داره بالدار البيضاء، ولم يعد من خرجاته الإفريقية إلا بالأصفار والأصفاد التي تعتقل طموحه وتحوله إلى أضعف رقم في معادلة مجموعة تختلف تماما عن المجموعة العربية التي يتواجد فيها غريمه الوداد. خسر الرجاء في أبا أمام إنييمبا بهدفين لصفر، في مباراة صام فيها اللاعبون عن الأداء وتحولوا إلى كائنات تركض بتثاقل خلف الكرة وكأنها عاجزة عن مسايرة الإيقاع، ويا ليتها خسارة أبا هي أصل المواجع، بل إن النكبات توالت على الفريق الأخضر وكأن لعنة تطارده ليس في المشوار الإفريقي فقط، بل في المنافسات المحلية أيضا. بأقل ذخيرة معنوية يخوض الرجاء مباراته أمام إنييمبا، تحت عنوان «نكون أو لا نكون». الورقة التالية تقدم قراءة أولية لمباراة نخشى أن يطلق فيها الفيلة الزرق رصاصة الرحمة على النسور. موقعة أبا رفعت درجة الإحتقان قدر لي أن أرافق الرجاء البيضاوي في رحلته إلى مدينة أبا النيجيرية معقل نادي إنييمبا، والحال أنها محنة إفريقية حقيقية بالنظر لموقع المدينة بالقرب من الحدود الكامرونية وهشاشة البنيات التحتية لمدينة عنوانها الرئيسي الفوضى، مدينة تغيب فيها إشارات المرور فتصبح الفوضى قاعدة والنظام استثناء، في هذه المدينة التي وصلتها بعثة الرجاء بعد 15 ساعة من السير عبر طائرتين وحافلة لا يمكن أن تفوز على إنييمبا إلا إذا كنت تملك قلب الأسد، كل الظروف كانت ضد الرجاء، نسر يعاني من شرخ معنوي بعد إقصاء مستفز من منافسات كأس العرش، يقابله فريق نيجيري عائد بانتصار من قلب غاروا، الطبيعة كانت قاسية على الرجاء حين شهدت المدينة طوفانا حول الملعب إلى أرض مثقلة، بل إن الصيام زاد من متاعب الخضر الذين أبانوا عن عجز رهيب في مجاراة الخصم وقدموا أسوأ مباراة لهم هذا الموسم على الإطلاق. الفرصة الأخيرة أم رصاصة الرحمة أمام الرجاء البيضاوي فرصة أخيرة للكشف عن نواياه الحقيقية، فإذا فاز على إنييمبا فإنه سيظل متمسكا بخيط الأمل الرفيع والرحيل إلى غاروا بجرعة ثقة، وإذا عجز لا قدر الله عن مجاراة الخصم النيجيري، فإنه سيتحول إلى مجرد كومبارس في مجموعته وسيمنح فريق مدينة أبا تأشيرة العبور إلى الدور النصف النهائي. على الرجاء أن ينتصر وينتظر وتلك أصعب المعادلات في عالم كرة القدم، حيث ينفلت مفتاح التأهيل من يدك وتتحول إلى متسول ينتظر جود الآخرين وأريحيتهم، صحيح أن الرجاء هو الأقل حظا إلى جانب القطن الكامروني، وأن الصراع على الورق ينحصر بين الزرق أي الهلال السوداني وإنييمبا النيجيري، فيما تلاشت حظوظ الخضر الرجاء والقطن الكامروني وكأن منطق الأشياء أحاط الأخضر بالإستعصاء، لكن في كرة القدم لا يمكن التكهن بالمتأهل إلا بعد انتهاء المباريات، فمن كان يعتقد أن القطن سينهزم في غاروا مقبرة الأندية الإفريقية، ومن كان يعتقد أن الرجاء أول المتأهلين إلى دور المجموعات سيكون أول من يطوق عنقه حبل الإقصاء. مواطن القوة والضعف في إنييمبا قوة إنييمبا في الحضور الهجومي، ففي المباريات الثلاث التي خاضها ضد كل من الهلال والقطن والرجاء، لا يمكن أن ينزل عداد أهدافه عن الهدفين، بل إنه تمكن من رفع الغلة في غاروا إلى ثلاثة، وهو مؤشر على حضور النوايا الهجومية لدى فريق لا يستقيم حاله إلا إذا عرف لاعبوه طريقهم إلى المرمى، ولا يقتصر التهديف على المهاجمين، بل إن العميد جونسون لا يتردد في الإنضمام إلى المهاجمين لتأكيد هذه الخاصية. والغريب في الأمر أن أهداف الفريق النيجيري تتشابه وكأنها مستنسخة، مما يحتم على الطاقم التقني للرجاء إعادة تحليل أشرطة الفريق النيجيري كي لا تتكرر «مهزلة» أبا حين حسم الخصم أمر المباراة في النصف ساعة الأولى، وحول الرجاء إلى فريق يدافع خوفا من ارتفاع الحصيلة. ومن مواطن القوة في الفريق المنافس الحضور البدني القوي، حيث ربح اللاعبون كل النزالات الثنائية في مباراة المحطة الثالثة، كما أن الإستقرار التقني والإداري يعتبران عاملا مساعدا على تألق النادي، عكس الرجاء الذي خاض مباراة أبا بمدرب لم يسبق له أن زار هذه الربوع العميقة، أما نقطة ضعف الفريق الخصم فتكمن في دفاعه، حيث تلقت شباك إنييمبا أربعة أهداف في مباراتين. جمعة الغضب شاءت الصدف أن ينازل الرجاء البيضاوي خصمه إنييمبا النيجيري مساء الجمعة، في مواجهة ما زالت تجتر أذيال خيبة موروثة عن أولى مباريات البطولة الإحترافية المغربية، حين خسر الرجاء أولى معارك الدفاع عن لقبه أمام النادي القنيطري بهدف «شامت» في آخر أنفاس المباراة، هزيمة كان لها الأثر السلبي على نفوس الرجاويين، الذين كانوا يعولون على نقط الإنتصار لمداواة جراح أبا الغائرة، ففي رابع مباراة له مع الرجاء عجز المدرب بلاتشي عن إهداء جماهير الفريق الأخضر بسمة انتصار، وظلت لعنة الهزائم تطارده في حله وترحاله في الكأس الإفريقية وكأس العرش والبطولة، وفي المباريات الودية، وكأن روحا شريرة تجثم على جسد الفريق الذي تحولت أفراح نهاية الموسم الرياضي الماضي إلى أقراح. كل المؤشرات تسير في اتجاه مباراة ملتهبة، الهزيمة فيها تعني غضبة الرجاويين الأخيرة، وزلزالا يضرب الكيان الأخضر، والفوز أشبه بمداواة الجراح بقرص أسبيرين يؤجل الألم ولا ينهيه. لا يمكن لبلاتشي الذي انخرط في حالة ذهول بعد أن لازمه الإستعصاء أن يقبل بغير الفوز على إنييمبا، لكن كل شيء وارد في كرة القدم وإن كانت الهزيمة لا قدر الله هي المسمار الأخير في نعش الرجاء إفريقيا. هاجس التحكيم يؤرق الرجاء يرى كثير من الرجاويين أن كل الهزائم التي تكبدها فريقهم هذا الموسم كانت بدعم ومساندة من الحكام، فالمباراة أمام الهلال أفرزت ضربة جزاء لا وجود لها إلا في مخيلة الحكم، وفي مباراة الكأس أمام أولمبيك آسفي إنتفض الرجاويون ضد الحكم جيد، وطالبوا من الجامعة إعفاءه من مباريات الرجاء، وضد النادي القنيطري أشارت أصابع اتهام الرجاويين إلى الحكم اليعقوبي، وفي أبا حرم الحكم السينغالي الرجاء من ضربة جزاء بعد أن لمست الكرة يد مدافع نيجيري، لذا يتمنى الخضر أن يكون الحكم الجزائري فأل خير ويكسر قاعدة جور قضاة الملاعب، خاصة وأن تعيين الكاف لثلاثي تحكيم جزائري لقيادة اللقاء ضد إنييمبا يتوسطه جمال حمودي بمساعدة عبد الحق الشبالي وبطان منير قد طمأن المغاربة، علما أن الثلاثي الجزائري سيكون مساندا من المصري حواسنية فاروق كحكم رابع، بينما سيقوم بدور المراقب ديوري سيدو من دولة النيجر، فيما سيقوم بالتنسيق العام المصري مرزوق مازن.