لا شك أن خارطة كرة القدم بالقارة الإفريقية قد تغيرت بشكل كبير وأعطت الإنطباع إلى تقليص الهوة بين المنتخبات الكبيرة والصغيرة، وذاب مصطلح الحيتان الكبيرة الذي يسيطر على قاموس الفرص بين المنتخبات، ولعل المنتخبات التي مثلث القارة السمراء في المونديال الأخير بألمانيا أكدت هذا الطرح بعد ما شاركت أربع منتخبات من أصل خمسة لأول مرة في كأس العالم في غياب السواعد الكبرى الإفريقية كالكاميرون ونيجيريا والمغرب ومصر· وكان هذا الحضور لأنغولا وغانا والطوغو والكوت ديفوار إيذانا بانتهاء عصر احتكار الحيتان الإفريقية وتوقف عداد صولاتها وجولاتها فوق تضاريس القارة الإفريقية، ولم يكن هذا التحول في خارطة القارة السمراء بالغريب أو المفاجئ، فالواقع أننا انتظرنا هذا التقارب في مستوى المنتخبات الإفريقية نظير التطور الذي عرفته اللعبة هناك في السنوات الأخيرة، لأن انفتاح المنتخبات التي كانت تعد في خانة الحيتان الصغيرة على الإحتراف وفسح أكبر مجال للاعبها لدخول التجارب الأوروبية وكذا انفتاح أبوابها لإستقبال مراكز التكوين لأكبر الأندية العالمية قد ساعداها على تطوير مستواها وتقوية عودها، حيث أصبحت قادرة على مقارعة المنتخبات ذات التجارب الكبيرة· ولأن التصفيات المونديالية تعد أكبر مرآة تعكس مستوى المنتخبات وقياس درجة المنافسة، فقد أكدت مجددا وعلى غرار التصفيات السابقة للمونديال الأخير بألمانيا أن بطائق التأهل لن تكون سهلة وطريقا لن يكون مفروشا بالورود والياسمين، ومجددا ستعرف الجولات القادمة كل أنواع الإثارة والندبة والتشويق· بداية التصفيات انطلقت على إيقاع المفاجآت، وتلقت مجموعة من المنتخبات صفعات لم تكن منتظرة، حتى أن بعضها بات وضعها مبكرا فوق كف عفريت، وأضحت المرحلة المتبقية بالنسبة لها أشبه بمباريات سد فاصلة الخطأ فيها ممنوع كالمنتخب المصري عميد المنتخبات الإفريقية وصاحب الرقم القياسي في عدد ألقاب كأس أمم إفريقيا، الذي وجد نفسه يتعذب في مجموعته ولم تشفع له مكانته ومعرفته بخبايا القارة السمراء بعد أن تلقى هزيمة مذلة أمام الجزائر ويأتي أيضا المنتخبان المغربي والكاميروني بعد أن وقعا على بداية متواضعة، إذ ننتظر منهم خلال المراحل المقبلة مزيدا من الجهد· المنتخب المالي بدوره لم تشفع له نجومه المتألقة في أعتد الأندية والبطولات الأوروبية ، إذ وجد نفسه يتأخر في مجموعته الرابعة بنقطة يتيمة·· في الجانب الآخر وكالعادة تتألق منتخبات كانت خارج الحسابات كمنتخب بوركينافاصو الذي يتقاسم الصدارة مع الكوت ديفوار في المجموعة الخامسة والمنتخب الغابوني الذي أشعل نار المفاجأة في المجموعة الأولى بتقدمه في الترتيب على المغرب والكاميرون والطوغو· صحيح سيكون من العبث آنيا تحديد ملامح المجموعات والمنتخبات المرشحة، بل حتى التوقعات الأولية قبل انطلاق التصفيات قد ذابت مع كل هذه المفاجآت المسجلة، لكن ما يمكن تأكيده أن التأهل لن يكون سهلا وحتما ستطفو مجددا بعض المفاجآت إذا ما سارت المباريات بنفس الوثيرة المتقلبة·· تلك هي إذن الكرة بإفريقيا التي أبت إلا أن تغير من خارطتها الكروية لتكسير ما كان يسمى بالحيتان الإفريقية الكبرى وأخرى الصغيرة·