سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسامة السعيدي عصفور النار أنا أسعد الناس في العالم
تواعدنا كلاعبين أن لا نخذل جماهيرنا
شعرنا بأننا على أبواب ملحمة كروية تاريخية
يوم نودي علي من طرف غيرتس قلت: «إنها فرصتك يا أسامة فلا تضيعها»
إقشعر بدني لما شاهدت التيفو، بل وأحسست بعيني تدمعان
كما الشذى يخرج فواحا من زهور الربيع طلع أسامة السعيدي مثل نيزك في ليلة العيد، خرج كالفراشة في موسم الربيع يبحث عن أكمام الزهر. في أول يوم لميلاده الدولي بعد ثوان كان قد أعلنت عن قدومه لمسرح الدولية بعنابة، قدم الفتى الخارق أسامة السعيدي نفسه كمارد ساحر خرج من المصباح السحري للمدرب إيريك غيرتس. وضعت على أكتافه الصغيرة مسؤولية كبيرة، مسؤولية أن يكون بين أحد عشر لاعبا صنعوا في يوم تاريخي ملحمة كروية لا تنسى.. قدر أسامة السعيدي المسؤولية فجاءنا بأداء أنطولوجي، لم يختصر كل مساحات الدهشة والإبداع في هدف رائع سجله بطريقة لا تنسى في مرمى الجزائر ولكنه أعطى على مسافة 90 دقيقة تباشير لميلاد نجم فوق العادة، عندما حاصرنا أسامة السعيدي قبل وبعد المباراة لنتفحص جيدا ملمحه الإنساني قبل الكروي ولنغوص في تجاويف ذاته لنقف على حدود إبداعاته المترامية، بدا الفتى خجولا، متواضعا بالكاد يعبر الأحاسيس بالكلمات، فهو صادق لحد الصمت، رائع لحد الإيماء بتقاسيم الوجه. إليكم الحوار الذي يرسم بفرشاة الكلمة ملامح هذا الفتى الخجول.. - المنتخب: الآن وقد زالت عنك الدهشة كيف ترسم ملامح المباراة التي خاضها الأسود أمام منتخب الجزائر وربحوها نتيجة وأداءا؟ السعيدي: ما كنت متيقنا منه أننا سنفوز على منتخب الجزائر، واليقين هو جزء لا يتجزأ من الثقة بالنفس وبالقدرات، وأيضا من كل هذا الذي أحاط بالمباراة، فقد وقفنا كلاعبين على شغف الجماهير وعلى تعطشها لتقديم مباراة نموذجية نتوجها بفوز كبير، لقد تواعدنا كلاعبين على أن لا نخذل هذه الجماهير، كان لدينا إحساس بأننا على أبواب ملحمة كروية تاريخية، لذلك حرصنا على أن نلعب المباراة بكل حواسنا. - المنتخب: ولكن هل توقعت أن تأتي المباراة بهذه الصورة؟ السعيدي: صدقني كنا كلاعبين نتطلع لتحقيق الفوز ولا نقبل غيره إلا أننا لم نتوقع أن تأتي المباراة بتلك الصورة، أن نفوز برباعية نظيفة ونقدم مباراة أكيد أنها أصبحت مودعة في ذاكرة المغاربة إسوة بمباريات تاريخية أخرى خاضها أسود الأطلس، لقد أعدنا الثقة بأنفسنا وأعدنا الثقة للجماهير وأشعنا أجواء من التفاؤل بمستقبل كبير للفريق الوطني. - المنتخب: هل حفزتكم إحتفالية المدرجات على تقديم أداء أنطولوجي؟ السعيدي: عندما يكون لك جمهور بهذه الحماسة وبهذه الغيرة وبهذه الإحتفالية أيضا فلا يمكن إلا أن تسترخص كل جهد من أجل أن تسعده، أعتقد أن الفوز الكبير على الجزائر لم يكن من صنع اللاعبين والمدرب والإطار التقني والطبي ولكنه أيضا جاء بمساهمة كبيرة وقوية من تلك الجماهير التي وظفت حناجرها وقلوبها لدعمنا والدعاء لنا بالتوفيق. - المنتخب: هل كنت تتوقع أن يكون أول أهدافك دوليا في مرمى الجزائر؟ السعيدي: سأقول لك شيئا مهما، منذ صغري وأنا أحلم بحمل القميص الوطني، فأنا مغربي ومعتز بمغربيتي ويوم نودي علي من طرف المدرب الوطني إيريك غيرتس قلت مع نفسي «إنها فرصتك يا أسامة فلا تضيعها»، ومنذ ذلك الوقت وأنا حريص على أن أطور ملكاتي، بل إنني طول الفترة التي فصلت بين مباراة عنابة ومباراة مراكش كنت دائم التفكير في جاهزيتي البدنية والنفسية لأنني كنت أعرف أن مباراة الإياب أمام الجزائر قد تكون فرصتي الكبيرة لأقدم نفسي كلاعب يستحق حمل القميص الوطني، والحمد لله أنني لم أخيب الظن. - المنتخب: مثل هذه المباريات تحتاج لإستعداد نفسي خاص، كيف حضرت لمباراة الجزائر؟ السعيدي: حضرت لها بما يلزم من نكران ذات ومن إصرار على تقديم ما يطلب مني كإضافة فنية ونوعية، لم يكن يهمني أن أكون أساسيا أو إحتياطيا، فأنا ملك للفريق الوطني ومستعد لأن أخدمه من أي موقع، لذلك عملت على أن يكون التحضير إحترافيا لهذه المباراة حتى قبل أن أنضم للمعسكر، وعندما تتزامن أول مباراة رسمية كاملة لي مع الفريق الوطني بتوقيعي للهدف الأول فبطبيعة الحال لن أكون إلا سعيدا، بل أنا أسعد الناس في العالم. - المنتخب: كيف تعاملت مع الضغط النفسي الذي يقوى في مثل هذه المباريات؟ السعيدي : شخصيا تهيأت لكل الأجواء التي أحاطت بالمباراة وشعرت بثقل المسؤولية، وما زادني كل ذلك إلا قوة إستطعت بها مع زملائي على أن نستثمر هذا الضغط النفسي في الإتجاه الصحيح، وقد كان للمدرب إيريك غيرتس دوره في ذلك، فقد كان حريصا على أن يجعلنا واثقين من قدراتنا على تحقيق الفوز، كان يقول لنا بإستمرار «كونوا على ثقة من أنكم لن تفوزوا فقط ولكن ستقدمون مباراة لا تنسى..». - المنتخب: لنقل أنك عنصر جديد على الفريق الوطني، كيف وجدت الأجواء بداخله، وهل شجعك ذلك على أن تقدم مباراة كبيرة أمام الجزائر؟ السعيدي: صدقا وبدون مجاملة وجدت أجواءا جميلة مطبوعة بالحميمية بين كل مكونات الفريق الوطني لاعبين ومؤطرين وأكثر ما راقني هو أننا نملك مدربا بشخصية قوية وبكاريزما تشجع على العطاء إضافة إلى أن الجامعة مشكورة هيأت لنا كل الظروف لكي يمر معسكرنا في أجواء مطبوعة بالإحترافية، وما شاهدته في مراكش يفوق بكثير ما نعيشه مع أنديتنا. - المنتخب: هل صدمك قرار عادل تاعرابت بالرحيل عن الفريق الوطني قبل 48 ساعة من موعد المباراة أمام الجزائر؟ السعيدي: لنعترف أولا أن عادل تاعرابت لاعب موهوب ولا يوجد الكثيرون بنفس مهاراته الفنية وأي منتخب وطني يريد أن يكون له لاعب بنفس مواصفاته، إلا أنه لم يكن مستصاغا على الإطلاق أن يأتي بسلوك كهذا في مباراة حساسة وحاسمة ومصيرية أيضا. دعني أقول لك بأمانة تاعرابت إنسان، شاب والإنسان ليس معصوما من الخطأ، علينا أن ننسى ما حدث ونركز على مبارتنا القادمة أمام إفريقيا الوسطى لنؤمن تأهلنا لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012 ولنترك الأيام تفعل بنا وبتاعرابت ما هو مقدر لنا وله. - المنتخب: تأثرتم كلاعبين بالتيفو الذي رفعته الجماهير خلال عزف النشيد الوطني والذي أكد على ثوابت المغرب المقدسة، ماذا كان إحساسك لحظتها؟ السعيدي: كان التيفو رسالة الجماهير إلينا، رسالة مؤثرة وقوية أتصور أننا تأثرنا كلاعبين بمضمونها وبعمقها الوطني أيضا، شخصيا إقشعر بدني لما شاهدته، بل وأحسست بعيني تدمعان، فقررت أن يكون الرد على كل ذلك داخل الملعب، والحمد لله أننا جميعا لاعبين وجماهير توجنا تلك الملحمة الوطنية بفوز كبير وبأداء أعاد للأذهان الصور الرائعة التي رسختها أجيال قبلنا. - المنتخب: من أين إستمديت تلك القوة لتكون أشبه بعصفور النار الذي أحرق دفاع الجزائر؟ السعيدي: أولا تعرفون اللاعبين الجزائريين فهم بإمكانيات فردية جيدة، دليل ذلك أنهم يتواجدون بكبريات الأندية الأوروبية، لذلك قلت على أنه لا بد لي أن أكون ناجعا في كل الإختراقات وأزاوج بشكل منطقي بين الأداء الجماعي والأداء الفردي وألتزم بما أوصاني به المدرب غيرتس، فقد كان علي أن أشغل دفاعيا وهجوميا الرواق الأيسر، وأحمد الله أنني وفقت في تقديم مباراة يرضى عنها المدرب والجمهور. - المنتخب: متى شعرتم بأنكم حسمتم المباراة لصالحكم؟ السعيدي: العقلية الإحترافية تقول بأن المباريات لا تحسم إلا بصفارة الحكم التي تعلن عن نهايتها، صحيح أننا بتوقيع الهدف الثالث ليوسف حجي شعرنا بأن المنتخب الجزائري فقد التركيز والقدرة على الرد وترك العديد من المساحات الفارغة التي منها حصلت على فرصة توقيع الهدف الرابع، وكان بمقدوري أنا وبمقدور بوصوفة والعرابي أن نسجل أهدافا أخرى لولا براعة الحارس مبولحي، فقد كانت الحصة ستكون أكبر بكثير من رباعية، عموما نحن طوينا صفحة الجزائر وبدأنا من الآن في التفكير جديا لمبارتنا القادمة أمام إفريقيا الوسطى. - المنتخب: مباراة سنلعبها في بانغي في ظروف مختلفة تماما عن الظروف التي جرت فيها مباراة عنابة ومباراة مراكش، هل أنت على علم بالأجواء التي تسود الأدغال الإفريقية؟ السعيدي: أعرف أنه ليس من السهل التكيف بسرعة مع الأجواء الإفريقية خاصة في جنوب الصحراء، فهناك ظروف تكاد تكون إستثنائية، ولكن لي اليقين على أنني سأتجاوز كل هذه الظروف بمساعدة زملائي الذين يملكون خبرة كبيرة بالأدغال الإفريقية، ثم إن الشعار الذي نرفعه من الآن هو تحقيق الفوز بإفريقيا الوسطى لنضمن مبكرا تأهلنا من دون حاجة حتى لإنتظار نتيجة مبارتنا أمام تانزانيا. - المنتخب: يبدو أن موسمك الجيد مع هيرنيفن الهولندي وما كشفت عنه من علو كعب خلال مباراة الجزائر يضعك اليوم أمام عروض كثيرة لتلعب لأندية أفضل مستوى وطموحا من هيرنيفن؟ السعيدي: أنا فخور بالموسم الجيد الذي وقعت عليه مع هيرنيفن الهولندي، لقد حضرت كلاعب أساسي في 31 مباراة وسجلت 9 أهداف وساهمت في إسعاد جماهير إحتضنتني داخل هذا النادي العريق، وكما قلت فأنا بصدد دراسة مجموعة من العروض جاءتني من أندية أوروبية وازنة، وسأقرر ما إذا كنت سأستمر مع هرنيفن أو أنتقل لناد آخر مع أنني ملح على خوض تجربة جديدة. - المنتخب: إيريك غيرتس قال لراديو مونتي كارلو أنك لاعب موهوب وتستحق أن تلعب بأكبر الأندية الأوروبية. السعيدي: هذا أمر يشعرني بالفخر، شيء رائع أن تأتي الشهادة من مدرب عالمي في قيمة غيرتس، وقد قلت لك أن إنسانيته وكارزميته تجعله يفكر فينا جميعا ولا يتمنى لنا إلا الخير، لذلك سأكون سعيدا فيما لو وفقت في التوقيع لناد كبير بأوروبا أكان بهولندا أو ببلد آخر. - المنتخب: طيب، هل يمكنك الكشف عن أسماء أندية تسعى للتعاقد معك؟ السعيدي: للأمانة هناك أندية كثيرة فرنسية وإسبانية وهولندية قدمت عروضا عينية ومنها أندية سمعت بها من دون أن أتلقى أي عرض منها، عموما أنا مصر على أن أنهي عطلتي السنوية وأتمتع براحة بعد موسم ماراطوني مضغوط وبعدها سأقرر بشأن النادي الذي سألعب له، ثم إنني أستحضر بإستمرار الفريق الوطني فلا يمكنني أن أحدد مستقبلي الكروي الشخصي على حساب واجبي الوطني، ما يعني أنني سأختار الفريق الذي يضمن لي إستمرار العطاء ويؤمن لي فرصة الإحتفاظ على الجاهزية والتنافسية، فأنا ملح على ضرورة الحضور بشكل مستمر مع أسود الأطلس للمساهمة في التأهل ليس فقط لكأس إفريقيا للأمم ولكن أيضا لكأس العالم 2014 بالبرازيل. - المنتخب: قبل أن تنضم رسميا للفريق الوطني، هل كنت على إتصال بكرة القدم المغربية، بمعنى هل كنت تتابع مباريات الفريق الوطني؟ السعيدي: أنا مغربي بالعقل وبالوجدان من أبناء الناظور وأبدا لا أقبل بأن أنقطع عن جذوري، لذلك حرصت باستمرار على أن أتابع مباريات الفريق الوطني وأخبار كرة القدم الوطنية عبر المواقع الإلكترونية، كما أنني حريص على مشاهدة مباريات الفريق الوطني عبر القنوات، وعلى مر السنين كنت شغوفا بتحقيق حلم حمل القميص الوطني، وزاد شغفي عندما تمكن لاعب مثل منير الحمداوي من فرض نفسه داخل تشكيلة الأسود، لذلك أعود لأشكر من صميم القلب المدرب غيرتس لكونه ساعدني على تحقيق حلم الطفولة. - المنتخب: طبعا قدمتم كلاعبين خلال مباراة الجزائر ما تستطيعون بلوغه من أداء راقي، هل تتوقع أن يستمر هذا الأداء بنفس القوة؟ السعيدي: ذلك ما نسعى إليه باستمرار، وهذا الأمر يدخل في صميم عمل غيرتس الإحترافي، إن الفوز على الجزائر بتلك الحصة وبتلك الطريقة ليس نهاية المطاف، إنه مؤشر على وجود إرادة جماعية لتقديم الفريق الوطني المغربي بالصورة التي يرضى عنها الجمهور، أحلامنا لا حدود لها وأعتقد أننا نملك اليوم جيلا رائعا من لاعبين ذوي المهارات العالية الذين يتواجدون بكبريات الأندية العالمية، وعندما يكون لك مدرب بقيمة غيرتس وجامعة تعمل بإحترافية كاملة فإنه لا يمكن إلا ننتظر فريقا وطنيا من المستوى العالي. - المنتخب: من هو مثلك الأعلى كنجم حالي لكرة القدم العالمية؟ السعيدي: إنه ليونيل ميسي بدون أدنى شك، فهذا اللاعب له مهارة عالية في الإختراق وفي قلب المباريات وفي صنع الفارق، ففي زمن قلت فيه المواهب الخارقة قدم ميسي نفسه كلاعب فوق العادة، إنه الوحيد الذي يستطيع بمهارات قل نظيرها أن يراوغ ثلاثة وأربعة مدافعين دفعة واحدة، لذلك تجدني حريصا على متابعة كل مبارياته. - المنتخب: إلى درجة أن البعض قال بأن هدفك الأول مع الفريق الوطني والرابع خلال مباراة الجزائر كان على طريقة ميسي؟ السعيدي: هذا شيء يسعدني وأتمنى من الله عز وجل أن يوفقني لأقدم أداء بنفس أنطولوجية أداء ليونيل ميسي لأضع ذلك بالأساس في خدمة الفريق الوطني.