ماذا بقي إذن بعد الخطاب الملكي الشامل والصريح الذي حرك السواكن، وأثار بركة المياه الراكدة تحت أقدام القلة المنتفعة لصالح الأغلبية المهضوم حقها، وذلك بمناسبة اعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه المنعمين؟ رسالة إعادة توزيع جدولة الثروة الوطنية، وتقدير الراسميل غير المادي ودراسة الطريقة المثلى لنسف الفوارق والبون الشاسع بين الفئة المخلية التي ترفل في النعيم والسواد الأعظم المكحوط والبئيس. وكما كان الشأن خلال رسالة أكتوبر 2008 التي وجهها للمؤتمرين على هامش المناظرة الوطنية للرياضة، جاء خطاب العرش لهذه السنة ليحمل الكثير من الإسقاطات على قطاعات كثيرة، عملا بمبدإ القياس وتعميم الفائدة. العدل الذي ينشده جلالته في مملكته التي يريدها فاضلة بقيم المساواة ونبذ الفوارق التي تولد الضغينة والغل، وسعيه الحثيث لرسم ملامح مواطنة تنبني على أساس الإيثار وضحد الأنا والنرجسية، هو عدل مرجو ومحمود أيضا في قطاع الرياضة الذي تعيش فيه جامعات على إيقاعات الرخاء وتعاني أخرى البؤس والخصاص. ولأن كرة القدم تحمل وصف الشعبية لكونها من الشعب وإليه، ولأن البطولة الإحترافية هي رافعة الكرة المغربية بعدما بح صوت الأسود عن الزئير في المحافل والتظاهرات القارية والدولية، فإن الحاجة لتفعيل دلالات الخطاب والرسالة الملكية السامية على مستوى الأندية الوطنية، باتت واقعا لا يرتفع وأصبحت الحاجة لتخليق إطار الدعم وخلق تنافسية شريفة بين الأندية الممثلة لكل أنحاء المملكة، غاية ينبغي إدراكها. ظل الجميع يردد همسات ولم يرتفع الصوت بما يكفي ليعلن حالة التأفف التي تكتمها الغالبية، من طريقة تمرير دعم المكتب الشريف للفوسفاط لفرق بعينها مقابل أخرى تبكي واقعها المرير وتضطر للتسول لإنهاء موسمها الشاق كل مرة، دون أن يرتقي النقاش للجهر بالقول الذي لا تخشى فيه لومة لائم. حكاية المغرب النافع وغير النافع إنتهت بذهاب ظهير الشؤم البربري الذي نهج سياسة «فرق تسود» واحتكار أندية بعينها (خريبكة وآسفي والجديدة والمسيرة) لدعم تجهل طريقة تصريفه وتوزيعه يجب أن يعاد فيه النظر احتكاما لشفرات الرسالة الملكية السامية والتي كانت كافية لشرح الكثير من الواضحات اجتماعيا، واقتصاديا ورياضيا وفي جميع القطاعات الأخرى.. الفوسفاط ثروة وطنية لا ترتبط بمدينة على حساب أخرى، ولا ترتبط بمكان تواجد منجم، وخير هذا الذهب الخام، والذي سيشكل ثروة القرن 21 بحسب ما يقره الخبراء والمتتبعون، يجب أن يعم كل الفرق، حفاظا أولا على مبدإ تكافؤ فرص المنافسة كما ترتضيها الجامعة، وثانيا لفرض التساوي على مستوى الإستجابة لدفتر التحملات وشرط 900 مليون سنتيم الذي أقرته و الذي سيرتفع لمليار ونصف، وثالثا كي تفرض البطولة الإحترافية إطارها النظيف على مستوى التباري بشكل يلغي شبهات تحالف الفرق المنتمية لنفس المحتضن على حساب أخرى. وكان الموسم المنصرم شاهدا على سجال عقيم إنتهى بانتصار الدفاع الجديدي لقيم النزاهة حين تغلب في مباراة مؤجلة كان يكفي خلالها أولمبيك خريبكة الفوز ليطمئن على مستقبله بالبطولة الإحترافية، لا لشيء سوى ليقول للجميع على أن تاريخه وعراقته لا ترتبطان لا بدعم الفوسفاط ولا غيره. التوزيع العادل لن يقف عند صخرة المكتب الشريف للفوسفاط ولا غيره من المؤسسات العمومية التي يجب أن تقف على مسافة واحدة من كل الفرق، بل يرتبط بحتمية تفعيل الإتفاقيات التي قالت الجامعة أنها ستشمل المجالس البلدية والمنتخبة لضمان غطاء دعم قار وحدد لكل الفرق، ضربا للمصالح السياسوية والمزايدات الإنتخابية. لو حدث هذا وتم تفعيل ميثاق الشرف المنشود على مستوى التقطيع الترابي على كل مسافة المغرب، سنتعض عن القول مثلا أن شباط يحارب بناني لأنه لا ينتمي للونه الحزبي، وعلى أن الفيلالي ضمن للخميسات 900 مليون سنتيم من مختلف المجالس القروية، لا لشيء سوى لكونه عراب الجهة حزبيا وانتخابيا. وختاما إعادة توزيع الثروات لن يكون ماديا محضا بالضرورة، إذ على الجامعة الإلتزام بصرف مستحقات ومنح الفرق على نفس القدر من المساواة بعيدا عن الكيل بمكيالين فتقتطع لهذا وتتساهل مع الثاني، عملا بمبدإ المقاربة التشاركية واستحضار ماضي الدعم بجمع الصخيرات. توزيع يجب أن يطال تعشيب الملاعب، إنارتها و برمجة عادلة لا تتيح أمام فرق الإستفادة من أوقات الذروة وتتجاهل أطراف ثانية بأن تنفى لقاءاتها لهزيع الليل الثاني.