عالمية المناصرة البيضاوية ما استحضره جمهور الوداد والرجاء معا في قمة الديربي 110، كان بحق شهادة تاريخية لمناصرة عالمية في أغلى تجلياتها الروحية والرياضية وحتى الوطنية في سياق حمولة حب الوطن والملك.. وما استحضره الجمهوران معا كان غاية في الأداء الراقي للمناصرة وعاقلا ورزينا في صناعة الحدث بدون خلفيات عنادية وشغب مطلق ولو أن تلافيفه كانت حاضرة قبيل النزال بليلة واحدة، وما استحضره بالأفكار والإبداع الغنائي وصور تيفوات محمولة بأيادي منسقة غاية في التوظيب يجسد فعلا حضارة جيل جديد يريد فعلا إنتماءه العالمي في الكرة على أنها لون راق واحتفالي واستعراضي يفوق بكثير أحداث النزال في الرقعة.. وسأكون أنانيا هنا عندما أقول باعتزاز كبير على أن الدار البيضاء وشعب وعشاق الكرة بالعاصمة الإقتصادية تبقى المدينة العملاقة في المناصرة الحقة، وحري بها أن يكون لها وداد ورجاء في عز البارصا والريال، لكن مع الأسف يحرجني جدا أن أعيش أحلام هذا الجمهور البيضاوي الكبير بصناعاته الراقية يبدأ بالعرض الإحتفالي وينتهي بالسخرية التي لا تليق به أمام عرض فريقيه بأفضع أداء.. وكونوا على يقين أن مدينة الدارالبيضاء بمناصريها لو حضرت لمعاينة البارصا أو الريال لصنعت ذات الخرافية التنظيمية للعرض، ولانبهرت أيضا بالفرجة المزدوجة لتنام على وسائد خيالية، هو هذا جمهورنا الفعلي، أمنحه الفرجة والنجومية والأداء الراقي ولا تمنحه كرة الكراكيز والكرة المعقدة وكرة الرتابة.. ولو كان هذا الجمهور الجديد بصناعاته الحالية حاضرا في الجيل الذهبي، ربما تمتع وأبدع بأكثر الطقوس الحضارية لأنه سيكون حاضرا مع الظلمي والمرحوم بيتشو وبكار وحمان وأحرضان وغيرهم بالتسلسل التاريخي لأعظم النجوم لما بعد الزاكي وبودربالة.. ومع الأسف لا مجال للمقارنات لأنه حتى في جيل العظماء كانت الجماهير البيضاوية عريضة وعريضة وتمتعت بسحر الكرة من دون أن تصنع هي أفكار العرض والتيفوات، والعكس صحيح في ديربي اليوم بالألوان الخارقة على أكبر شاشات التلفزيون المعاصر، لا أكذب إن قلت لكم أنه لا توجد عندنا في المغرب كرة راقية ولاعبون كبار ودوليون بمهارات عمالقة الكرة العالمية، وصدقوني أن حتى مشروع بحث عن أفضل لاعب مغربي أضحى في حكم العدم وأفضل صاحب اختصاص في مركز معين غير موجود بالفطرة والحلم باستثناء حالات نادرة مثلما نراه اليوم في رشيد السليماني وأيوب الخالقي كأفضل وجهين في الإختصاص الدفاعي بمقارنات عمرية بارزة، وحتى لا نسقط في المقارنات التي تبعدنا عن الموضوع ولو أن الديربي كان فارغ المحتوى الفني الكبير وأضعف ديربي على الإطلاق، فما يهمنا جميعا هو جمهور البيضاء في صلب ساعة الحقيقة، إذ ما قدمه حضاريا في الديربي رفعنا جميعا إلى السماء ونؤكد بالواضح على أنه أفضل جمهور حامي الإيقاع بدرجات الإنتماء لأحمر الوداد وأخضر الرجاء، لكن بميزان ذات اللونين اللذين هما ألوان الراية المغربية، أريده أن يكون جمهورا مجنونا على فريقه الوطني، في لقاء الجزائر الفاصل لرد الإعتبار بذات تيفوات ألوان الوطن الحبيب، وبالقيمة الحضارية لأعظم جمهور في العالم، لا أن ينقلب على فريقه الوطني مثلما يعتقد المحللون والإعلاميون الجزائريون في تخريجاتهم اليومية على أن الضغط سيتحول إلى معقل المغرب مثلما عاشه الجمهور الجزائري والمنتخب الجزائري ومدربه بنشيخة قبل وأثناء المباراة التي فازوا فيها بسلطة الحكم الموريسي، وما يهمنا من هذه النوايا أن المنتخب المغربي بفيلقه وأسطوله النجومي الكبير بحاجة إلى لحمة الجماهير المغربية بكافة شرائحها بمركب محمد الخامس كجزء سخي في الرقم الدلالي للمناصرين بدون صمت على الإطلاق طيلة المباراة الفاصلة التي سيكون فيها الفريق الوطني مطالبا بالنصر والدعم الكبير في أول حلقة يلاقي فيها جيل المنتخب الجديد مناصرين يحبون الكرة حتى النخاع. وبحاجة إلى تعبئة مضاعفة لا محيد عنها في الوطنية والإنتماء والروح الكبيرة للألوان المقدسة، وأعرف حثما أن جماهير المغرب بالبيضاء سترد على الجزائر بطقوس غالية في المناصرة لفريقها الوطني لا أن تنقلب عليه كما يصفها جواسيس الكرة الجزائرية حتى من الأجانب الذين دربوا الأندية المغربية ليمنحوا الخصم دلالات ومعاني إحباط المغاربة داخل معقلهم، وهم بذلك يؤسسون لمعركة كلامية من الآن قبل أن تصل في نهاية المطاف إلى معركة جنونية داخل المنتخب الجزائري القادم بذات النية لهزم المغرب.. وعلينا جميعا أن نتغدى بروح الرد الديبلوماسي على نحو آخر من الإنجذاب نحو الفريق الوطني على أنه منتخب كبير وبحاجة لأن نرفعه بالمعنويات والمناصرة القوية حضوريا وإعلاميا وتنظيميا، لا كما هو مصاحب اليوم ببعض الأصوات المضادة لعمل الجامعة وغيرتس وبيم فيربيك مع أن خيط الأمل الأول قدمه المنتخب الأولمبي مع بيم فيربيك بأول إنجاز محسوب عليه بقناعاته واختياراته وأسكت ضمنيا أعداء النجاح لبعض الأٍقلام والتحليلات الواهية لوجوه مطروحة لانتقاد مشروع إصلاح الكرة بالمغرب لا للتريث والصبر لانتظارات النتائج. الموعد لك يا جماهير الدارالبيضاء والمغرب الحبيب.. والفريق الوطني ملك لك لأنه جزء من الوطن، وكن أقوى من التخريجات الجزائرية لتنصف فوز أسودك.