أرقام الذهاب قتلت الإياب ترقب المهووسون بكرة القدم عن ما ستجود به مباريات ذهاب دوري أبطال أوروبا في دور الربع، خاصة أنها حملت معها أطباقا مغرية اصطدمت فيها الأندية بطموحاتها وأحلامها من أجل بلوغ المربع الذهبي، أندية حاولت الدفاع عن تاريخها ومجدها كبرشلونة وأنتر ميلانو وأخرى تراهن على استعادة سطوتها الأوروبية وألقابها الكثيرة كريال مدريد وأخرى لبست ثوب التحدي وراهنت على مقارعة الحيتان الأوروبية الكبيرة كتوتنهام الإنجليزي وشالك الألماني وشاختار الأوكراني. هكذا أريد لدوري أبطال أوروبا أن يحمل شعار الإثارة رغم تباين الطموحات والمستويات، والواقع أن لا أحدا كان ينتظر النتائج التي طلعت بها المباريات، حيث أبت أغلى المنافسات إلا أن تحافظ على إثارتها وتشويقها، ولو أن التشويق في الواقع سيغيب عن مباريات الإياب، لأن العديد من المحللين إعتبروا أن أكثر الفرق المشاركة قد ضمنت بنسبة كبيرة تأهلها إلى المربع الذهبي قياسا بالنتائج القوية التي سجلت. فعندما نعود إلى موقعة البيرنابو بين الريال وتوتنهام الإنجليزي مفاجأة هذا الدور سيتأكد لنا أن الفريق الملكي قد أدى المهمة بالتمام والكمال برباعية سيكون من المستحيل على تلاميذة ريدناب أن يذوبوها، لعدة اعتبارات أهمها أن الفريق الإسباني له من الأسلحة التي ستمكنه من إيقاف حماس توتنهام، كما أنه من المستحيل أن يضيع فريق من طينة الريال مكسب الرباعية النظيفة التي سجلها. وفي «الكامب نو» أعاد برشلونة نفس الدروس التي عادة ما يلقنها لخصومه وسجل نتيجة مريحة على ضيفه شاختار الأوكراني بعد أن أكرم وفادته بحصة عريضة قوامها خمسة أهداف لواحد، وأكد هو الآخر أن تأهل الفريق الأوكراني على حساب البارصا في الإياب سيكون من قبيل المعجزات، إعتبارا أيضا لقوة الفريق الكطلاني وإمكانياته البشرية والفنية ، وإلا لما باح مدرب شاختار لوشيسكو بحقيقة أن برشلونة قد ضمن تأهله بدرجة كبيرة بعد أن اعترف بقوته. ومن كان يعتقد أن البطل أنتر ميلانو سيندحر بذات الطريقة داخل معقله أمام شالك الألماني الذي أصلا يعيش متاعب في البطولة الألمانية، بيد أنه استطاع أن يخلق المفاجأة ويفوز بخمسة أهداف لاثنتين، من كان يعتقد أن أصدقاء إيطو الذين كانوا مرشحين فوق العادة لتجاوز الألمان سيستسلمون بعقر الدار، والظاهر أن شالك قد قطع شوطا هاما لبلوغ دور النصف. وتبقى القمة الإنجليزية الخالصة بين تشيلسي ومانشستر يونايتد المباراة الوحيدة التي تحوم حولها الإثارة، فرغم الفوز الثمين الذي حققه المانيو خارج قواعده إلا أنه وبالرغم من امتياز الأرض والجمهور الذي سيصب في صالحه فإن لا شيء يبقى محسوما خاصة أن المباريات الإنجليزية عودتنا أنها تبقى حبلى بالمفاجآت وأنديتها لا تستسلم بسهولة. هي النتائج التي أبت برأيي إلا أن تقتل الإثارة في الذهاب، فبالرغم من أن المستديرة لا تخضع للمنطق وكل شيء يبقى ممكنا في كرة القدم إلا أن مباريات الإياب تبقى بلا نكهة لأن أرقام الذهاب حطمت كل حسابات الإياب ولم تدع برأيي ذرة من التشويق، ما دامت أن ثلاثة أندية قد حققت بدرجة كبيرة المأمول، الريال والبارصا وشالك، على أن مانشستر يونايتد يملك هو الآخر الفرصة الكاملة ليطير بتأشيرة التأهل، لذلك لن نحلم بأي مفاجأة في مباريات الإياب، ليس تنقيصا من قيمة الخصوم التي اندحرت في الذهاب، لكن لمنطق القوة وأيضا لمنطق الأرقام الذي سيفرضان من دون شك نفسيهما في إياب أكثر ما يمكن أن يقال عنه أنه محسوم بدرجة كبيرة.