هو آخر استحقاق أوروبي ستعيشه القارة العجوز الأربعاء المقبل، أكبر التظاهرات القارية وأنفسها وأشدها إثارة وقيمة، ذلك هو منافسة دوري أبطال أوروبا، منافسة الكبار والأقوياء وعمالقة المستديرة المجنونة، لكن ما يميز بلاطو نهائي هذا الموسم أنه يجمع أحد أعرق الأندية العالمية وأكبرها على جميع المستويات، فمن ذا الذي يجهل برشلونة الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي، ومن ذا الذي لم يسعده وصول هذين الفريقين ليكونا طرفي النهائي الموعود·· الأكيد أن الفريقين معا يتذكرا المشوار الطويل الذي رسماه، بتضاريسه، ومن دون شك لم تكن سهلة بمسالكه الوعرة، فكان لزاما عليهما أن يستخرجا كل أنواع أسلحتهما وإمكايناتهما لبلوغ شط النهاية، يتذكران الصعاب والعراقيل والفخاخ التي كانت في طريقهما، لكن في الأخير ينال كل مجتهد نصيبه ويجني ثماره·· المانيو والبارصا نالا بذلك نصيبهما وحصدا ما جناه من عمل ومثابرة ومكابدة· شخصيا لم يفاجئني بلوغ هذين الفريقين لاعتبارات متعددة·· فبرشلونة وقع على موسم أكثر من باهر وقدم عروضا جميلة ولوحات فنية رائعة·· صحيح أن الفريق الكطالوني نال قسطا وافرا من الألقاب هذا الموسم ولم يخرج خاوي الوفاض بعد أن عانق ثنائية البطولة والكأس، وسيكون ظلما لو لم يبلغ النهائي الأوروبي، كانت المستديرة ستندب حظها لو تخلف أصدقاء المارد الأرجنتيني ميسي عن النهائي، كثير من المحللين لم يخطئوا حينما أكدوا أنه زمن برشلونة، وأن البارصا تستحق بلوغ هذه الدرجة المتميزة عن جدارة واستحقاق، لأنه في الواقع انتصار للإبداع والإمتاع والكرة الجميلة التي اغتالتها الطقوس التكتيكية الصارمة ومتاريس المدربين الذين يستهويهم اغتيال الكرة التي إنما جُبلت لتقديم الفرجة·· هو انتصار للجمهور الذي يصفق طويلا للأهداف الجميلة، للإثارة بكل معانيها وللمهارات الفنية، هكذا هو برشلونة الذي أمتع الجمهور أولا وحقق أمانيه ثانيا، لذلك فالفريق الكطالوني لم يكن أنانيا لأنه فكر في جمهور الكرة بامتاعه قبل التفكير في النتائج· لم يفاجئني أيضا بلوغ مانشستر يونايتد المباراة النهائية، لأنه حافظ على القالب الجديد الذي انغمس فيه خلال السنوات الأخيرة، وحافظ على أسلوبه الواقعي الذي كسر شوكة الخصوم، وشعرنا منذ انطلاق تصفيات دوري أبطال أوروبا أنه لم يفقد شيئا من صفة البطل وصاحب اللقب، وسار في درب التصفيات مثل الفارس المغوار الذي لا تتزعزع ثقته عملا بمقولة "الواثق من خطواته يمشي ملكا"، فاستحق بذلك مانشستر يونايتد أن يصل إلى النهائي لأنه جمع من خلال أسلوبه كل شيء، الأهداف، القوة، النجومية، الواقعية، الثقة، الإحترافية في التعامل مع المباريات وتحمل الصعاب، خصال جعلت من الشياطين أسياد إنجلترا أولا وشبح أوروبا ثانيا، صحيح إنه بلاطو مغري سيحبس الأنفاس، هو صدام سيكون عنوانه الإبداع في مواجهة الواقعية، الإبداع الكطالوني والواقعية عند المانشستر·· سنرى من سيفرض كلمته، هل جمالية الكرة وفنيتها، أم أن اللقب سيعلن الولاء مجددا والخنوع للصرامة والإندفاع الأنغلوساكسوني؟ كل الطرق تؤدي إذن إلى روما·· وما علينا إلا أن نربط الأحزمة، إنه النهائي الحالم والموعود، إنه >الأولمبيكو< بروما الذي يستعد بساطه الأخضر للإعلان عن بطل أوروبا الجديد، عن من سيملك صولجان التاج الأوروبي!