أسدل الستار على المرحلة الأولى من دوري أبطال أوروبا، وسقط من سقط وتأهل من تأهل وأحصى كل فريق نتائجه وما أفرزته مبارياته، فالمشوار الأول ورغم أن الفرص تكون فيه متعددة فإن غالبا ما يكون شاقا وغير مريح، ولنا في المتاعب التي وجدت أكبر الأندية قبل أن تقبض على تأشيرة التأهل دليل لصعوبة هذه المرحلة الأولى· فلطالما أفرزت هذه المنافسة مفاجآت من العيار الثقيل، خاصة على مستوى خروج أندية وازنة من الدور الأول فلم تنفع لا نجومها ولا ثرواتها المالية ولا إسمها الرنان، هكذا واقع هذه المنافس التي تعكس حال الأندية، حال البطولات التي تمارس بها، فهي إما أن تزيد هذه البطولة النقاط أو أن تفقدها الإشعاع والتألق، ولأنها منافسة قوية ووازنة لا تعترف إلا بالكبار فإنها مرآة حقيقية تجسد المستوى الحقيقي لهذه البطولة، درجة قوتها وحقيقة عيوبها، بدليل أنها نالت أقوى البطولات حظها الوافر في بلوغ هذا الدور كإسبانيا وإيطاليا وإنجلترا ولو بخروج ليفربول الذي عودنا في النسخ الأخيرة على أفضل العروض والنتائج· لكن، هناك ما يؤكد أن هذا الدور قد رفع القناع مجددا من معاناة الكرة الإيطالية، وأكد معاناتها على الصعيد الأوروبي، خاصة منافسة الشامبيون ليغ، فعندما يتعذر على جوفنتوس التأهل إلى الدور الثاني، فهذا يعني أن الكرة الإيطالية فقدت أحد أقطابها العالميين، وعندما يخسر اليوفي بعقر داره أمام بايرن ميونيخ الألماني بحصة (41)، فهذا يعني أن فريق السيدة العجوز وهذا هو لقب جوفنتوس قد شاخت أكثر وتقزمت صورته عندما خرج بذات الإدلال والهوان أمام جماهيره· وما جوفنتوس إلا صورة من صور تراجع الكرة الإيطالية على الصعيد الأوروبي، حيث كانت أنديتها سباقة إلى التألق وكانت البعبع المخيف لأندية القارة العجوز، فلا أحد كان ينتظر اليوم الذي ستتراجع فيه الأندية الإيطالية أوروبيا بذات الشكل، بدليل الصعوبات التي وجدها كل من الميلان والإنتر لبلوغ الدور الثاني بعد أن كانا قاب قوسين أو أدنى من الخروج، حتى أن جميع الخبراء والمحللين يؤكدون أن الفريقين يفتقدان إلى الأسلحة والإمكانيات التي تخول لهما الذهاب بعيدا في هذه المنافسة· والأكيد أن هذا الطرح يبدو مجحفا في حق قطبين للكرة الأوروبية، لكن ما يصيبهما بدوري أبطال أوروبا رغم النجوم التي تؤثث فضاءها وتاريخها وأموالها فإنه مثير للإستغراب، وكأني بالأندية الإيطالية باتت ترعبها الموسيقى الشهيرة والخاصة بمسابقة دوري أبطال التي تسبق المباريات، إذ الظاهر أن أقدام اللاعبين ترتعش ويصيبها التثاقل عند سماعها، ولو أن الأمر مرتبط أكثر بما باتت تعيشه الكرة الإيطالية على العموم من فضائح ومصائب ضربت أطنابها، فالكالشيو كبطولة فقد توهجه وتألقه المعهودين، وتراجع أنديته أوروبيا ما هو إلا تحصيل حاصل لكرة إيطالية لم تعد أنديتها تقوى على مجاراة إيقاع الخصوم الإسبانية أو الإنجليزية، بل حتى الفرنسية، وما أذل على ذلك ما فعله بوردو بجوفنتوس، ولربما أصبحت عودة الأندية الإيطالية إلى سابق عهدها لتكتب قصصا أخرى مع الألقاب بدوري أوروبا رهين بتغيير الموسيقى الخاصة التي تنطلق بها مباريات هذه المسابقة، ما دامت نغماتها تشكل لها كابوسا وشبحا يفقدها التوازن والتركيز والإنتصارات المرجوة ويزيد الضغط على اللاعبين·