صور كثيرة إرتسمت في ذاكرتي وأنا أزور عمان عاصمة أردن الوفاق والإتفاق، المحروس بعناية الله والمودع أمانة بيد سلالة الهاشميين، لأحضر بها فعاليات الجمعية العمومية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية والتي أوكل إليها إنتخاب قيادة جديدة تضطلع بمسؤولية قيادة هذا المنتظم الإعلامي الرياضي العربي للسنوات الأربع القادمة. صورة أردن لا يطلع عليه يوم من دون أن تنبث هنا وهناك مزهريات جميلة في شكل إستثمارات جالبة للمنفعة، فقد سعدت أيما سعادة أن أكتشف هذه المرة أنه أصبح لعمان مطار دولي هو الأجمل بين دول الشرق الأوسط جوهرة ساحرة تتوسط عقدا جميلا، وصورة أردن يتمثل في مشهد إنساني فريد ذاك الحضن العربي الدافئ والجالب للأمان وقد إحتمى به آلاف العرب ممن أبعدتهم عن أوطانهم حروب وفتن وقلاقل، وصورة أردن برغم أن المطر إنحبس عنه وأصبح قريبا من إعلان حالة الجفاف، إلا أنه يظل قويا بإيمانه بقضاء الله وقدره، فالناس ماضون في دروب الحياة يشقون الصخر ويزعون الشجر ويرفعون قدر البشر، وصورة أردن يمثل للعرب خيمة كبيرة وللعروبة حصنا منيعا، فما قاسه كثير من الزملاء الإعلاميين الرياضيين العرب الذين جاؤوا الأردن أول مرة ممثلين لجمعياتهم وروابطهم ولجانهم الإعلامية الرياضية الأهلية من حرارة إنسانية ترفع للتو كل شعور بالغربة، هو بالذات ما شعرت به يوم زرت عمان لأول مرة وتشرفت هناك بالإنتساب لأول مرة للجنة التنفيذية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية قبل ثلاث عشرة سنة. لم تكن هناك غير صور المكان فقد كانت الجمعية العمومية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية مجمعا لصور كثيرة تؤشر على أن الذين قالوا بضياع الصوت العربي وبتفكك ما وصل بين العرب من عرى نتيجة صدع قوي ضرب الأمة بالغوا كثيرا في قتامة التصوير، والذين يقولون بأن كل المشاهد باتت بئيسة في عالمنا العربي وأعدموا كل نقط الضوء المحفوظة إنما يفرطون في التشاؤم. إنتبهت على الخصوص إلى ما أجمله الدكتور ساري حمدان مندوب إتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية وصفا وتوصيفا للأجواء التي سادت إجتماعات الجمعية العمومية، عندما قال أنه سر بالمستوى الحضاري الذي ساد النقاش وأكد بأن الحركة الرياضية العربية يمكنها أن تفخر بإعلامييها، بوعيهم وبحرفيتهم وأيضا بتمثلهم التمثل الإيجابي لكل ما يقوي وحدة الصف العربي في هذا الوقت الذي تتكالب على الأمة محن كثيرة تهدد الصرح بالتهاوي ولكل ما ينزع فتيل الخلافات فلا يكون الإنتصار إلا للوطن العربي الكبير. ولأنني ما شعرت في مثل هذه المنتديات التي يبرز فيها الإنتماء للوطن العربي الكبير بأنني أمثل شخصي بكل ما راكمته خلال سنوات العمل في الحقل الإعلامي، بقدر ما أمثل المغرب الذي عرف على الدوام بفضل قياداته الرشيدة من الملك المحرر المغفور له محمد الخامس إلى الملك العبقري، مبدع القمم التي صالحت العرب مع هويتهم وعمقهم التاريخي المشمول برحمة الله الحسن الثاني، إلى الملك الشاب والباني، الضامن لرجاحة العقل المغربي جلالة الملك محمد السادس، وبفضل مفكريه ومبدعيه وبفضل إعتداله ووسطيته على أنه البلد المتصف بالحكمة، القادر على رأب الصدع ورفع الخلاف وحجب كل صور الخصام الذي يفسد للعروبة معانيها السامية، فقد سعيت بنكران ذات أن أشيع على الجمعية العمومية أجواء الوفاق بما يحفظ للجميع مكانتهم وبما يجنب الإتحاد العربي للصحافة الرياضية كل ما يمكن أن يزعزع أركان البيت ويحدث شرخا بالسقف، وقد أمضينا جميعا بحكمة الزميل الأستاذ محمد جميل عبد القادر سنوات في إرساء الدعائم الجديدة التي تجعل منه إتحادا نوعيا يفخر به الإعلاميون والمبدعون والرياضيون العرب، كما جاء على لسان الدكتور ساري حمدان الذي أكد أنه سعيد بأن ينقل ما رأته عيناه وابتهج له القلب إلى الإجتماع القادم لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية دليلا على النضج والوعي بمصلحة الأمة. وبقدر سعادتي بتجديد ثقة الزملاء الإعلاميين الرياضيين العرب في شخصي لتولي منصب نائب الرئيس للمرة الثالثة على التوالي، وهي ثقة في كفاءات المغرب بدرجة أولى، فإنني سعيد أن أكون من موقعي قد ساهمت في إشاعة جو الوفاق إنتصارا لمصلحة الإتحاد العربي للصحافة الرياضية وأجد في الكلمة الرقيقة التي خصني بها الزميل الأستاذ محمد جميل عبد القادر الذي أعيد انتخابه رئيسا لهذا الإتحاد تقديرا للأدوار النضالية التي لعبها ما يثلج الصدر ويريح الضمير ويشعر بالفخر، تقول رسالة الزميل محمد جميل عبد القادر: «أود بإسم أسرة الإتحاد أن أقدم لكم التهاني الحارة وأمنيات التوفيق بمناسبة إجماع الجمعية العمومية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية على تزكيتكم لموقع نائب رئيس الإتحاد، وذلك في الإجتماعات التي عقدت بالمملكة الأردنية الهاشمية في الفترة من 7 إلى 9 مارس 2014 وسادتها المحبة وروح التوافق الذي نتمناه في كل جوانب الحياة العربية. لقد أعطيت الزميل بدرالدين الإدريسي درسا ثمينا في التجرد ونكران الذات وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وفي ذلك تأكيد على الروح الطاهرة التي تحملونها بين جناحيكم. مرة أخرى لكم كل أمنيات الخير والسعادة». هذا التجرد الذي تحدثت عنه رسالة الزميل محمد جميل عبد القادر وهذا النكران للذات وهذه الروح الطاهرة هي روح كل المغاربة الذين جبلوا على الإلتزام كل الإلتزام بما عاهدوا الله عليه، أن يخلصوا لوطنهم ولملكهم وأن يذودوا عن عروبتهم، فلا شكر على واجب.