لا يمكنك قطعا وأنت تحاور فنانا مثل عزيز بودربالة، ألا تعيش معه على طول خط الحوار بالجوارح خاصة وإن كنت من أبناء ذلك الجيل كما وصفه في حواره معنا ب«الزمن الذهبي» وهو بالفعل كذلك، ونقف عند أدق تفاصيل تلك الفترة المجيدة وكأنها حدثت بالأمس فقط. كما لا يمكنك أن تغوص مع عازف مثل عزيز «عازف عود وعازف بالكرة» إلا أن تنهل منه وتغرف من معين عراكه الطويل مع الملاعب وتحوز الكثير من الأفكار. حملنا لكم قراءنا، واحدا من أساطير الكرة المغربية، واحد من مبدعي ملحمة «مونتيري ووادي الحجارة» الخالدة بالمكسيك، لا ليعود بنا للخلف بل ليتقدم بما للأمام بأفكاره، كيف يقارن هذا الجيل مع جيله؟ قراءة فنجان الأسود؟ ما موقفه من وحيد؟ ما تقييمه لمرحلته؟ ما قراءته لقرعة المونديال؟ وما يقترحه ليتكرر العبور المجيد للدور الموالي في قطر تابعوا: • المنتخب: السي عزيز مرحبا بك داخل بيت أنت واحد من أهله، أليس كذلك؟ ألم يتأسس هذا البيت وأنت وأبناء جيلك تحملون لواء الكرة المغربية و«المنتخب» كانت مرآته العاكسة؟ عزيز بودربالة: وهل يخفى القمر، ونعم الدار ونعم الرفقة الطيبة لرواد ومؤسسي هذا الصرح الإعلامي ومن ينكر فضله من أبناء جيلي لغاية الجيل الحالي فهو جاحد، بدليل استمراريتكم ماشاء الله ومواظبتكم مع الكرة المغربية وقضاياها كي لا أقول الفريق الوطني فحسب، مرة أخرى لي الشرف أن أطل من «المنتخب» على القراء الكرام مثل عشرات المرات السابقة. • المنتخب: هذه المرة نريده حوارا محينا السي بودربالة، أي غير الحوارات السابقة وأول تجليات التحيين، رأيك في قرعة المونديال؟ عزيز بودربالة: تقصد فريقنا الوطني، قرعة صعبة جدا، استغربت فعلا لبعض قراءات المحللين وكل واحد حر في تقييمه بطبيعة الحال، لكن بنظرة الدولي السابق والمجرب والمتابع الحالي، أقول أنها مجموعة حديدية بل من بين الأصعب. وحين أقر بصعوبتها فمن عدة منطلقات أولاها وضعنا نحن، وواقع المنافسين واستلهام تجاربنا السابقة فمن لا يؤسس التقييم على هذه الأمور الثلاثة فسيخطئ دون شك في تحليله وسيغلط الجمهور، وأعود لأكرر لكل قراءته لكن هذه قراءتي. • المنتخب: هل يمكنني فهم أنك متشائم مثلا أم متخوف؟ عزيز بودربالة: لا متشائم ولا متخوف، بل واقعي، وسأوضح لك، بلجيكا ألم تكن لغاية أسبوع واحد قبل القرعة الرقم 1عالميا؟ طيب، لنترك التصنيف جانبا، ألا يضم منتخب بلجيكا حاليا أفضل حارس في العالم يلعب لأفضل فريق بأوروبا (كورتوا)؟ ألا تضم بلجيكا أفضل صانع ألعاب في العالم وأوروبا بدليل اختياره أفضل لاعب لموسمين في أنجلترا وهو كيفين دي بروين؟ وهو مرشح هذا العام للكرة الذهبية مع بنزيما ومبابي؟ ولن أتحدث عن هازار المصاب والذي سيعود قويا دون شك. كرواتيا، أليست وصيفة البطل السابق؟ وبلجيكا ألم تكن الثالث في روسيا؟ ألا يضم الكروات أفضل لاعب خط وسط في العالم حاليا الأعجوبة مودريتش، وأضع سطرين على وصف أعجوبة لأن ما يصنعه هذا اللاعب الرائع بتمريرات سحرية وسخاء بدني هو بالفعل عجب. ألا يضم منتخب كندا أفضل ظهير أيسر في العالم ديفيس لاعب بايرن ميونيخ، وكندا هو بطل الكونكاكاف أمام أمريكا والمكسيك؟ لو جمعت هذه المعطيات ألا يحق لي وصفها بالمجموعة الحديدية. • المنتخب: أكيد، لا أختلف معك في هذا، لكني أرغب منك قراءة في فنجاننا أمامهم؟ عزيز بودربالة: جوابي هنا سيختلف عن ما لمست أنت في السابق كونها هواجس، أنا هنا سأنقل لك التفاؤل والأمل، بمعني، أنه سبق لنا وأنطلق من جيلي أن عشنا تجربة مماثلة، من كان يراهن علينا ولو بريال أمام أنجلترا بنجمها غاري لينيكر وودل وويلكنز وبولونيا ببونييك وسمولاريك، والبرتغال بباولو فوتري، وبعدها عمالقة ألمانيا من رومينيغي لغاية ردوي فولر وبريم وكلينسمان وأوغنتالر وليتبارسكي وماتيوس وغيرهم؟ لا أحد، لكننا تصدرنا وقلبنا المعطيات لمصلحتنا. في مونديال أمريكا قهرنا بلجيكا بنجمها الكبير إينزو شيفو وحارسها العملاق ميشيل برودوم، وقهرناهم كرويا لكننا خسرنا لسوء الحظ، نفس الشيء أمام هولندا، نفس الشيء أمام النرويج في مونديال فرنسا 1998، لغاية إحراج اسبانيا بنجوم الريال والبارصا وجيلهم الذهبي والبرتغال مع رونالدو الأفضل في العالم سنتها في مونديال روسيا 2018، لذلك فإن استعراض قوة المنافسين شيء، وردة فعل لاعبينا هي الحاسمة شيء آخر. • المنتخب: بماذا تنصحهم إذن؟ عزيز بودربالة: بأن لا يلدغوا من نفس الجحر، أحذر من كندا التي تذكزنا بقصة إيران وحديث المحللين قبل مونديال روسيا وكأنهم كانوا يوزعون الوزيعة «نهزم ايران، نتعادل مع البرتغال، وإسبانيا ونتأهل» والبقية تعرفونها. كندا ستكون حصان المجموعة الأسود، منتخب سريع وفتي وبلا ضغوطات وتذكر كلامي هذا جيدا، المباراة التي ينبغي أن لا نخسرها هي أمام كرواتيا أيضا لأنهم جيل مرعب فعلا بتواجد مودريش لاعب الريال، كوفاسيتش لاعب تشيلسي وبيرسيتش لاعب أنتر ميلان، ونجوم آخرين لكن أعتقد أنهم تقدموا في السن نوعا ما، وعبد مواجهة بلجيكا ما علينا سوى التحلي بالواقعية وأن نقارعهم الند للند. • المنتخب: لم تقرأ لي الفنجان كما رغبت، هل من حظوظ في التأهل للدور الثاني؟ عزيز بودربالة: بطبيعة الحال هناك حظوظ وإلا ما الداعي للسفر أصلا، حظوظ أقوى من السابق، لأنه اليوم وبخلاف كل المرات السابقة قد يكون لدينا 12 لاعبا سبق لهم التواجد في مونديال روسيا وبالتالي سيحققون المشاركة في مونديالين، وأنا هنا أذكرك أنه فقط حين تواجد 5 لاعبين بمونديال فرنسا تقدمهم نيبت والحضريوي والطاهر وحجي وقد شاركوا في مونديال أمريكا فقد رأيت الفرق والمشاركات الثانية دائما ما تكون أفضل وبكثير. اليوم حكيمي ما شاء الله نجم عالمي، ويحضر وهو صغير السن للمونديال الثاني له، معه سايس وبونو والنصيري وآخرين، أعتقد أن هذا مع عامل المناخ واللعب في الشتاء وعلى أرض قطر البلد العربي الشقيق والتواجد المكثف للجماهير المغربية، سنتأهل بمشيئة الله تعالى وأرى أن جيل حكيمي يمكنه أن يعادل أو يتخطى إنجاز جيلنا لكن مع تحلي السي وحيد بالحكمة.