مؤلمة وموجعة، بل ومحزنة تلك الصور التي صدرتها مباراة الجيش الملكي والمغرب الفاسي، والتي تحكي عن أعمال عنف وشغب بدأت داخل مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط وامتدت لخارجه فأحدثت إتلافات وخسائر لمملوكات عمومية وخاصة، وهو مشهد مكرر لأحداث عنف كانت قد اندلعت في محيط ذات الملعب قبل سنوات. ظن البعض أنه جرى تجفيف منابع ذاك الشغب وتطويق كل البؤر التي منها يطلع، ونبهنا غير ما مرة، أن الشغب هو بركان صامت، وقابل في أي وقت للإشتعال وإحراق كل ما يحيط بالمباريات. كان يجب أن نستشف ذلك، من خطابات الكراهية التي يتم الترويج لها في مواقع التواصل الإجتماعي، وفي التشجيع على العنف اللفظي الذي يؤدي بسبب جمرة طائشة إلى عنف جسدي. أيا كانت الأسباب والمبررات، فإن ما شاهدناه خلال مباراة الجيش الملكي والمغرب الفاسي، لا يفسر بغضب الأنصار على خسارة فريقهم وتوديعه لكأس العرش، فلا أحد يمكن أن يصل لهذا الحد من الجنون والتهور ومن "الوحشية" أيضا للتعبير عن غضبه، لذلك هناك حاجة لتجديد استراتيجية مكافحة الشغب بكل تلاوينه، باستحضار الوازع الأمني والوازع الإجتماعي والوازع السيكولوجي فالوازع الأخلاقي. إن الخسائر المروعة التي ترتبت عن شغب مجمع الأمير مولاي عبد الله، جسديا في صفوف رجال الأمن والقوات المساعدة وحتى المناصرين، وماديا على مستوى الممتلكات العامة والخاصة، تستدعي ردة فعل قوية، لا تقف عند مجرد معاقبة المتسببين المباشرين في هذا العنف المفرط بالإحتكام للقانون المجرم للعنف الرياضي، وإنما تتعداه إلى الوصول للمنابع الخفية التي تصدر هذا العنف في صوره المقيتة، لتجفيفها، فما كانت كرة القدم يوما مصدرا للموت والكراهية والعنف والتوحش، بل كانت دوما مصدرا للسعادة وللفرح الجماعي.