بعد أن شاهدا يوفنتوس يحتكر لقب الدوري الإيطالي لكرة القدم طيلة تسعة مواسم متتالية فيما انحصر طموح كل منهما بالتأهل إلى إحدى المسابقتين القاريتين، يتواجه إنتر وجاره ميلان السبت في لقاء الديربي مع طموحات مختلفة تصل إلى حد الحلم بإحراز لقب طال انتظاره، أقله بالنسبة للقطب الأزرق والأسود في المدينة. كان ميلان آخر فريق يتوج بطلا للدوري عام 2011 قبل أن يفرض يوفنتوس سطوته المطلقة ويظفر باللقب لتسعة مواسم متتالية من دون أي منافسة جدية إن كان من قطبي ميلانو أو الفرق الكبرى الأخرى مثل نابولي وطرفي العاصمة لاتسيو وروما. صحيح أن الترتيب الحالي لا يعني الكثير بعد مرور ثلاث مراحل فقط على انطلاق الموسم، إلا أن البداية التي حققها ميلان بقيادة ستيفانو بيولي والمهاجم السويدي المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش، تعطي بريق أمل لمشجعي "روسونيري" الذين شاهدوا فريقهم يفوز بمبارياته الثلاث الأولى. والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة لإنتر مع مدربه أنتونيو كونتي، إذ حصد سبع نقاط من مبارياته الثلاث الأولى، مؤكدا بأن المركز الثاني الذي حققه الموسم الماضي بفارق نقطة فقط خلف غريمه يوفنتوس لم يكن وليد الصدفة، وسيكون منافسا جديا للأخير من أجل الفوز باللقب للمرة الأولى منذ 2010 حين أحرز ثلاثية الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا بقيادة البرتغالي جوزيه مورينيو. قد لا تصل طموحات ميلان إلى مستوى جاره اللدود في ما يخص منافسة يوفنتوس على اللقب، لكن التطور الذي حققه يؤشر إلى إمكانية أن يعود للمرة الأولى منذ 2014 إلى المشاركة في دوري أبطال أوروبا، المسابقة التي توج بلقبها سبع مرات. ولكي يحقق حلم إزاحة يوفنتوس عن العرش، على إنتر تصحيح الأخطاء التي ارتكبها في موسمه الأول تحت إشراف كونتي، وأبرزها السقوط في المباريات الهامة (خسارتان أمام يوفنتوس وأخرى مفصلية أمام لاتسيو)، والحد من الجدل خارج المستطيل الأخضر (على غرار الجدل الذي تسبب به كونتي بعد انتقاده العلني للإدارة الصينية للنادي). واستباقا إلى أي فصل جديد من المواقف المثيرة للجدل ضد الإدارة، اجتمعت الأخيرة بكونتي قبيل انطلاق الموسم من أجل تدوير الزوايا وتحديد الأهداف وما يحتاجه لاعب ومدرب يوفنتوس السابق من أجل تحقيق حلم قيادة "نيراتسوري" إلى منصة التتويج. عزز إنتر صفوفه هذا الصيف بضمه المغربي أشرف حكيمي والتشيلي أرتورو فيدال والصربي ألكسندر كولاروف واليوناني جيورجيوس فاغيانيديس وماتيو دارميان والسويسري الشاب داريان ماليس وأندريا بينامونتي، وتعاقد نهائيا مع التشيلي أليكسيس سانشيس ونيكولو باريلا وستيفانو سينسي، مع الإبقاء على خدمات الهداف الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز بعد أن كان مرشحا للانتقال إلى برشلونة الإسباني. وسيلعب حماس كونتي وتفانيه دورا حاسما في مسعى إنتر للقب طال انتظاره، وهذا ما أشار إليه مهاجم الفريق السابق كريستيان فييري بالقول "أنتونيو شخص متطلب جدا، لكنه يعطي الكثير أيضا: هناك قلائل مثله باستطاعتهم تغيير شكل فريق في غضون أشهر معدودة"، معتبرا بأن إنتر فريق "قادر على إحراز اللقب". ميلان بروح جديدة حلم إحراز اللقب قد يكون بعيد المنال عن الجار اللدود ميلان، لكن الفريق أظهر أقله ثباتا في الأداء وعاد لجعل مشجعيه يحلمون بأمجاد الماضي، بعدما اكتفوا في الأعوام الأخيرة بمشاهدة الإدارة تتخبط منذ 2014 بعد رحيل ماسيميليانو أليغري، بتعاقدها مع سبعة مدربين في أقل من ستة أعوام. ويبدو أن بيولي الذي وصل إلى الفريق في تشرين الأول/أكتوبر، أوقف هذا النزيف رغم التشكيك بقدرته على إدارة فريق من عيار "روسونيري". فرض بيولي نفسه بهدوء ومن دون ضجة إعلامية، وذلك من خلال كسب ثقة اللاعبين وفي مقدمتهم إبراهيموفيتش الذي عاد، رغم اقترابه من عامه الأربعين (39 حاليا)، للدفاع عن ألوان الفريق في كانون الثاني/يناير الماضي. لم يكن الأمر سهلا على بيولي، إذ بدا مهددا بالاقالة بعد خسارة مذلة على يد أتالانتا (صفر-5) أواخر 2019، وحتى أن وسائل الإعلام تحدثت حينها عن توجه الإدارة للاستعانة بالمدرب الألماني رالف رانغنيك. لكن "قوة بيولي كانت بهدوئه" بحسب ما كتبت صحيفة "غازيتا ديلو سبورت" في تلخيصها لعامه الأول كمدرب لميلان، معتبرة أن الجمود الذي تعكسه شخصيته لا ينطبق على مسار الفريق لأنه جعل الأخير "يتطور". بقيادة جيل من الشبان، مثل الفرنسي تيو هيرنانديز، فرض ميلان نفسه بقوة منذ أن استؤنف الموسم الماضي في حزيران/يونيو بعد أن توقف في آذار/مارس بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. وتجسدت هذه الروح الجديدة في الفريق بما حصل في مباراة الملحق الفاصل المؤهل إلى دور المجموعات في مسابقة "يوروبا ليغ" أواخر الشهر الماضي، إذ انتزع التعادل أمام ريو آفي البرتغالي 2-2 في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، ثم حسم تأهله بسلسلة ملحمية من ركلات الترجيح أنهاها لصالحه 9-8.