قلب الوطنية وبخجله الأعمى ما زال ناصر الشادلي يقول من خلال حوار خص به «المنتخب» عن اختياره النهائي لمنتخب بلجيكا: «أتمنى من كل المغاربة أن يتابعوني ويتابعوا مسيرتي مع المنتخب البلجيكي»، بل ويتمادى ناصر في استهزائه هذا ضاربا عرض الحائط ما اقترفه أصلا من مغالطات صبيانية اتجاه الرأي العام المغربي لأنه وبكل أسف لم يراع معنى أن يحمل القميص الوطني بإيرلندا في أول لقاء تعارفي مع من أكبر منه في الإحتراف الأوروبي والوطنية الغالية، ولم يرفع الراية البيضاء ليستسلم لحب المغرب مع أن إسمه مغربي وليس بلجيكي وينتمي لعائلة مغربية بالوطنية والعرق والأصول، ولم يقدم في نهاية الأمر كلمة الرجولة الحاسمة التي اعتبرناها حاسمة ما بعد حضوره الثاني مع منتخب بلجيكا، وأظهر بالواضح ميوعة وطيش شاب غير ناضج.. طبعا لا يهمنا إطلاقا كعبه المميز لأن أفضل منه موجود، ولكنه أساء لنفسه وللجامعة ولغيرتس ولكل المغاربة كمثال جديد من المحترفين الذين لا يؤتمن عليه في قلب الوطنية وقلب المعطف كما يقال، ونعرف أن من يقلب المعطف لا يوثق به إطلاقا ولا يشرف أن يكون رجل مبدأ وقرار، وبوسعه أن يقلب حتى على نفسه وربما قد يكون الزمن غدارا وعين شؤم لمسار أي لاعب حمل قميص ثم انقلب عليه فجأة بمشيئة القدر..ومن يدري قد يكون تحول ناصر الجديد مغضوبا عليه في كل مكان يلعب فيه أمام جاليات مغربية لا يروقها مطلقا ما فعله ناصر اللاعقل واللامنطق على غير رشد محترفين مغاربة احترموا مشاعر بلدهم واختاروا بلدانا أخرى لقرارهم العاقل، ومحترفين أقوى منهم اعتزوا بحمل قميص الوطن بسرعة كبيرة مثل الثوب الذي تقمصته أجيال كبيرة وما زال بعضها اليوم يعتبر قدوة جديرة بالإحترام والإعتزاز لوطنهم فوق أي اعتبار وأي ضغط من المنتخبات الأوروبية. قضية ناصر، أعتبرها شخصيا قضية جديدة لم نألفها مع المحترفين المترددين مثل الفلايني، ورامي وقابول. بل هي قضية حضور وغدر، وقضية تضع الجامعة وتضعنا جميعا أمام مقاييس جديدة من الصرامة في احتواء مثل هذه النوازل من مؤدى أن المنتخب هو ممثل بلد بالقلب والوطن والعزة وليس الترفع عليه بطيش غير مقبول من شاب يعتقد نفسه أنه أصبح نجما فوق الكل، فليس كل من يلعب بهولندا وفرنسا وبلجيكا وغيرها من البطولات الأوروبية يعتبر نجما لامعا وذا شهرة عالية، بل أقلياتهم هي التي صانت واحترمت وطنيتها ومغربيتها لتجد نفسها بأنجلترا وإيطاليا مع أعظم الأندية ممثلة وسفيرة الكرة المغربية، وبعضها الآخر ينتظر فرصه على أن يلعب مبكرا للمنتخبات الأوروبية ويضرب ذات العصفور بحجر واحد بانتظار الفرصة الثانية للعب لمنتخب بلاده، كما أن جيلا آخر يرقى لحمل قميص وطنه المغرب من منطلق الترسانة الأولمبية الجديدة. لكن يبقى السؤال جوهريا يروم نحو الدور الذي تلعبه أسر كافة الجاليات المغربية بأوروبا في تربية أولادها على حب الوطن، مع أنه موجود في غالبية ما هو موجود من المحترفين الذين سايروا كافة المنتخبات المغربية في عقدما بعد الثمانينيات إلى اليوم وبعض أطرافها مترددة في الإختيار مع أنه تردد غير مقبول ولا يمكن أن نقبله جميعا لمحترف يغني بمقولة «قلبي مع بلدي، لكن مستقبلي مع الآخر».. هذه الطبيعة الأخلاقية يجب أن نمسحها من الآن، علينا أن نعتز بمن هو مغربي بالروح والقلب والوطنية حتى ولو ازداد بالخارج، ومن يربي هذه الروح هي عائلات هؤلاء كما هي عائلاتنا أيضا، ومن يمثلنا من الجاليات هم مغاربة ومنتخب بلادهم أقوى من أن تكون فلذات أكبادهم تلعب بروح أوطان أخرى، وشخصيا لست عدوانيا في هذا المبدإ لأنني عندما أشاهد ابراهيم أفلاي وبولحروز يلعبان لهولندا، أضرب فوق الطاولة وأقول: «آه لو كانا يلعبان للمغرب»، وما أكثرهما من اختار اللعب لبلدان أخرى.. هو هذا ما أقصده حتى ولو قال أي لاعب « أنا نشأت بأوروبا وتربيت في هذا النادي ...و...». لكون أسر حجي ووادو والشماخ وخرجة وبوصوفة وبصير والعليوي والحمداوي والأحمدي والقنطاري وبنعطية وهرماش وتاعرابت والعرابي وعبد الصادقي وشافني وبلهندة وباها والزاييري وغيرهم كثير حتى من الماضي الذهبي القريب، راعت في أخلاقها على روح الوطن ودين الوطن وعرق الوطن ولا أحد سواه. وما فعله ناصر شخصيا سيضع الجامعة من الآن في سؤال المرحلة القادمة. بل جواب المرحلة الحالية بوضع استمارة قانونية لأي محترف ألمعي يريد اللعب لمنتخب بلاده بالعقل والقلب والوطنية، ولا بالتردد وقلب المعطف.. وأقوى الإجابات أن نختار أقوى نجوم الإحتراف بميزان العقل لا بميزان هذا بلدك ولا تَقْلِب عليه.. نهاية أعرف أن ناصر سيندم على تصرفه، وقد يندم كل من يتجرأ من اليوم أن يضحك على المغاربة.. لنكن أكثر صرامة مع هذه الوقائع، والمنتخب ليس محج المنقلبين والمرتدين.