"فوز صغير، سببه بالأساس عرض ضعيف وأداء هزيل"، هذا هو العنوان العريض للمباراة التي وضعت بالأمس الرجاء البيضاوي في مواجهة هلال القدس الفلسطيني في ذهاب سدس عشر كأس محمد السادس للأندية الأبطال، وهو يختصر ما أحاط بالمباراة بل ويقدم اكليشيها للمضمون التكتيكي الذي أعطاه لاعبو الرجاء للمباراة. ولا يمكن إطلاقا تنسيب هذا الضعف في الأداء الجماعي وهزالة الفوز، إلى قوة لاعبي هلال القدس الذين أظهروا شجاعة كبيرة لتقليص ما كان من فوارق بدنية وفنية بينهم وبين لاعبي الرجاء، لأن الحقيقة هي أن أشياء كثيرة تحالفت ليكون الرجاء البيضاوي بتلك الصورة البئيسة التي منحته فوزا بهدف وحيد لا يشكل طوق أمان خلال مباراة العودة بفلسطين يوم الثالث من أكتوبر القادم، هذا مختصرها: تغييرات في التشكيل لأنه كان يدرك جيدا عمق الفوارق البدنية والتنافسية بين لاعبيه ولاعبي هلال القدس الفلسطيني، فقد لجأ كارتيرون مدرب الرجاء لخيار المداورة، فأراح المدافع بدر بانون والسقاء الوردي والجناح النفاتة رحيمي ورجل الربط ناناح والمهاجم بنحليب والقناص أحداد. هذه التغييرات وضعتنا أمام تشكيلة جديدة يقودها محسن متولي ويتواجد بها الأجنبيان الجديدان على الرجاء. إلا أن هذه التوليفة لم تحقق المراد منها برغم أن تصرفا دفاعيا طائشا لمدافع فلسطيني سيمنح للرجاء جزاء منه جاء هدف في توقيت جيد جدا، ذلك أن الرجاء استنزف الكثير من الوقت في البحث عن الإيقاع الضاغط الذي يخرج هلال القدس من تنظيمهم الدفاعي المركب بطريقة بدائية ولكن تحكمه الشجاعة في التطبيق، ولم نشهد تدفقا هجوميا بالمعنى الصريح، إلا في العشرين دقيقة الأخيرة بدخول كل من ناناح وبنحليب، إلا أن ذلك أبقى الفوز في حجمه الصغير. السقوط في الإستعراض ولعل أكثر شيء أعاق بحث الرجاء عن الإيقاع الضاغط في منطقة المنافس، هو سقوط محور الهجوم في الإستعراض، ما ضيع على لاعبي الرجاء فرصا كثيرة للتسجيل بخاصة لما تكون الحاجة إلى بناء الهجمة بشكل خاطف وسريع يستغل ارتباك دفاع هلال القدس في العودة للمنطقة، وأيضا التحلي بالواقعية والنجاعة في إنهاء الهجمات. ولم يفلح متولي في دور القائد وصانع اللعب في إرجاع الأمور إلى نصابها والإقلاع عن المبالغة في الإستعراض، خصوصا وأن الوسط كان يبذل جهودا مقدرة لاسترجاع الكرات الضائعة. الجمهور لا يلعب دور المنبه مع ما يستحقه جمهور الرجاء من تهنئة على الصور الإحتفالية الرائعة التي يصدرها للعالم من مدرجات العبقرية، وأيضا على تعبيراته البليغة عن الإلتزام التاريخي والأزلي للمغاربة بنصرة القضايا العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق، إلا أن ما يعاب عليه هو عدم لعبه لدور المنبه عند حدوث أي شطط في اللعب، فمع دخول لاعبي الرجاء في نفق اللعب الإستعراضي والتقليل من المنافس واستهلاك الوقت في تقديم ما يصطلح عليه بالحشو التكتيكي، ظلت الجماهير منشغلة بأناشيدها، وكأني بالرجاء رأسا مفصولة عن الجسد. هذه الجماهير لم تتحرك إلا في آخر 15 دقيقة، عندما شعرت أن فريقها خالف الموعد والتوقعات وسينهي المباراة بفوز لا يمثل قيمة في حد ذاته، إلا أن المد الهجومي للرجاء لم يفرز شيئا جديدا نتيجة للثقة الكبيرة التي حصل عليها حارس هلال القدس.