لا تنتظروا المهدي منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أتابع فصول التأهيل العسير والقيصري لعدد من الوجوه المغربية المهاجرة من أبناء الجيل الثالث الذين تنفسوا الأوكسجين والهواء بقارة أخرى غير تلك التي تعنينا في الإنتماء والعراك الكروي، دون أن يستبين الوضع ولا حتى حسم الملف وكأننا بصدد تهييء رجال ببطاقة وهوية جديدتين من أجل استفتاء وحق تقرير المصير. ولعلكم تذكرون معي حكاية «كذبة» كبيرة إسمها إبراهيم أفلاي وبعده «وهم» إسمه مروان فلايني إبن حارس الرجاء سابقا المنتمي لحاضرة الشمال وبالضبط مدينة تطوان (البورطيرو) وبينهما كيف استعصى الأمر في سحب الفتى الضئيل إسماعيل العيساتي.. وتم تصوير كل هؤلاء على أنهم غيارات عالية الجودة كفيلة بدفع قطار الأسود وبجعله يخرج من محطات الإفلاس التي كانت بوادرها قد بدأت تلوح مباشرة بعد العودة من القاهرة سنة 2006. صحيح أنه لا أحد بإمكانه صد أبواب الفريق الوطني في وجه أي لاعب يحمل جذورا وانتماء البلد، لكنه بالمقابل ليس كل ما يلمع ذهبا، بمعنى ليس كل من يحمل غير الجواز الأخضر وجنسيات أخرى يحمل ترخيصا بالعبور ويحق له دخول العرين دون «إحِم ولا دستور» على رأي المصريين و «بلا ما يطلب التسليم» بمنظورنا المغربي الخالص. لنترك كل هؤلاء جانبا ولنترك معها الحقبة السابقة التي كان يصدق عليها ما قاله الشاعر «وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر» بمعنى تلك الفترة التي كان الوافد من الضفة المقابلة يمثل لنا قديسا ينبعي العراك لأجل تطويقه بالأحضان والنضال لأجل استقطابه، وكان يشكل مبعث تميز وفخر وانفراد عن بقية المنتخبات الجارة، بخلاف السيل العرم من الوجوه الممارسة اليوم بأوروبا والتفريخ اليومي لعناصر لم تجد نفسها بالصدفة هناك بقدر ما كانت نتاج لحركة الهجرة بحثا عن «الدوفيز» كما لجأ إليها عمال مغاربة في فترة ما بعد المسيرة الخضراء، ونتذكر جميعا كيف مثل لنا انتداب مصطفى حجي سنة 1993 من نانسي الفرنسي حالة انتصار فاق الأبعاد الرياضية لما سواها، ولنحصر نقاشنا في حالة واحدة أعتقد جازما أنها مهولة ومنفوخ فيها بل حتى مبالغ في كثير من تجلياتها وتعني المهدي كارسيلا الدذي أسأل مدادا كثيرا يأتي أم لا يأتي شأنه شأن الكوثري، آيت فانا، جديد، المرابط الأبيض وآخرون وتابعت نقاشات مثيرا في كثير من المواقع بالغ في قراءته لقدوم هذا اللاعب من عدمه كي يحمل قميص الأسود وهو الذي يحمل جنسية بلجيكية من والدة مغربية وأب إسباني، بل وصل الأمر لحد إقحام الفنان الكبير زدين الدين زيدان في القضية ووصف الأسطورة الفرنسي بالعمالة للمنتخب الجزائري بالنفخ في أذان كارسيلا بعدم تلبية ودعوة الجامعة المغربية بما يخدم مصلحة محاربي الصحراء مع مقايضة بالأسلوب المهذب و«الشانطاج» بصحيح العبارة يقضي بإلحاق كارسيلا عبر وساطة زيدان بفريق ريال مدريد الإسباني بقصد التمهيد له لدخول معترك الماتادور في مرحلة مقبلة ليأخذ مكان شافي وإنييسطا. إلى هنا يبدو الخيال الواسع في قمة استيهاماته، لكن لنعد لقراءة واقعية ونجعل من خلالها المهدي كارسيلا مجرد نموذج أو صورة للاعبي أوروبا الموضوعون ضمن أجندتي فيربيك وغيرتس ومدى صواب الطرح الحالي القائل بإستقطاب هذا الجيش العرمرم من الوجوه الشابة الممارسة بمختلف البطولات الأوروبية لعرين الأسود . يبدو الأمر في ظاهره مثيرا، جذابا ومغريا، وللناخب الوطني أكثر من مريح، بأن يحتكم على هذا الفيلق الذي يوسع دائرة الإختيار لديه ويجعل هوامش الفرز كبيرة لكنها في المنظور الموضوعي هي نعمة في طياتها أكثر من نقمة»، وقد تكون مصدر قلق وتشويش في الفترة المقبلة وهنا أستحضر ما كان قد قاله كارلوس بيلاردو مدرب الأرجنتين سنة 1986 وهو يلخص واقع تتويج منتخب الطانغو في جملة واحدة «أعطوني مجوعة من القول يقودهم أسد واحد ولا تعطوني مجموعة من الأسود يقودهم عول» في إشارة لدور النجم المطلق فيها دييغو أرماندو مارادونا الذي فاز بالمونديال لوحده مع كوكبة عادية من اللاعبين بخلاف وضع الريال على عهد بيريز أو ما اصطلح عليه «بالغالا كستيكوس» أوسياسة الأحجار الكريمة والنجوم والتي كانت نتيجتها صفر لقب أوروبي، ما يعكس حجم التخوف المسيطر حاليا في منظوري الشخصي والذي لن تعوز غيرتس الفطنة والدهاء لتدبيره بحكمة. ليس سهلا على الإطلاق أن تحشر أكثر من أفعى في غار واحد، وحرب النجوم قد تكون وبالا ومصيبة بدل أن تكون سلاحا لذلك لست من المهللين لقدوم كارسيلا كما لست من المتحمسين لدرجة افتعال واختلاق الدخول الوهمي لزيدان طرفا في الموضوع وبالمقابل لست من المتخوفين ولا من المنزعجين إن لم يحل بين ظظهرانينا. ومع ذلك أحمل بعض مؤشرات عدم قدوم كارسيلا، فالشاب قدم للمغرب مرارا ووضعت الجامعة تحت تصرفه سيارة فارهة وفندقا مصنفا بمراكش، وأسباب الراحة والإستحمام و«قلقل السوق» ورحل، ولو كان ينوي حقا الفصل في الأمر لفضل اللعب ضد إيرلندا لأن مثل هذه المحكات الودية يمكن إجراؤها حتى دون تدخل من الفيفا وبعدها يمكن للاعب تغيير قناعاته، كما أني ضد المنطق الحالي الذي يحقر ويحرض اللاعبين على القدوم بمقابل ضملن رسميتهم لأن هناك شبانا بسن أولمبي يجب أن يدركوا أن الوطن لا يقايض ولا فرق بين شبل وأسد إلا بالتقوى والأداء، أما المهدي فليحل أهلا ولينزل سهلا إن شاء أما مادون ذلك فسنودد إديت بياف «ريان دو ريان نُو جونو غوكريط ريان».