عداء أسطوري سبق زمانه هو من الجنود الذين رفعوا الراية المغربية خفاقة بين الأمم والمجال الدولي عبر القارات الخمس، فأسمعوا صوت المغرب وهو يبحث عن طريقه للإلتحاق بركب الدول ذات السيادة على الرياضة العالمية. وإذا وقفنا وقفة تأمل في المسار الرياضي الوطني نجد أن هناك خط امتداد بين فترة الحماية وعهد الحرية والسيادة تؤطره حمولة مهمة من الأبطال خاصة في رياضتي كرة القدم وألعاب القوى تلك الرياضة التي أفرزت أسماء وأبطال من العيار الدولي ساهموا خلال تلك الحقبة في رفع راية المغرب في المحافل الدولية. وإذا اقتصرنا على رياضة ألعاب القوى وفتحنا بوابة الماضي سنعثر على أسماء نافست على الألقاب العالمية وفي المحافل الأولمبية والجهوية أمثال المرحوم عبد السلام الراضي الذي شكل أكبر منافس للفرنسي الجزائري الأصل آلان ميمون والعملاق زاطوبيك في تخصص المسافات الطويلة والمتوسطة، كما أن بنعيسى لكبير كان من الذين دخلوا التاريخ بإنجازاته مع الفريق القومي الفرنسي وكذلك العسكري واللائحة طويلة. وإذا أردنا تجديد خط الربط فمن خلال هذين البطلين الأول عندما فاز بفضية الألعاب بالأولمبية سنة 1964 بطوكيو والثاني كأول ماراطوني مغربي يفوز بالذهب المتوسطي سنة 1959 بإيطاليا. إذن ما هو الجديد الذي كان يفرض نفسية والحالة هذه وأبطال الأمس قد وضعوا أحدية تألقهم في رفوف الذكريات؟ الجديد آن ذاك كان إسمه (أحمد الأزرق) رحمه الله بطل مسافة 800م وبوشتة والغازي بطل العالم للعدو الريفي تحت إسم سباق الأمم (1966 بالرباط) وأخيرا حدو جدور 5000 م والذي تأهل لنهائي5000م بمونريال سنة 1976.. وفي نفس السياق أبطال من حجم المرحوم بوشعيب لمعاشي وعمر غزلان بالنسبة للمسافات القصيرة، ويبقى التونسي الكمودي العربي والإفريقي الوحيد الذي نافس العملاق النرويجي «فيرن على الذهب». وأمام غياب عن الساحة الدولية والأولمبية دام 20 سنة (19641984) برز المنتخب الوطني العسكري بطل العالم للمسافات الطويلة كمسكن لأوجاع الإنتظار. على مستوى إدارة ألعاب القوى المغربية وبعد إختفاء من خططوا لحملة طوكيو وحملات البطولات الجهوية. نذكر منهم الحاج الجلالي العوفير رئيس الوفد المغربي إلى طوكيو والإطارين منصور لحريزي رحمه الله وعبد الرحمان المؤذن، هذا الأخير الذي عايش الأجيال الثلاثة الراضي عويطة ولكروج.. سنة 1983 هي السنة التي سجلت إنبعاث ألعاب القوى المغربية من جديد ومناسبة تنظيم الألعاب المتوسطية بالدارالبيضاء ساهمت في الإنتفاضة، حيث شكلت عملية التهييء على مستوى البرمجة والتجهيزات والإعداد الرياضي داخل وخارج الوطن بإمكانيات إحترافية في نجاح هذه الدورة التي أكدت هوية أبطال خاصة، نوال المتوكل (ذهبية 1984 بلوس أنجلس في مسافة 400 حواجز) بعد اكتساحها مسافات السرعة بالمتوسطيات وبطولة إفريقيا بدكار. وسعيد عويطة الذي تألق في نفس السنة عالميا بمناسبة بطولة العالم بهلسنكي سنة 1983 وهي بداية حملت في طيها ميلاد بطل سيسيطر على كل التظاهرات في المسافات المتوسطة خاصة 5000 متر التي أصبحت مغربية. سعيد عويطة ستراتيج الرياضية والتنظيم الرياضي وتجلى ذلك، في خلقه لأول مدرسة لألعاب القوى بمدينة الدارالبيضاء وهي بمثابة الركيزة الأساسية التي أعطت أبطال أمثال مولاي إبراهيم بوطيب صاحب ذهبية سيول 1988، وعبد القادر مواعزيز ماراطون نيويورك سنة 2000 ولندن سنة 2001 وعلي الزين فضية إدمونطون 2001، بولامي حطم الرقم القياسي لمسافة 3000م موانع سنة 2001 ببروكسيل صلاح حيسو رقم عالمي لمسافة 10000م سنة 1996 ببروكسيل، الخناشي رقم عالمي في الماراطون سنة 2002. جواد غريب فاز ببطولة العالم سنة 2005 وحشلاف الذي حل ثانيا في بطولة العالم داخل القاعة، هؤلاء رافقوا سعيد عويطة في إنجازات، في حقبة يمكن أن نقول عنها ذهبية باعتبار نسبة حضور الأبطال المغاربة على منصات التتويج منذ سنة أول تتويج 1984 وإلى غاية 1988 بالدورة الأولمبية بسيول، والتي شكلت نهاية جيل بأكمله لينطلق جيل هشام الكروج بإنجازات لا تقل قوة عن سابقاتها ويبقى سعيد عويطة حامل مشعل ألعاب القوى الوطنية باعتراف الجميع وبحكم إنجازات كذبت الضوابط العلمية والتقنية، لذا فهي حالة من الصعب حتى التفكير في تكرارها. سعيد عويطة.. من يكون من مواليد 2 نونبر سنة 1959 بمدينة القنيطرة التي نزح عنها رفقة الأسرة إلى مدينة فاس بحكم عمل الوالد. عداء مغربي تخصص في السباقات الطويلة والمتوسطة وفاز بذهبية سباق 5000م في أولمبياد لوس أنجلس لسنة 1984. بطل العالم سنة 1987 بروما في مسافة 5000م. حقق أرقاما قياسية عالمية كثيرة، خاصة في مسافتي 1500م و5000م. إعتزل سنة 1991 بعد بطولة العالم بطوكيو. أصبح مديرا تقنيا وطنيا لفترة وجيزة. الآن يشغل مهمة محلل رياضي متخصص في رياضة ألعاب القوى لدى القناة العربية «الجزيرة». كرونولوجيا ألقاب سعيد عويطة سنة 1981 شكلت منطلق بطل قلب كل الموازين وحيّر عقول وأدمغة المهتمين بالميدان في إطاره العلمي والسيكولوجي.. المناسبة كانت هي الألعاب الجامعية العالمية التي احتضنتها العاصمة الرومانية «بوخاريست» والتي شهدت ميلاد عداء شاب متحدي سيطر على سباق مسافة 1500 متر وانتزع الميدالية الذهبية أمام اندهاش الجميع باعتبار أن أسماء عالمية شاركت في هذه الدورة وهذه المسافة التي ستصبح إختصاصا مغربيا. بطولة العالم لسنة 1983 بهلسنكي جاءت لتؤكد تألق الشاب سعيد عويطة الذي كان في أول إحتكاك مع نجوم العدو في العالم والإختصاص واحتلاله للصف الثالث وراء العملاق ستيف كرام الذي سيصبح المنافس الأول وكذلك الصديق، شكلت نتيجة أدخلت ألعاب القوى عالم الكبار باعتبار أن أكبر إنجاز كان قد حققه المرحوم عبد السلام الراضي بألعاب طوكيو حيث فاز بالفضة أمام الإثيوبي بيكيلي. على مستوى الألعاب المتوسطية التي احتضنتها بلادنا سنة 1983 كانت المناسبة سانحة للجمهور المغربي ليشاهد عن قرب هذا البطل الذي حقق أول إزدواجية في التاريخ الحديث عندما فاز بمسافتي 800م و1500 ورغم تواجد أسماء أوروبية وازنة في السباق. 1984 وعلى نسق تألقي تمكن سعيد عويطة أن يبهر العالم عندما أطاح بالأسماء التي كانت مرشحة بالفوز بالذهب في مسافة 5000م الجديدة عليه لتعم الفرحة شعبا مغربيا انتظر إلى ساعة متأخرة من الليل مترقبا سباق القرن قبل الخروج إلى الشوارع التعبير عن فرحة مزدوجة باعتبار أن نوال المتوكل كانت قد حدت نفس الحدو في مسافة 400م حواجز. قبل ذلك وفي نفس السنة وبمناسبة بطولة إفريقيا التي أقيمت بالمغرب والتي شكلت محكا حقيقيا لإعداد لأولمبياد «لوس أنجلس 84» جاء الفوز السهل بالذهب وبالتالي تقديم هدية لجمهور يشاهده بالمباشر لأول مرة والمسافة هي 1500م. سنة 1985 أكدت هوية بطل قادر على التحدي عندما خطط لتحطيم أرقام قياسية كانت في قدميه كما يقال في لغة ألعاب القوى .. سنتناولها في وقتها. 1987 شهدت عودة سعيد عويطة للتنافس على الألقاب العالمية حيث فاز بدهبية 1500م بروسيا ثم شارك في الألعاب المتوسطية باللاذقية (سوريا) وفاز بسباق 5000م واحتل الصف الثاني في مسافة 3000م. أولمبياد سيول 1988 شكلت بالنسبة لسعيد عويطة نهاية المطاف أولمبيا، حيث ختم بنحاسية مسافة 800 وفي ظروف صحية غامضة هناك ناب عليه تلميذه مولاي إبراهيم بوطيب الذي فاز بذهبية مسافة 10.000م وانقذ ماء وجه المغاربة. سنة 1989 أكدت أكبر تحديات سعيد عويطة الذي برهن مرة أخرى أنه الأقوى بعد استعادة عافيته ومعنوياته وفي نفس الوقت تكذيب الذين حكموا عليه قبل الأوان وهكذا فاز البطل المغربي ببطولة العالم داخل القاعة في مسافة 3000 م وبذهبية كأس العالم لمسافة 5000م ببرشولونة أمام اندهاش الخصوم والأصدقاء. سنة 1991 وبمناسبة نهاية كأس العالم بطوكيو رفقة الأقوياء احتل الصف 11 بعد تأهيل صعب للنهاية. سعيد عويطة في سباقات الجائزة الكبرى فاز بهذه الجائزة ثلاث مرات 1986 بروما في مسافة 1500 وسنة 1988 ببرلين الألمانية في مسافة نفس الإختصاص وسنة 1989 في مسافة 5000م بموناكو وهو إنجاز غير مسبوق لبطل إفريقي وعربي وقليلا ما تم رسمه بواسطة بطل في مسافة 1500م أو 5000م. سعيد عويطة والأرقام القياسية من مميزات البطل سعيد عويطة أنه العداء الذي نظم مساره الرياضي في نسقية علمية وبرمجة هادفة إلى التألق والتفوق والإستمرار لمدة طويلة على رأس هرم ألعاب القوى وسباقات المسافات الطويلة والمتوسطة وهكذا خطط لتحطيم الأرقام القياسية لتأكيد السيطرة، وفي وقت تختفي فيه التظاهرات العالمية وتنشيط السباقات التي تدخل في إطار الجائزة الكبرى التي تبرمج للقاءات أصبحت كلاسيكية عبر العواصم الأوروبية برلين، روما، باريس، كريستال بالاس، لوزان و أوسلو وغيرها وهي سباقات تحظى باهتمام الشركات. الرقم القياسي الأول جاء سنة 1985 في 22 من يوليوز والدورة أوسلو النرويجية والمسافة 5000 م والتوقيت هو 13.00.40 وكانت إشارة قوية أن البطل قادم لتحطيم العداد. في نفس السنة وعلى بعد شهرين جاء تحطيم الرقم القياسي لمسافة 1500م بتوقيت 3.29.46 سنة 1987 ستعرف حظها من الأرقام لعويطية حيث تمكن البطل الأسطوري من تنزيل العداد. إلى 8.14.08 في مسافة المايل يوم 26 ماي 1987 بمناسبة جائزة طورينو الإيطالية. بباريس العاصمة الفرنسية وحلبة «باري بيرسي» الشهيرة تمكن سعيد عويطة من تحطيم الرقم القياسي لمسافة 2000م ب "كرونو" 4.50.81 وبتاريخ 16 يوليوز 1987. ويبقى أكبر إنجاز حققه البطل سعيد عويطة هو عندما نزل تحت سقف 13 دقيقة عندما سجل «كرونو» التاريخ في مسافة 5000م وهو 12.58.35. هذا الإنجاز الذي تزامن مع بطولة العالم التي احتضنتها روما الإيطالية وقتها كان سعيد يمارس بوطنه الثاني إيطاليا باعتبار إنتمائه لأكبر انديتها في الإختصاص. تحطيم الرقم القياسي لمسافة 3000م بتوقيت 7.29.25 سنة 1989 له مدلوله والمكان هو كولون بألمانيا.. ومدلوله كونه هو الأخير في بحث البطل على اقتناص الأرقام، مدلوله كذلك بحكم أن تنوع المسافات جعل من سعيد عويطة الطرف المتفرد الذي أشبع غريزته في اللعب بالمسافات كالبهلوان.. وهذا هو عويطة الذي من الصعب أن يتكرر. أشياء من مسار سعيد عويطة أول من احتفى بالبطل الأسطوري سعيد عويطة هو المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي كرمه في حفل استقبال رائع رفقة نوال المتوكل والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم. يعتبر سعيد عويطة البطل الذي فتح أبواب التوظيف لعدد كبير من الرياضيين الذين استفادوا من القرار. الملكي، حيث نم التصنيف في السلاليم التي تلائم كل عنصر. سعيد عويطة هو أول من خلق مدرسة الأبطال الذين عاشوا في كنفه منهم مولاي إبراهيم بوطيب وبولامي «الأكبر» واللائحة طويلة لعناصر وجدت في سعيد عويطة المحتضن لهؤلاء مستغلا «فيلا» وضعها الحسن الثاني رحمه الله رهن إشارة المدرسة. ============ مع عامل الشهوة حاول سعيد عويطة ولوج سلك السياسة من يواية حزب الإتحاد الإشتراكي، حيث شكل أبرز مرشح بالدارالبيضاء، إلا أن النجاح لم يكن حليفه لينسحب من الباب الخلفي. =============== سعيد رجل وبطل متقلب المزاج، حيث مرارا إختار تغيير الأجواء مرة أولى بالولايات المتحدة، حيث حصل على وظيفة كأستاذ محاضر تم مرة أخرى بأستراليا في إطار إعداد أبطال هذا البلد. =========== آخر محطة كانت بدولة قطر حيث المنطلق الأول كان في إطار العمل التقني لإعداد أبطال هذا البلد ثم في إطار إعلامي حيث تقمصه دور المحلل الرياضي عبر أكبر التظاهرات العالمية، وهو العمل الذي أبرز سعيد في صورة جديدة، حيث تمكنه من المادة وشمولية تكاد إنفرادا مغربيا. ========= من الأشخاص الذين يذكرهم سعيد عويطة في إطار «نوستالجيا» الأمس الجميل.. المرحوم الأستاذ عبد اللطيف السملالي الذي فهم مزاج البطل وعامله بما يستحق وكرمه لأنه شرف الإنسان المغربي وأدى دوره بإخلاص وأمانة.. ========== حتى لا ننسى: كيف ثار على الأوضاع بعد دورة اللاذقية 1987؟ لا ننسى أن سعيد عويطة كان وراء المتغيرات التاريخية التي استفادت منها ألعاب القوى إدارة وأبطالا وأطرا. السنة هي 1987 والدورة هي متوسطية بمدينة اللادقية السورية. والمهزلة من ورائها مكتب جامعي برئاسة الحاج نودير. ورغم نتائج في المستوى إلا أن بعض التصرفات حدت بسعيد إلى تحريك الرأي العام الرياضي الوطني في سياق اتصالات مع شخصيات وازنة وإقامة ندوة صحفية استدعى لها جل المنابر الإعلامية إلى محطة الدارالبيضاء، التي فضحت كل التصرفات التي أساءت إلى سمعة الرياضة الوطنية وألعاب القوى.. الإصلاح طال إدارة هذه الرياضة التي تم إنقاذها بمجيء الحاج محمد المديوري. ولعل النتائج شاهدة على هذا الحضور وسعيد عويطة كان طرفا حي تم تعيينه مديرا تقنيا وطنيا. ========= أغرب ما وقع خلال الندوة الندوة كانت مقررة بمنزل سعيد عويطة بحي كاليفورنيا بالدارالبيضاء، إلا أنها تحولت إلى أحد الفنادق بعدما وقع عطب الإنارة في هذا الحي الراقي من العاصمة الإقتصادية ورغم المحاولات لم يتم الإصلاح.. غريب ! أعده: عبد الجبار والزهراء